Author

معاناة الموانئ .. هل تنهيها إعادة الهيكلة؟

|
بسبب المشكلات الإدارية والتشغيلية في موانئ المملكة التي أثرت وبشكل واضح في أداء الموانئ عموما وعلى الأخص ميناء جدة الإسلامي, فقد تم الانتهاء من دراسة لإصلاح أوضاع الموانئ بعد أن بلغت حدا غير مقبول من عدم القدرة على الأداء بالكفاءة المطلوبة .. فهي مرافق عامة تساعد على إنجاز مشاريع التنمية وتدوير رؤوس الأموال وتحريك عجلة الاقتصاد التي لا ينقصها المعاناة في ظل ظروف عالمية لا يجهلها أحد اليوم. ومع تفهم الفارق الزمني منذ إنشاء المؤسسة العامة للموانئ حتى اليوم, فإن بقاء هذا الجهاز على حاله وهو البالغ الحساسية والتأثير في الحركة التجارية ومن خلفها الأوضاع الاقتصادية وأهمها التجارة الدولية, أمر يتطلب وقفة جادة لإنهاء معاناة الموانئ. لقد ظلت المؤسسة العامة للموانئ تدير بوابة التجارة الخارجية للمملكة بأسلوب تقليدي خنقه روتين إداري عقيم أدى إلى تكدس البضائع ومعاناة التجار الأمرين في التصدير والاستيراد حتى أصبح تخليص البضائع من الميناء غاية في الصعوبة يتطلب الاستعانة بالعلاقات في تخطي المعوقات الروتينية, في حين تعمل كل موانئ العالم بأسلوب إدارتها كقطاع خاص ربحي للدولة ومرونة عالية في تبني عمليات التشغيل والتطوير والاعتمادات المالية وهي تحتاج إلى إعادة هيكلة تشمل التنظيم والإدارة لتحقق للمؤسسة العامة للموانئ القدرة على العمل بالأسلوب التجاري, وهذا يتطلب تحويلها من مؤسسة تابعة إلى مؤسسة مستقلة ماليا وإداريا. إن ما انتهت إليه اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري من دراسة أولية لمشروع إعادة الهيكلة التنظيمية للمؤسسة العامة للموانئ سيتيح لها حل مشكلاتها ووضع طموحاتها موضع التطبيق, فالقرار سيكون ذاتيا ونابعا من الاحتياج والتفهم لطبيعة مرحلة ''سرعة الحلول'' وجودة الخدمة ورضا العملاء, وهي أهداف سهلة القول عسيرة التطبيق وعلى الأخص في المرافق الحكومية التي بدأت الخصخصة تأخذ من أطرافها ما هو قابل للتحول نحو المفاهيم التجارية, حيث تتحقق زيادة أرباح الدولة والمساهمة مع باقي المرافق ذات العلاقة في الوصول إلى عتبة المنافسة في سوق دولية لا تعترف سوى بالسرعة أو اللجوء إلى موانئ أخرى لتفريغ الحمولة والانتقال إلى عملاء آخرين لخدمتهم. ومن المستغرب أن تبقى الموانئ بعيدة عن فكرة الخصخصة أو الاستقلالية الكاملة لمؤسستها في حين سبقت موانئ أخرى قريبة وذات قدرة تنافسية عالية حتى أصبحت ميناء ترانزيت للبضائع لدول المنطقة وأسواقها التي تأتي في صدارتها سوقنا المحلية الضخمة التي تفتقد الخدمة الجيدة وسرعة الشحن والمناولة والتخزين والتفريغ بما لذلك من تأثير بالغ في إقبال التجار على الشحن البحري وثقتهم بسرعة تخليص صادراتهم ووارداتهم بسبب سوء استخدام الإمكانات وليس بسبب عدم وجودها أو نقصها. إن من المتوقع أن يحدث تغيير جذري في أوضاع الموانئ من حيث الأسلوب التشغيلي ليلائم احتياج السوق وحجم الطلب على خدمة الموانئ والتحول نحو الربحية لمؤسسات الدولة, والأرقام خير شاهد, فقد بلغت إيرادات المؤسسة العامة للموانئ في العام الماضي ثلاثة مليارات بزيادة على العام الذي قبله بما يفوق مليار ريال, وهذه الزيادة لم تأت من فراغ بل هناك تجربة تم فيها إسناد إدارة وتشغيل وصيانة بعض مرافق ومحطات الموانئ إلى القطاع الخاص لإدارتها بأسلوب تجاري تماشيا مع التوجه العام للدولة في التدرج في إحداث النقلة النوعية للمرافق العامة, وهو أسلوب أثبت نجاحه وآتى ثماره وقد حان الوقت نحو اكتمال هذا النهج بإعادة الهيكلة التنظيمية للمؤسسة العامة للموانئ.
إنشرها