المتخصصون مطالبون بدعم نشر الوعي حول إدارة المشاريع

المتخصصون مطالبون بدعم نشر الوعي حول إدارة المشاريع

إلى رئيس التحرير: نشرت جريدة ''الاقتصادية'' الغراء في 7/12/2009 م مقالا موفقا للدكتور سليمان بن علي العريني بعنوان ''مدينة جدة .. نموذج لإدارة المشاريع''. ولأهمية ما ذهب إليه الدكتور العريني أجد أنه من الواجب علينا كمتخصصين في إدارة المشاريع أن ندعم نشر الوعي حول ماهية إدارة المشاريع وأهميتها وطرق تطبيقها، خصوصا بعد اعتماد ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 1431/1432 هـ، حيث تواصل المملكة المضي قدما في مشاريعها التنموية. إن إدارة المشاريع اليوم وصلت إلى حد الاحترافية وأصبحت تخصصاً معتمدا في كثير من دول العالم، وما كان هذا الظهور والاعتماد العالمي لهذا التخصص إلا نتيجة طبيعية لحاجة المجتمعات إليه. في الماضي كانت مسألة إدارة المشاريع تبنى على الخبرة العملية وتستأنس بآراء ونظريات الإدارة العامة، أما اليوم وفي عصر التخصص أصبح هناك تخصصا قائما بذاته يركز على المشاريع وعوامل نجاحها، كما تعدى ذلك إلى الوصول إلى نظريات خاصة بالمشاريع كنظريات الإدارة المالية للمشاريع وما تشملها من نظريات دراسة التدفقات المالية للمشاريع وحساب التكلفة التقديرية للمشاريع وإدارة القيمة وإدارة المخاطر في المشروعات وإدارة الموارد ونظريات الجودة وغيرها كثير. كما ظهر عديد من الشهادات المهنية والمناهج الاحترافية لإدارة المشاريع مثل PMP & PRINCE2 وغيرهما. الواقع المعمول به في الشركات الضخمة مثل ''أرامكو'' و''سابك'' و''التحلية'' و''شل'' وغيرها يدلل على أهمية اتباع منهجية واضحة وثابتة مع اتسامها بالمرونة المنطقية المعقولة. كما أن المنهجية وسيلة مهمة لتوضيح المسؤوليات والمراحل للمشروع، وتعد وسيلة مهمة جدا في الضبط والتحكم في المشاريع. كما أنها تساهم بشكل كبير في دراسة المشروع وتتبع خطواته وتحديد معايير نجاحه وتحديد معايير الأداء له. وهي تؤمن المعلومة عن المشروع لجميع الأطراف وتطبق آلية للقرارات الخاصة بالمشروع وهي وسيلة ناجحة لتسجيل جميع المستندات التي أدت إلى اتخاذ قرار معين مدعوما بالدراسات والمعطيات التي أدت إلى ذلك القرار، كما أنها وسيلة لنشر الوعي والمعرفة حول المشروع ومتطلباته ومعطياته لجميع فريق العمل وبالتالي توفر الفهم الجيد لدى فريق العمل للعمل المقدمين عليه. الحادث الرهيب والكارثة التي حصلت في مدينة جدة في يوم عرفة لحج 1430هـ من سيول وأمطار غزيرة وما تبعها من أمر سام كريم من خادم الحرمين الشريفين وتشكيلة للجنة لتقصي الحقائق ومحاسبة المقصر لهو قرار حكيم من ملك اتشح بالحكمة. وكلنا أمل أن تصل هذه اللجنة إلى موقع الخلل وأن تستخلص توصيات تهتم بضرورة وجود آلية ومنهج لإدارة المشاريع في جميع القطاعات الحكومية. مع الأسف أعتقد جازما أن هذه اللجنة ستصادف الكثير من المشاكل والصعوبات في تحديد المسؤول وذلك بسبب عدم وجود منهجية إدارة المشاريع وعدم وجود ما يسمى Gating System الذي يسهل عملية تقصي الحقائق وتسهل عملية فحص القرارات السابقة الخاصة بمشروع تصريف مياه السيول والأمطار. النقاط الإيجابية لوجود منهج لإدارة المشاريع التي ذكرتها آنفا ستكون معدومة وبالتالي الحكم على قرار دون الرجوع إلى ما أدى إلى صناعة هذا القرار وعدم وجود مستندات تثبت آلية صناعة القرار في ذلك الوقت أخشى أن تكون معضلة رئيسة لتحديد المسؤول. النظريات الإدارية الخاصة بصناعة القرارات توضح جليا أنه المهم ليس القرار ذاته فهو عرضة للصواب والخطأ ولكن الأهم من القرار هو كيفية صناعة القرار والآلية المتبعة لصناعة القرار. فالإنسان مسؤول عن بذل الجهد وأما النتيجة فهي في علم الله، والشخص مسؤوول عن بذله للجهد وليس مسؤولا عن النتيجة فهو بشر يصيب ويخطيء. ولذلك شددت النظريات الإدارية المعاصرة على أهمية وجود آلية لصناعة القرارات وهذه الآلية تكون متضمنة لآلية الدراسات والاستشارات وتكون حصيلة جهد جماعي من متخصصين ولا يترك الأمر لصانع قرار فردي وهذا تفاديا للقصور البشري في العلم والمعرفة وسوء التقدير. الرأي الجماعي يقلل بالتأكيد من هذه المشاكل ولذلك تبنى آلية صناعة القرارات على ذلك والمسألة ليست فردية مطلقة. واقع ممارسة إدارة المشاريع وكما أشار إليها الدكتور العريني تبين نقصا في الكوادر المهنية المؤهلة علميا وعمليا لإدارة مشاريع الدولة العملاقة، ونحن نرى زملاءنا في الوقت الذي كنا فيه حديثي التخرج ''مهندسين حديثي التخرج'' يتحملون عبء التنسيق والمشاركة في إدارة مشاريع ضخمة تصل قيمتها إلى الملايين بل المليارات وهم غير مؤهلين لذلك. ولكن وجدوا من يرميهم في البحر ويقول لهم عليكم السباحة والنجاة. هذه المشكلة حقيقةً، وما التوصية التي أصدرها مجلس الوزراء السعودي في 5/1/2009 م بقيام وزارة المالية بالاشتراك مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بدراسة موضوع تطبيق منهج إدارة المشاريع من جميع جوانبه والرفع عن ذلك لمجلس الوزراء (خلال ستة أشهر من تاريخ صدور القرار) إلا دليل على وجود هذه المشكلة من نقص في الكوادر المؤهلة لإدارة مشاريع الدولة، وأرجو من الله أن تكون التوصيات لصالح هذا القرار وأن يتم تطبيقه عاجلا غير آجل. د. عبد الرحمن بن سالم باقيس [email protected]
إنشرها

أضف تعليق