من يحيي موتى الضمائر؟

من يحيي موتى الضمائر؟

من المفارقة العجيبة أن الموتى إذا ذكروا ترحم الناس عليهم وسألوا الله لهم المغفرة أما موتى الضمائر إذا مرّ ذكرهم استعاذ الناس منهم استعاذتهم من الشيطان الرجيم. عمل الشيطان قد يقتصر على الوسوسة والتزيين ولكن متعفني الضمائر يباشرون أعمالهم المشينة بكل صلف وكأن سعادتهم في عذابات الآخرين. موتى الضمائر لا تهزهم الأحداث التي هم سببا فيها ولا يعينهم بكاء طفل أو مظلمة لشيخ هرم أو التضييق على عجوز أنهكتها السنين أو مستقبل شاب كان يطمح أن يكون لبنة خير في أهله ومجتمعة. موتى الضمائر سعوا جاهدين في تمويت ضمائرهم اللحظة بعد الأخرى بكل اقتدار وكلما زاد الألم لدى الناس زادت ضمائرهم موتا. يا لهم من قساة يضحكون في زمن البكاء ويسرقون من غير حياء ويلفون أنفسهم بنزاهة وهمية كأنها خيوط بيت العنكبوت ويتقدمون الناس في أعمال الخير بنوايا خبيثة يخادعون الناس والله خادعهم من حيث لا يشعرون. الأمر المحزن أن موتى الضمائر يربون أبنائهم على أن تكون ضمائرهم اشد موتا وأكثر إيذاء للناس وكأن موت الضمير عقيدة يجب الحفاظ عليها وكأن الدنيا غابة الغلبة فيها للأقوى . الأقوى من ناحية التجبر لا من ناحية الإيمان والإخلاص. ليفوزا بهذه الفانية وينعموا بنعيمها ومبروك عليهم تحسب الناس ودعاء المظلومين عليهم صباح مساء. موتى الضمائر لا تحيى ضمائرهم إلا إذا ورآهم التراب وفتح عليهم باب الحساب.
إنشرها

أضف تعليق