البنت اللبنانية والمؤذن بن ماجد

البنت اللبنانية والمؤذن بن ماجد

ككل البنات اللبنانيات تذهب للسينما وتتسوق في أسواق بيروت وتلبس القصير والكعب العالي وتسرح شعرها مثل ممثلات السينما، وتتناول الكبة والتبولة وبرغل باللحمة وحمص بالطحينة والفتوش. وأيضاً ككل بنات حواء قدر الله لها الزواج. ولكن ممن ؟ سبعيني بسيط , ساقه قدره للعلاج في لبنان في أوائل السبعينات الهجرية. أتت ومعها بعض أحلام البنات بعد أن نُحر الفارس الممتطي للجواد الأبيض على سجل عقد النكاح. حطت الطائرة في مطار الرياض ومن ثم إلى بيت في الوسط حيث الديرة والظهيرة وبعد ذلك للمرقب والعود. دخلت بيت العائلة القروية التي إنتقلت فقط بإجسادها إلى العاصمة. عالم غريب وجُوه مكفهرة مستنفرة من فتاة غريبة , مخلوق غريب يتكلم كالطلاسم , يكادون يمزقونها لفك طلاسـمها. تتلوى من الجوع لاتعرف كيف تأكل من الجريش والمرقوق. حدث إستنفار لإنقاذ العروس الجديدة التي تترك شعرها الأسود الطويل يغطي ظهرها إلى حيث تبدءا التنورة القصيرة . ذكروا لهم محلات في شارع الوزير تبيع أطعمة يأكلها (الأجانب) فجلب لها زوجها الطعام على عجل, ومع كيد النساء والغيرة أصبح يأتي لها بالأكل خفية يخبئة السبعيني تحت بشته ويدلف به إليها . لم يدم طويلاً ذلك التهريب فأُرغمت وجُرِشت وذابت في مجتمعهم كجريشهم ورُقت كمرقوقهم ...وأضحت نجديةً أكثر منهم . ربما طوعاً لزوجها الذي احترمت كِبر سنه وما وجدته فية من كونه زوجاً من ذلك الزمان . فامتهنة الخياطة لتلك القرويات بفن الرفيقة لرفيق دربها . ومحافظة على دينها وكأنها تعوض ما فاتها من سنوات عمرها الثمانية عشر التي قضتها في بلادها قبل الزواج . فشظف العيش لم يمكنها من زيارة بيروت إلا بعد عشر سنوات مع عدد من الأولاد ولكن هذه المرة في لوري يأتي من لبنان بالبضائع ويعود محملاً بممن جرشتهم ظروف الحياة بين حجرِيها. هاهي كما دخلت الظهيرة غريبة تزور بيروت غريبة متسربلة بالعباءة وثوب "الكرته" . وشعراً مجدولا . وخضاب في يديها . ولهجة مهجنة سراوية بيروتية تستشف منها حُب فتاة عاشقة لرجل حقيقي !! فبعد عودتهم في لوري أيضاً , هذه المرة مع البضائع بخمس سنوات توفي الثمانيني . ومضت الحياة بها كما كانت فلا زالت تسمى الأشياء بأسمائها كما سمعتها أول مرة منذُ أكثر من خمسين عاماً . الصينية "طوفرية" , والثوب "مقطع" , وكلمات تراثية إختبأت في أفواه أصحابها من هول التطور السريع للرياض ولكنها لاتعترف بهذا فهي لاتزال تدور في فلك ذلك الزوج الطيب . فصيام الخميس والأثنين والأيام البيض لا يتم إلا بالإفطار مع الإذاعة بصوت المؤذن بن ماجد. ــ هيدا بن ماجد مأذن الشيوخ .
إنشرها

أضف تعليق