Author

السياسة المالية التوسعية للمملكة تنشط الاقتصاد المحلي وتسهم في تنشيط الاقتصاد العالمي

|
تميز عام 2008م بتحقيق إيرادات الدولة أرقاما قياسية، ولكن ظهور الأزمة المالية العالمية في نهاية العام والركود الاقتصادي العالمي الذي تزامن ونتج عنها, قاد إلى تراجع حاد في أسعار النفط, مما أجبر الدول المنتجة للنفط وأهمها المملكة على خفض الإنتاج للحد من التدهور الحاد في الأسعار. وقد أدى التراجع الكبير في أسعار النفط وتراجع إنتاج المملكة إلى تراجع إيرادات الدولة النفطية في عام 2009 بأكثر من نصف المستويات التي كانت عليها في عام 2008م. وكان التراجع في بداية عام 2009م حاداً وقوياً، ولكن تلاشي المخاوف تجاه ركود الاقتصاد العالمي حسن من أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2009م وعزز إيرادات النفط في النصف الثاني من العام. وأدى حدوث الأزمة المالية العالمية إلى عقد مجموعة العشرين عدة اجتماعات كان من أبرز نتائجها دعوة دول المجموعة لرفع الإنفاق الحكومي لتنشيط الاقتصاد العالمي والخروج من الركود العالمي، والحيلولة دون تحوله إلى كساد اقتصادي. وقد تجاوبت المملكة كعضو مسؤول بشكل إيجابي مع دعوات مجموعة العشرين لاستخدام السياسة المالية في تنشيط الاقتصاد العالمي. وبادرت المملكة إلى رفع الإنفاق الحكومي على الرغم من التراجع القوي للإيرادات العامة للدولة بقوة، وذلك للحد من تراجع النشاط الاقتصادي ودعم الحركة التنموية في المملكة، وتنشيط الطلب على الواردات العالمية مما أفاد الاقتصاد المحلي والعالمي. وتركزت الزيادة في الإنفاق الحكومي على تنفيذ مشاريع البنية الأساسية وخصوصاً المنشآت التعليمية. ومن حسن حظ المملكة وإدراك مسؤوليها لأهمية الحد من تأثير التقلبات الحادة في الإيرادات والنفقات، تجنبت الدولة إهدار الإيرادات القياسية التي تحققت خلال السنوات السابقة ورفعت من احتياطياتها المالية في أوقات الطفرة الاقتصادية. ومكنتها تلك السياسة من السحب من الاحتياطيات الكبيرة التي تجمعت في السنوات الماضية والإنفاق منها عند تراجع الإيرادات، وهو ما حدث فعلا في عام 2009م. وساعدت تلك السياسة على تجنب الاقتراض لسد العجز في الميزانية مما وفر مزيدا من السيولة للقطاع الخاص وعزز فرص تعافيه من الركود الاقتصادي العالمي الذي يواجهه. كما استمرت الدولة في تسديد سندات التنمية والسندات قصيرة الأجل لتوفير مزيد من السيولة وعدم منافسة القطاع الخاص على التمويل. وتشير بيانات الميزانية الجديدة إلى استمرار التوسع في الإنفاق للسنة المالية المقبلة، واستمرار تنشيط الدولة للاقتصاد الوطني، والاستمرار في الإنفاق الكبير على مشاريع البنية الأساسية والتنمية البشرية، والعمل على رفع رفاهية المجتمع، وتحمل مسؤولياتها تجاه الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن يشهد عام 2010م انتعاشا اقتصادياً عالمياً بطيئاً مما سيدعم الطلب العالمي على النفط ولكن بنسب محدودة، وهذا سيساعد على الحفاظ على أسعار النفط عند مستويات مقبولة مما سيحسن من مستويات الإيرادات الحكومية المتوقعة لعام 2010م. ومن المتوقع أن يتراجع العجز في ميزانية الدولة إلى مستويات منخفضة وقد يتم تحقيق فائض بسيط خلال عام 2010م. أما بالنسبة للناتج المحلي الاسمي فمن المتوقع أن يتراجع بنسبة كبيرة في عام 2009 بسبب التراجع الكبير في أسعار النفط وإنتاجه. ومع ذلك فسيشهد عام 2009 نمواً في الناتج المحلي غير النفطي الاسمي والحقيقي. وسيتحسن الوضع الاقتصادي خلال العام المالي المقبل وسيعود الناتج المحلي الاسمي والحقيقي للنمو في العام المقبل. وبالنسبة للأسعار فقد خفض التباطؤ الاقتصادي العالمي من الطلب العالمي على كثير من السلع والخدمات, مما أدى إلى تراجع أسعار كثير من السلع في عام 2009م. ونتيجةً لذلك انحسرت موجة التضخم العاتية التي كانت سائدة في عام 2008م مما ساعد على خفض الارتفاع في تكاليف معيشة المستهلك في عام 2009م إلى نحو نصف مستوياتها في عام 2008م. ومن المتوقع أن يشهد عام 2010 استقرارا في معدلات التضخم في المملكة, وقد يتراجع إلى نحو 4 في المائة خلال العام.
إنشرها