Author

ملكٌ.. يكبر بتواضعه كلما كبرت إنجازاته !

|
حينما يتحدث الملك بلسان المواطن وهو يعلن ميزانية الخير والنماء، فهذا يعني قمة المسؤولية، وهي تتجسد في هذا التماهي الفريد ما بين القيادة في رأس هرم الحكم والمواطن الذي تتجه إليه هذه الميزانية، لتعبّر عن واقع مختلف في إدارة الدولة لا وجود لأي فاصل فيه ما بين تطلعات القيادة وأحلام المواطنين. كانت الميزانية بأرقامها الضخمة مذهلة، وتنبئ عن فتح آفاق جديدة للتنمية البشرية في هذا الوطن بشكل غير مسبوق، غير أن كلمات الملك التي تلت خطاب الميزانية الرسمي كانت أكثر إدهاشا، لأنها وازنت ما بين منجزات الدولة في العطاء وتأمين كل القنوات لحشد هذه الأرقام، وبين حرص القيادة وحلمها المشروع في أن تترجم هذه الأرقام إلى عمل حقيقي وناجز، يلمسه المواطن يوما بيوم. فحينما يتوجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - إلى أصحاب السمو والمعالي الوزراء قائلا: “المهم إخواني عليكم إتمام هذه الميزانية بجد وإخلاص وسرعة وعدم التهاون في كل شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بينت.. ضائعة.. لكني آمل منكم الذي يجد تقصيرا من أي أحد ومنهم وزير المالية أن يخبرني، لأنه لا يوجد تقصير أبدا أبدا، واللوم إذا جاء يجيء على الوزير فقط.. أرجوكم وهذه خدمة لدينكم ووطنكم ومستقبل أمتكم...”.. حينما يأتي الخطاب الملكي بهذه الشفافية التي تنحاز للوطن والمواطن، ويتحدث بلغة المواطن، فهذا لا يعني إلا شيئا واحدا، وهو أن هذا الزعيم العظيم لم ينشغل بزهو هذه الأرقام الفلكية التي حققتها الميزانية في عهده وبقيادته الحكيمة، لأن ضميره لا يتجه إلا للوطن والمواطن، والعمل على استخدام هذا المال بمنتهى الأمانة والإخلاص من أجل خدمة الدين والوطن والأمة، وهي لغة الكبار التي لا يجيدها إلا من منحه الله سمات هذا الملك الإنسان، الذي يكبر بتواضعه كلما كبرت إنجازاته، ويندفع بتطلعاته لأبنائه إلى ذرا المجد والسؤدد والرخاء، كلما فرغ من تحقيق منجز وطني جديد، ذلك لأنه ما غادر صف المواطن لحظة واحدة، فهو يستبق مواطنيه دوما إلى مطامحهم وأحلامهم وآمالهم، ليكون هو بوصلتها ومحركها والساهر على ترجمتها كوقائع حية تتحرك على الأرض. لا يُمكن أن يوجد زعيم أو قائد يُنجز مثل هذه الموازنة المهيبة، يستطيع أن يتجاوز إغراءات المجد فيها، ليذهب إلى هذه اللغة الشفافة التي تتواضع رغم ضخامة الانتصار على كل هذه الظروف والعواصف المالية الدولية التي عصفت ولا تزال تعصف بأقوى الاقتصادات.. ليأخذ هذا المنحى المكتظ بقيم المواطنة، ونبل الغايات، وسمو الأهداف في حديث ينبع من القلب الذي يتدفأ بعاطفة الوطنية، وبالشغف الحميم لهذه الأرض الطيبة بثراها وبأبنائها، كما لو أنه يتحدث بألسنتهم، ويحاكي أحلامهم.. لا يُمكن أن يحدث هذا أبدا إلا أن يكون هذا الزعيم هو عبد الله بن عبد العزيز الملك المواطن، الذي تتحول الإنجازات - مهما عظمت - بين يديه إلى سلّة من الزهد، ما لم يرها نباتا يخضّر به الوطن، وصروحا يزدهي بها، ورداء من الرخاء العميم يكسو كل مواطن.. هذا الهاجس الوطني المترع بالشهامة الفذة، هو ما تترجمه هذه الكلمات المسؤولة التي أراد - يحفظه الله - أن يجعلها عنوانا للعمل الخلاق في مملكة الخير والإنسانية، التي باتت تسابق ذاتها بقيادته الأبوية الحكيمة في جميع ميادين العطاء الصادق، والعمل الدؤوب.
إنشرها