Author

لا مؤامرة غربية على دبي

|
أزعم بعدم وجود مؤامرة تقودها وسائل الإعلام المختلفة للدول الغربية ضد إمارة دبي وذلك على خلفية تأخر مؤسسات مملوكة لحكومة دبي في الوفاء ببعض الالتزامات المستحقة. والإشارة هنا إلى قرار مجموعة دبي العالمية بتاريخ 25 تشرين الثاني (نوفمبر) بتأجيل تسديد سندات بقيمة 3.5 مليار دولار مستحقة على شركة نخيل بتاريخ 14 كانون الأول (ديسمبر) الجاري أي يوم الاثنين المقبل لفترة قدرها ستة أشهر. تعتبر شركة نخيل الذراع العقارية لمجموعة دبي العالمية والتي بدورها تعد واحدة من أهم المؤسسات الاستثمارية التابعة لحكومة دبي. وكأحد المنتديين في منتدى الإعلام الاقتصادي 2010 في دبي في الأسبوع الماضي شددت على الابتعاد عن نظرية المؤامرة والتي تظهر عادة وقت الأزمات وهي مسألة محببة عندنا. الأمر المؤكد هو أن ردود الأفعال الغربية جاءت انعكاسا لقرار صريح وسيادي تمثل في تأجيل جانب من المستحقات المالية. وسائل الإعلام لا ترحم من جملة الأمور، طالبت بالاعتراف بأن الإعلام الغربي متقدم بخطوات عن الإعلام العربي والخليجي والإماراتي وعليه المطلوب التكيف مع هذه الحقيقة. وعلى هذا الأساس، ليس من الصواب الدخول في حرب خاسرة مع وسائل الإعلام الغربية. في المقابل، طالبت بإفساح المجال أمام مستثمري القطاع الخاص لامتلاك وسائل إعلام مثل التلفزيون وتبني قانون عصري للصحافة يبتعد عن إطلاق التهديدات ضد الصحافيين. فقد كشفت التجربة عن وجود نقص في البنية التحتية للإعلام الاقتصادي المحلي بشكل خاص رغم احتضان دبي لمدينة متخصصة في مجال الإعلام. وأكدت أن وسائل الإعلام في الغرب عادة تكون قاسية وقت الأزمات بدليل تعاملها بقسوة مع الولايات المتحدة والتي انطلقت منها الأزمة المالية العالمية. وقد مورس بحق الولايات المتحدة الكثير من الضغوط المطالبة بإعادة ترتيب بيتها المالي وأنظمتها التشريعية المالية بعد أن كشفت الأزمة بتورط بعض المؤسسات المالية الأمريكية العملاقة وفي مقدمتها ''ليمن براذر'' و''فاني ماي'' و''فريدي ماك'' العاملة في مجال الاستثمارات والقروض العقارية, إضافة إلى شركة أي جي إم العاملة في مجال التأمين. بدورها تعرضت أيسلندا لحملة إعلامية شديدة من جانب بريطانيا بعد ظهور مشكلات أوحت بعدم قدرة بنوكها للوفاء ببعض التزاماتها التابعة لمجموعات بريطانية بسبب الأزمة المالية. انكشاف البنوك البريطانية وليس من المستبعد تشدد وسائل الإعلام البريطانية أكثر من غيرها بسبب تورط مؤسسات مالية بريطانية في سوق التمويل في الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص. فحسب مصادر دولية معتبرة مثل بنك التسوية، تسهم البنوك البريطانية بنحو 59 مليار دولار من أصل 130 مليار دولار حجم الانكشاف المصرفي الدولي في الإمارات. بل تعتبر المؤسسات المالية البريطانية من اللاعبين الرئيسين في سوق التمويل في دبي بدليل قيام ''رويال بنك أوف سكوتلند'' بترتيب قروض بقيمة 2.3 مليار دولار لصالح مجموعة دبي العالمية منذ بداية عام 2007. كما يعد مصرف إتش إس بي سي منكشفا بواقع 17 مليار دولار في السوق الإماراتية. أيضا هناك انكشافات بمليارات الدولارات لكل من ''ستاندراد تشارترد بنك'' و''باركليز بنك''. وعليه هناك تخوف من وسائل الإعلام البريطانية على مصالح المؤسسات البريطانية ما يعد أمرا طبيعيا. زعل دبي ليس في محله بدورنا نرى زعل بعض الجهات في دبي من وسائل الإعلام الغربية ليس في محله. نعتقد أن السلطات في دبي لم تكن موفقة في عملية إدارة الأزمة بدليل عدم وجود خطة إعلامية لمواكبة القضية من بدايتها. كما أن اختيار تاريخ يتزامن مع عطلة عيد الأضحى فضلا عن مناسبة اليوم الوطني للإعلان عن التأجيل ربما أوحى بوجود نية غير صادقة. حقيقة القول، يعتبر الإعلان عن النتائج في نهاية دوام الأسبوع أمرا شائعا ويهدف إلى امتصاص الصدمة. لكن ما حدث هنا هو تزامن الإعلان مع مناسبتين في آن واحد، ما يعني إغلاق الأسواق المحلية لفترة. لكن ما ينطبق على الأسواق ووسائل الإعلام المحلية لا ينطبق بالضرورة على التطورات الدولية وخصوصا في عصر العولمة. هناك حكمة تقول إن المرء حر في اختيار القرار وليس في تداعيات القرار. فقد تمتعت سلطات دبي بكامل الحرية في اتخاذ قرار تأجيل دفع بعض الالتزامات المالية لفترة زمنية، لكن ليس بمقدور الجهات الرسمية في دبي تحديد مستويات ردود الأفعال المحلية منها والإقليمية والدولية, حيث إنها متروكة لعوامل خارج السيطرة. ختاما المطلوب من المسؤولين في إمارة دبي إعداد العدة لمواجهة المستحقات المطلوبة في السنوات القليلة المقبلة. يزيد حجم مديونية دبي على 80 مليار دولار نصيب مجموعة دبي العالمية منها 59 مليار دولار. والأهم من ذلك، يعتقد بوجود مستحقات بنحو 49 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات وتحديدا 12 مليار دولار في عام 2010 و19 مليار دولار في 2011 فضلا عن 18 مليار دولار في 2012. وقد كشفت مستويات ردود الأفعال الدولية عند تأجيل دفع مستحقات بقيمة 3.5 مليار دولار بأن الخطأ ممنوع.
إنشرها