Author

لماذا تتحمل الحكومة 66% من السعر الحقيقي للبنزين؟ 

|

رئيس المعهد الدولي للطاقة والبئية والتوقعات الاستراتيجية

[email protected]

 

في الحلقة الثالثة من ملف الشهر ''استهلاك البنزين'' يورد الدكتور راشد أبانمي (استراتيجي وخبير في شؤون الطاقة) بيانات تكشف أن الحكومة تتحمل 66 في المائة من أسعار البنزين حاليا. يقول المحلل في هذه الحلقة إن مشكلة الاستهلاك المفرط للوقود هي مشكلة تعانيها دول العالم قاطبة وبنسب متفاوتة، ولكن لا بد أن ننطلق من القناعة التامة بأن الاستهلاك المفرط في أي من المواد الاستهلاكية بغض النظر عن قانون العرض والطلب، ولو لم يكن هنالك نقص في المعروض، فإن ذلك الاستهلاك مرفوض لكونه يوضع في خانة التبذير المنهي عنه دينيا ودنيويا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الاستهلاك المفرط في الوقود بوجه الخصوص له أضرار مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد بشكليه الكلي والجزئي. ## نص المقال (( أزمة نقص الوقود «البنزين والديزل» الحالية، وما ترتب عليها من اللجوء إلى الاستيراد من الخارج لسد النقص في الاستهلاك المحلي من البنزين، تصيب عامة الناس بالذهول وعدم تصديق تلك الظاهرة غير الطبيعية لبلد يملك أكبر ثروة نفطية في العالم، ولكن قبل الخوض في موضوع شائك مثل استيراد المملكة للوقود من الخارج، يحب علينا التمعن ملياً في هذا الأمر من عدة جوانب ومحاولة إيجاد الخلل الذي أحدثته تلك الظاهرة غير الطبيعية والمناقضة للعقل بسبب مركز التنافر فيها وهو استيراد أحد مشتقات النفط في بلد يطفو على أكبر بحيرة للنفط وأكبر مصدر للنفط، بل حتى أنه مسؤول عالمياً عن تلبية استهلاك وحاجيات العالم من النفط! في هذا المقال سنحاول البحث عن السبب الرئيس وراء هذه المفارقة أو ذلك التنافر غير الطبيعي، ومحاولة تقصي السبب أو الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك الخلل، وفهم هذه الظاهرة وأسباب حدوثها، حتى يسهل علينا فهمها وإمكانية إلقاء الضوء على الحلول المتاحة لنا. عند تحليل أزمة نقص الوقود والحاجة إلى استيراده من الخارج لسد النقص في الاستهلاك المحلي، تظهر جملة من المواضيع وهي مواضيع متداخلة وشائكة بعضها مهم وآخر أهم من المهم. لكن أول ما يتبادر إلى الذهن هو الجهة المختصة في ذلك وهي بالطبع شركة أرامكو، أي الشركة الوطنية الكبرى والمختصة بقطاع النفط وما يتعلق به من إنتاج وتصدير وتكرير وبيع و''استيراد''. وقبل أن نغوص في بحر من الأسباب الكامنة وراء تفاقم مشكلة تزايد الاستهلاك المفرط في الوقود فإن الحاجة إلى استيراده من الخارج تقلق المواطن العادي، وفي رأيي أن استيراد الوقود من الخارج في حد ذاته فيه خدش لسمعة شركة أرامكو التي تعد رهان الوطن والمواطن وما عرف عنها من الدقة في التخطيط والتنظيم السليم والجودة والسلامة، مهما تكن المسببات وراء الاستيراد، تجعل المواطن العادي يرى أن الحاجة إلى استيراد الوقود من الخارج في وضع كوضع المملكة التي تنتفي الحاجة فيه إلى استيراد المواد الخام من الخارج لتصنيع مشتقاته أي البنزين أو الديزل، في رأيي أن هذه الخطوة، أي الاستيراد لسد النقص، ناتجة عن تباطؤ في أداء شركة أرامكو واجبها الوطني وما يتناسب مع إمكاناتها ودخلها الهائل، ولربما تبادر إلى ذهن البعض, وخصوصاً من يلتمس العذر لهذا الرمز الوطني، أي شركة أرامكو، أن السبب اقتصادي في الدرجة الأولى، وأن استيراد البنزين أقل تكلفة من إنتاجه محلياً، حالها حال أغلبية المنتجات المستوردة من الخارج! ولكن هذه التبرير غير منطقي، فالبنزين ليس حاله كحال السلع المستوردة الأخرى، أي ليس هناك ''بنزين تايواني'' أو ''بنزين ألماني''، فالمملكة تمتلك النفط الخام، وإنتاج البرميل من النفط الخام لا يكلف ''أرامكو'' أكثر من دولارين، أما تكرير النفط فهو صناعة تحويلية وغير معقدة ويتم في معامل لا تبعد إلا بضعة أمتار من نقطة إنتاج الزيت الخام، وبإمكان تلك المصافي التحويلية الحديثة إنتاج ربما أكثر من برميلي بنزين إضافة إلى الديزل والمشتقات الأخرى عند تكرير ثلاثة براميل نفط خام، فلا يوجد تحديات لـ ''أرامكو'' كمثل التحديات التي تواجهها معظم دول العالم الأخرى في إنتاج البنزين من برميل النفط الخام الذي يكلف الدول الأخرى عشرات أضعاف ما يكلف شركة أرامكو إنتاجاً أو شراء. #2# ومن هنا نرى نقطة التنافر والمفارقة الكبيرة وهي أن المملكة تستورد البنزين والديزل من بعض تلك الدول الذي يكلفها النفط الخام استيرادا أو إنتاجا أضعاف ما يكلف شركة أرامكو لإنتاج المشتقات المكررة، بل إننا نستورد الوقود من دول هي نفسها تشتري من ''أرامكو'' البترول الخام يسعر يفوق أضعاف أضعاف تكلفته على شركة أرامكو، وتدفع تلك الدول إضافة إلى ذلك أجور النقل والتأمين ... إلخ، وبعد أن يتم تكريره وينتج منه البنزين والديزل والمشتقات الأخرى، تقوم شركة أرامكو بشراء تلك المشتقات بالسعر العالمي - وفي أحيان كثيرة تقايضه بالنفط الخام، ثم تعيده إلى المملكة بعد أن ندفع مبالغ مضاعفة وأجور النقل والتأمين والتكاليف الأخرى. وبالتالي استنزاف كبير لعوائد المنتجات المكررة التي تفوق أضعافا عديدة قيمة النفط الخام المباع. وهنا علامتا الاستفهام والتعجب؟! يبدو أن مواطن الخلل أعمق من ذلك بكثير، أي أنه خلل في البنية الهيكلية وكذلك في التوجه الاقتصادي الكلي وما كشفت عنه تلك الأزمة ''أي نقص الوقود'' من متناقضات باهظة التكاليف ويتحملها الاقتصاد الوطني، وهي أنه على الرغم من تكاليف شراء واستيراد الوقود الباهظة بشكل مباشر على اقتصادنا الكلي إلا أنه من وجهة نظر ''أرامكو'' يعتبر أوفر''دفترياً'' لعمليات شركة أرامكو أن تقوم بتصدير النفط وبيعه لإحدى المصافي العالمية بالأسعار العالمية، بدلاً من توجيهه للمصافي المحلية بسعر التكلفة وبالتالي ضياع أرباح مفترضة من جراء بيعه مباشرة عالمياً كنفط خام، ومقايضته بشراء الوقود في المقابل وحساب الفروقات كتكلفة التكرير. ومن هنا ترى ''أرامكو'' أنها تكسب من بيع النفط الخام عالمياً أضعاف ما تكسبه من أن توجهه للمصافي المحلية، كما هو متبع وبعد إضافة تكاليف تكريره في المصافي المحلية يتم بيع المنتج النهائي بأسعار تقل كثيراً عن بيعه عالمياً كنفط خام، لذا ترى ''أرامكو'' أن التوجه السليم من جانبها هو سد النقص المحلي باستيراد البنزين بالسعر العالمي ومن خلال مقايضته بالنفط الخام لإحدى المصافي العالمية, التي، أي ''أرامكو''، ربما تكون شريكا فيها، ودفع الفروقات بين سعر النفط الخام وسعر البنزين واعتبار تلك الفروقات (أي بين سعر البرميل من النفط الخام وبرميل الوقود ولنفترض أنها نصف برميل من النفط الخام أو 40 دولارا) هو سعر تكلفة التكرير عليها، بينما إذا كان الوقود مستخلصاً محلياً فإن الفرق بين سعر برميل النفط (أي 80 دولاراً) ناقصاً سعره بعد إضافة تكاليف التكرير محلياً (أي أقل من 25 دولارا) يكون الفرق نحو 55 دولارا، أي أن هناك خسارة مقيدة دفترياً على ''أرامكو'' بـ 55 دولارا، ولذا فترى ''أرامكو'' أن بيعه خاما عالمياً بـ 80 دولارا وشراء الوقود بعد إضافة التكاليف الأخرى ـ أي بـ 120 دولارا، يعني بمقايضة برميل ونصف من النفط الخام ببرميل من الوقود. وهذه المقايضة بالطبع أوفر دفترياً لحسابات ''أرامكو'' بنحو عشرة دولارات للبرميل. هذا المنهج الحسابي المبسط لمنطقيته في عدد من الجوانب، ربما يشرح وجهة نظر ''أرامكو''، إلا أنه يغفل الخسارة الحقيقية التي تدفعها الدولة من جراء ذلك، وهي أن سعر برميل النفط الخام الموجه لتكريره داخلياً هو سعر تكلفة إنتاجه وهو أنه في حدود الدولارين أي أنه ليس 80 دولاراً كما هو السعر العالمي، وأنه بعد إضافة نحو دولارين إلى ثلاثة كتكلفة تكريره يصبح سعر تكلفة برميل البنزين المكرر محلياً وعلى الدولة هو في حدود خمسة إلى عشرة دولارات، وإذا تم بيعه بالسعر المحلي ''المدعوم'' بـ 25 دولاراً، يكون هامش ربح الدولة من ذلك هو في حدود 15 إلى 20 دولاراً. بينما استيراد الوقود من الخارج يكلف الدولة شراءه بـ 110 دولارات وتبيعه داخلياً بـ 25 دولارا أي بخسارة 85 دولارا، أي أن هناك خللا في المعادلة وتضاربا في الرؤية بين استيراد الوقود من الخارج الأوفر دفترياً لشركة أرامكو ولكن في الوقت نفسه فيه استنزاف كبير للاقتصاد الوطني. فأين يكمن الخلل؟ يكمن الخلل في زاويتين مهمتين الأولى هي فرض سلوك اقتصادي يقوم على الدعم'' أي دعم أسعار النفط على شركة أرامكو التي تنتهج منهجاً معاكساً لذلك ومبنيا على نظام صارم بمعايير التاجر وهدف الربح وتجنب الخسارة البينية، وأي سلوك يخالف تلك المعايير الصارمة التي تتبعها شركة أرامكو، ينتج عنه هدر للأموال البينية ويذهب إلى غير محله، نظراً لأن ''أرامكو'' تنطلق من منطلق أن سعر البرميل من النفط الخام الذي تنتجه هو السعر العالمي، لذا فإن استيراد الوقود من الخارج بحجة أنه أرخص من إنتاجه محلياً فيه التفاف حول النقطة الأساسية وهي تفادي التكلفة الناشئة من تسعيرة البنزين المنخفضة محلياً مقارنة بسعره العالمي. فمن النظرة الاقتصادية المتجردة لـ ''أرامكو''، فإن كل برميل منتج يجب أن يكون سعره مطابقاً للسعر العالمي، وأن توجيه أي من النفط الخام المنتج لإحدى المصافي الداخلية بسعر التكلفة أي بدولارين، وبعد أن تضيف عليه خمسة دولارات كتكلفة مفترضة لتكرير برميل من النفط، وبيعه محلياً في حدود 25 دولارا (159 لترا X 60 هللة) على هيئة مشتقات نفطية للبرميل مقارنة ببيع البرميل من النفط الخام عالمياً بـ 80 دولارا، فإن شركة أرامكو ترى أن في ذلك خسارة بينية بين كمية إنتاجها من النفط الخام وبين وارداتها، وبغض النظر عن المردود الكلي للدولة كما سبقت الإشارة إليه، فـ ''أرامكو'' ترى أن بيعه كنفط خام عالمياً بـ 80 دولارا أجدى لها من أن تبيعه، وبعد إضافة تكلفة التكرير بأقل من سعر برميل النفط عالمياً. وربما ترى ''أرامكو'' من هذا المنطلق وكنظرة التاجر أن ذلك أوفر بكثير من إنتاجه وتكريره, فبيع النفط خام يحقق للشركة أرباحاً أكبر من بيعها مشتقاته في السوق المحلية، ناهيك عن تكاليف تكرير تلك المواد وتوليفها لإنتاج البنزين. من هنا لا بد من الاستمرار في الحفاظ على تلك القيم والمعايير التي تنتهجها شركة أرامكو, بل لا بد من أن نشجعها بالتمسك بآليات السوق من منطلق الجدوى الاقتصادية لعمليات الشركة التي لا غبار عليها، ولكن وفي الوقت نفسه القيام بتصحيح الخلل الأكبر والملموس وهو في بنية الشركة الهيكلية بشكل عام، ورفع مستوى الشفافية بين ما يتعلق بإنتاج النفط وبيعه خاما وبين ما يتعلق بالصناعات التحويلية ''تكريره'' وبيع منتجاته المكررة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يجب علينا التمعن في الاتجاه الاقتصادي العام وتقصي جدوى الدعم الحكومي وتشخيصه ووضع الحلول المناسبة على جميع المستويات. ## أولاً: فصل قطاع عمليات الإنتاج عن عمليات التكرير إن من الأولويات العمل على فصل قطاع عملية التكرير أو ما يعرف بالصناعة التحويلية المعروفة بـ DOWN STREAM كونه نشاطا تجاريا منفصلا ومستقلا عن قطاع الأعمال الأساسية أي UPSTREAM المتعلقة بالاستكشاف والحفر والإنتاج التي تعد قطاعا منفصلا تماما, وذلك بإنشاء شركة وطنية أخرى ومختصة في قطاع الصناعات التحويلية أي التكرير وتسويق المنتجات النفطية، تحل محل شركة أرامكو في إنشاء وامتلاك المصافي داخل المملكة وخارجها، وشراء النفط الخام محلياً من ''أرامكو'' وبالسعر العالمي السائد، وبالتالي يكون لديها ميزة التنافسية العالمية لقربها من منابع النفط وتوفير الأجور الباهظة المتعلقة بالنقل والتأمين... إلخ، على أن تقوم تلك الشركة بتسويق مشتقاتها النفطية لتلبية الاستهلاك المحلي وربما الدولي بالأسعار العالمية. وهذا بالتأكيد سيعمل على تلاشي الأموال المهدرة التي تذهب للخارج دون ضوابط. وهذا الشق ربما يجعل هناك وضوحاً وتوازناً في الرؤية والشفافية المطلوبة. فلا شك أن صناعة النفط التحويلية إلى مشتقاته المكررة ستكون لها مميزات تقنية واستراتيجية كبرى كما هي الحال مع الصناعات الأساسية الأخرى مثل تحويل الغاز الذي كان في شبه المعدوم سابقاً، والآن يتم تحويله إلى مواد بتروكيماوية وداعماً أساسيا للدخل القومي. ## ثانياً: الاتجاه الاقتصادي العام وجدوى أسعار الوقود المدعومة كما أن الواجب يحتم علينا ألا نتجاوز الخلل الأكبر الذي أفرز أزمة نقص الوقود, وهو استمرار نمو الطلب على البنزين مدفوعاً بالاستهلاك المتنامي وغير المسبوق وبمعدل سنوي يقارب 8 في المائة منذ أن خفضت الحكومة أسعار الوقود، وهو ما يحمل الدولة أعباء اقتصادية كبيرة وخصوصاً بسبب أسعار البنزين والديزل المدعومة من الدولة، أي أن الدولة تتحمل نحو الثلثين من سعر الوقود للمستهلك محلياً، لذا فإن الحد من الاستهلاك المحلي المفرط للوقود سيصحح هذا الخلل. وعليه يجب أن نقف أمام تلك الحقائق ونتعامل معها من عدة وجوه، بحيث لا يكون فيها ضرر ولا ضرار لا على الوطن ولا على المواطن. فمشكلة الاستهلاك المفرط للوقود هي مشكلة تعانيها دول العالم قاطبة وبنسب متفاوتة، ولكن لا بد أن ننطلق من القناعة التامة بأن الاستهلاك المفرط في أي من المواد الاستهلاكية بغض النظر عن قانون العرض والطلب ولو لم يكن هنالك نقص في المعروض، فإن ذلك الاستهلاك مرفوض لكونه يوضع في خانة التبذير المنهي عنه دينيا ودنيويا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الاستهلاك المفرط في الوقود بوجه الخصوص له أضرار مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد بشكليه الكلي والجزئي وكذلك له تبعات سلبية أخرى بيئية واجتماعية وصحية لا يتسع المقام هنا للخوض فيها. ومن هذا المنطلق فالواجب يحتم علينا ترشيد الاستهلاك المفرط في هذه المادة الحيوية. ولكن يبقى محور التساؤل: كيف نعمل كحكومة ومواطنين سوياً وبتوازن فاعل على كبح الاستهلاك المفرط في استخدام تلك المادة الحيوية وكيفية ترشيد استهلاكها بما يعكس التكلفة الحقيقية لتلك الموارد النفطية ومن دون أن يكون في ذلك ضرر على المواطن الذي من واجب الحكومة أن تضمن له مستوى معيشياً متوازناً من خلال توجيه إيرادات ومدخرات الدولة لتوفير احتياجات المواطنين الأساسية، مثل المواصلات. إن الاستهلاك المفرط الذي نواجهه الآن هو مشكلة نمت وتطورت على مدى فترة زمنية وبسبب ظروف كانت ملائمة لنموها، وعليه لا بد من مواجهة الظروف التي فرضت على المواطن الحاجة إلى استهلاك تلك المادة بهذا الحجم ومن ثم محاولة وضع الحلول لكل جزئية منها على حدة, ومن مجموع تلك الحلول سيكون الحل الكلي لتلك المشكلة. كما أنه من ذلك المنظور فإن دعم الأسعار لسلعة ما ومن دون ترشيد أو تقنين وتنظيم صارم هو في نهاية المطاف هدر للأموال والموارد بجميع المقاييس ويذهب إلى غير محله وبزيد في الاستهلاك. لذا فإن إلغاء الدعم على سعر وقود السيارات هو أيضاً من الأولويات، ولكن يجب في الوقت نفسه تعويض المواطن مباشرة ببدل محروقات وذلك من خلال زيادة الرواتب والمعاشات بواقع تلك النسبة كعوض لتكلفة غلاء محروقات خاصة وتضاف لدخلهم الشهري، حيث يتم تعويضهم من خلال شرائح المجتمع بمن فيهم المنتسبون للضمان الاجتماعي وجميع عمال وموظفي الدولة والمتقاعدون وموظفو القطاع الخاص أي لجميع شرائح المجتمع على تحمل التكاليف الإضافية على المحروقات إذا هم اختاروا الاستمرار في استهلاك الوقود بالوضع الحالي، ولكن بالتأكيد سيلجأ معظم تلك الأسر إلى صرف بدل المحروقات ذلك إلى أولويات المعيشة الأخرى الذين هم أكثر حاجة إليها من صرفها على الوقود، مما سينتج عنه بالتأكيد ترشيد طوعي لاستهلاك الوقود. كما أن على الحكومة واجب اتخاذ إجراءات أكثر عملية وصرامة تبدأ بنفسها أولاً وأجهزتها ومنشآتها, وذلك بأن تقوم الحكومة مثلاً بالحد من استخدام المواصلات الخاصة والاستهلاك المفرط للوقود من قبل الأجهزة الحكومية ومؤسساتها والتوجه مثلاً إلى إلغاء بطاقات البنزين المجانية التي تقدم للموظفين والتوجه إلى تقييد كل منشأة حكومية بدفع قيمة الاستهلاك الفعلي للوقود وبالتكلفة الحقيقية, ووضع معايير محددة وصارمة لترشيد استهلاك الوقود لكل الأجهزة الحكومية، كما أنه من الواجب العمل بشكل فوري على تطوير أنظمة المواصلات العمومية وتنظيمها لجعلها أقل تكلفة وزيادة الطرقات المخصصة للنقل العام، وكذلك إدخال وسائل نقل حديثة وفاعلة لنقل الطلاب والطالبات لجميع المدارس وبمراحلها المختلفة مما سيسهم في خفض استهلاك الوقود، ويوفر بدائل ملائمة تجعل الناس أمام خيار التخلي عن سياراتهم الخاصة التي ستكون أكثر تكلفة من تلك البدائل التي تتوافر في أنظمة النقل العام وخدماته، كما أن من الأولويات كذلك رفع مستوى الطرق بشكل عام وإقامة خطوط داخلية في المدن وعبر المدن للمترو وللسكك الحديدية والقاطرات والحافلات التي بدورها ستفيد البلاد كثيرا لفترة طويلة مقبلة وستكون إرثا دائما للأجيال المقبلة بمشيئة الله)).
إنشرها