الأصالة شعار«صنع في سويسرا» من أجل حماية العلامات التجارية من التزييف

الأصالة شعار«صنع في سويسرا» من أجل حماية العلامات التجارية من التزييف

رفعت صناعة الساعات السويسرية حملة شعارها «الساعات المزيفة هي للأشخاص المزيفين، اشتر الساعات الأصلية....اشتر الحقيقية» وكان الهدف من هذه الحملة القضاء على الطلب المتزايد للسلع المقلدة وخاصة في هذا الوقت الذي يعاني فيه العالم انخفاضا في النشاط التجاري. وتنظر سويسرا إلى عملية التقليد هذه على أنها منتهى الإطراء، إلا أنها تحرص على المحافظة على سمعتها من ناحية جودة منتجاتها، ابتداءً من الأجبان ووصولاً للساعات. وللمحافظة على سمعتها وضعت سويسرا قوانين صارمة فيما يخص المحتويات السويسرية وقوانين أشد صرامة في تعقب الزائف منها. فعند البحث على الإنترنت عن ساعات «صنع سويسرا» تجد عديدا من المواقع التي تعرض ساعات هي نسخة من الساعات السويسرية ولكنها مصنعة في الصين وبأسعار منخفضة جداً إضافة إلى أنها تضمن لك الجودة العالية التي تضاهي جودة الساعات السويسرية. وانخفضت نسبة تصدير الساعات السويسرية في الأشهر الخمسة الأولى من هذه السنة إلى نحو 25 نسبة مئوية حيث وصلت إلى خمسة مليارات فرنك سويسري (ما يعادل 4.6 مليار دولار أمريكي) أي أن عدد الساعات التي تم بيعها هذه السنة أقل من السنة الماضية بـ2.5 مليون ساعة. وأوضح اتحاد صناعة الساعات السويسرية أن المدخول السنوي للساعات السويسرية المقلدة قد يصل إلى مليار دولار سنوياً، حيث يتم صنع 40 مليون قطعة في السنة. ويقول إيفس بقمن رئيس الإدارة القانونية في الاتحاد «لا يزال الأشخاص يفضلون شراء المنتجات التابعة للشركات العالمية، ولكن بأسعار اقتصادية، ومع ذلك فهم للأسف يشترون البضائع المقلدة عند عدم توافر المال الكافي في حساباتهم». ومن باب الخوف من البضائع المقلدة قامت الحكومة السويسرية بالدفاع عن اسمها في السوق»صناعة سويسرية» وعن شعارها الأبيض والأحمر وذلك عن طريق وضع قوانين صارمة فيما يختص المحتوى والإنتاج السويسري.  إلا أن الصورة اللامعة التي تحظى بها سويسرا قد خدشت إثر الفضيحة العالمية المتعلقة بالعمليات البنكية العالمية، وعلى وجه التحديد في بنك UBS أفضل بنوك سويسرا. حيث اتهم بمساعدة المتهربين من الضرائب في تحويل أموالهم إلى حسابات خارج البلاد تكون نسبة الضرائب فيها منخفضة. وعلى الرغم من ذلك فإن سمعة معظم المنتجات السويسرية لا يمكن تشويهها. وأظهرت الدراسة العالمية التي قامت بها كل من شركة ماكان إيريكسون التسويقية وجامعة سانت جالين في عام 2008، أن المنتجات السويسرية تعتبر المفضلة عالمياً مقارنة بأي منتج يصنع في أي منطقة أخرى في العالم. ويوضح فليكس أدور نائب المدير العالم لمؤسسة الاتحاد السويسري للملكية الفكرية أن بعض الأشخاص على استعداد تام لدفع مبالغ تزيد على 20 في المائة مقابل حصولهم على منتجات استهلاكية سويسرية، وهم أيضا على استعداد لدفع مبالغ أكثر من ذلك على الكماليات المترفة. ويضيف»إلا أن ما يسيء إلى سمعة سويسرا أن يدفع هؤلاء الأشخاص هذه المبالغ الطائلة ولا يحصلون على الجودة التي كانوا يتوقعونها من هذه المنتجات السويسرية».  وشدد جيورقان هوسلر رئيس شركة انتربراند الاستشارية لوسط وشرق أوروبا على أن الإنجازات التي سجلها المشاهير السويسريون، أمثال: لاعب التنس الشهير روجير فيدرير، المهندسين المعماريين الحاصلين على الجوائز بيتر زومتر، جاكوس هيرزوج، كان لها الفضل في إظهار صورة سويسرا بشكل جيد. وأضاف « الناس يرون في سويسرا الجودة والدقة». وفي القائمة الأسبوعية التي أعدتها شركة انتربراند والتي تشمل أفضل 100 شركة، كانت الشركات السويسرية في صدارة هذه القائمة، مثل شركة نسكافيه للقهوة وشركة رولكس للساعات، إضافة إلى بنكUBS على الرغم من أن مرتبته انخفضت عدة مستويات أثناء الفضيحة التي اتهم بها وأحيل إثرها إلى التحقيق الذي تم تحت إشراف التحقيق الأمريكي لتدليس الضرائب. ولا تسوق بعض الشركات الكبرى أمثال»نسله» لمنتجاتها معتمدة على أصولها السويسرية، لأن ذلك قد يكلفهم مبلغاً إضافياً، إلا أن عددا متزايدا من الشركات أصبح الآن ينتهج التسويق معتمداً على الأصول السويسرية، ففي عام 2006 استخدمت خمسة آلاف شركة مسمى «سويسري» مقارنة بعام 2000 حيث كان عدد الشركات المستخدمة لهذا الاسم بنحو 1500 شركة فقط. ويقول هوسلر «تعتبر عبارة «صنع في سويسرا» ذات قيمة عالية لدى السويسريين، كما أنها تساعد الصناعة السويسرية على المنافسة العالمية. وعند مقارنة الوضع الآن بعشر سنوات مضت فإن عديدا من الشركات المساهمة العالمية الآن تحرص على الارتباط بالصورة السويسرية». وللمحافظة على المسمى «السويسري» تعمل الحكومة على وضع تشريع يطالب بنسبة 60 في المائة على السلع الصناعية التي يرتبط اسم شركاتها بمسمى «سويسري». أما صناعة الساعات فهي تواجه متطلبات أشد تعقيداً، حيث طالب التشريع الجديد بنسبة 80 في المائة من مجموع تكاليف الإنتاج في سويسرا، وهي نسبة يرى كثيرون أنها أدت إلى الإنتاج في أماكن أخرى. علماً بأن النسبة الحالية تبلغ 50 في المائة. ويندرج تحت التشريع الجديد هذا أن 80 في المائة على الأقل من المواد الخام الموجودة في المنتجات الغذائية يجب أن يكون من سويسرا، كما أن تحليل التكاليف يجب أن يتم معظمه هناك أيضاً. واستنادا إلى هذا التشريع الجديد فإن الجبنة السويسرية لا يكفي أن تكون مصنعة في سويسرا فقط, بل يجب أن تكون من حليب سويسري أيضاً. مروراً بصناعة اللحوم المقددة التي لا تعتبر قضية تقديدها في سويسرا القضية الوحيدة، ولكن على اللحم المستخدم أن يكون سويسريا وليس من الأرجنتين. أما بالنسبة إلى مصانع الشوكولاتة السويسرية مثل ليندت، فإن حملها يعتبر أخف نسبياً. حيث إن التشريع الجديد تغاضى قليلاً عن بعض المنتجات المستخدمة مثل الكاكاو الذي لا تعتبر سويسرا منشأً أصلياً له إضافة إلى بعض المواد الخام التي قد لا يكون موسم وفرتها في سويسرا نظراً لضعف المحصول مثلاً. ويقول ستيفن رينيك بروفيسور التسويق في جامعة سانت جالين إنه من الصعب تطبيق هذه القوانين الجديدة على المنتجات التي تحمل عبارة «صنع سويسرا»، إلا أنه من المهم أن نحاول تطبيق ذلك وخاصة في الصناعات الفخمة مثل صناعة الساعات. ويرى بقمان من اتحاد صناعة الساعات أن فترة الركود التي يمر بها اقتصاد العالم قد شجعت الصين على المضي قدما في صناعة المنتجات المقلدة. وقد يتساءل البعض عن الحكمة من رفع نسبة الحكومة في المنتجات ذات الجودة السويسرية مع انخفاض نسبة المستهلكين، وهم لا يرون ذلك من مصلحة شركات الساعات الكبرى أمثال سواتش و ريتشمونت وشركات صناعة الشوكولاتة أيضاً مثل ليندت. وأخيراً يؤكد إدور من مؤسسة الاتحاد السويسري للملكية الفكرية أن الشركات السويسرية الكبرى كالسفن الكبيرة، التي لا يمكن أن تغير مسارها» وأردف «تعتبر الساعات السويسرية ساعات ذات قيمة وجودة عالية ولا علاقة لها بمعاملات البنوك السويسرية سواء كانت نزيهة أو لا».  
إنشرها

أضف تعليق