أخبار اقتصادية

هل دخل استهلاك المنتجات النفطية في السعودية مرحلة «القلق»؟

هل دخل استهلاك المنتجات النفطية في السعودية مرحلة «القلق»؟

سجل استهلاك المنتجات النفطية في السعودية زيادة بلغت 8 في المائة بين عامي 2007 و2008، وفق الكتاب الإحصائي السنوي لشركة «بي. بي» الصادر في الشهر الماضي. وبلغ حجم الاستهلاك اليومي 2.2 مليون برميل يوميا مرتفعا من 1.9 مليون قبل عقد من الزمان، وفق الكتاب، الذي يعتبر من المراجع الإحصائية المهمة في الصناعة، خاصة وقد ظل يصدر على امتداد 58 عاما. وبلغت الزيادة السنوية 6.2 في المائة عام 2006، لكن بسبب الأوضاع التي تعاني منها السوق النفطية وانعكاسات ذلك الداخلية، فإن حجم الاستهلاك الداخلي من النفط ومواده المكررة مرشح إلى شيء من التراجع هذا العام، ولو أن الخط العام سيظل تصاعديا. السجل السابق يشير إلى تذبذبات أحيانا، لكن حجم النمو السنوي في الاستهلاك الداخلي أصبح في الآونة الأخيرة يراوح بين 6 و10 في المائة. ففي فترة التأرجح الحاد للسوق في عقد الثمانينيات تراجع حجم الاستهلاك المحلي من 686 ألف برميل يوميا في 1988 إلى 638 ألفا في 1991، ثم قفز إلى 694 ألف برميل عند تحسن السوق في 1992 وبعد غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت. وفي تقارير أخرى، فإن معدل استهلاك الفرد في السعودية من المواد المكررة ارتفع من 25 برميلا في العام إلى 32 برميلا، الأمر الذي يعني أن حجم الاستهلاك الداخلي من النفط يمكن أن يبلغ أربعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2050، وهذا إذا استمر على المعدلات الاستهلاكية الحالية. ومع أن المعلومات التفصيلية حول نوعية الاستهلاك تبدو شحيحة، إلا أنه يمكن الإشارة إلى بعض العوامل الرئيسة التي تؤثر في حجم الاستهلاك. ومن هذه نسبة النمو الاقتصادي، ويتضمن هذا بصورة أساسية الصناعة البتروكيماوية خاصة منتجات الإيثيلين، الذي يتوقع له أن ينمو بنسبة 20 في المائة خلال فترة سنوات خمس حتى عام 2011. وهذا الجانب تحديدا يعتبر مسؤولا عن نسبة نمو تتجاوز 10 في المائة بالنسبة إلى الاستهلاك الداخلي من النفط. وهناك أيضا كعامل مؤثر حجم النمو السكاني، إلى جانب نسبة النمو في عدد السيارات المستخدمة وإلى أي مدى يتم توفير دعم حكومي للوقود. والسيارات كعنصر أساسي في قطاع النقل تستهلك كثيرا من الطاقة كما هو معروف عالميا. وتشير بعض الدراسات التي أجرتها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بالنسبة إلى أكبر 13 دولة منتجة ومصدرة للنفط إلى وجود تخوف في الفترة التي يكون فيها الطلب قويا، من إلا تتمكن هذه الدول من تلبية احتياجات السوق والمستهلكين بسبب النمو في احتياجاتها المحلية من النفط، الأمر الذي يؤثر في قدرتها التصديرية وإمداد الأسواق بما تحتاج إليه. ومع أن هذه المشكلة كانت شاغلا للسوق خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أن التراجع الحاد في الطلب منذ العام الماضي أسهم من ناحية في توفير طاقة إنتاجية فائضة، كما أنه قلص من حجم الطلب الداخلي الذي تأثر بسبب الأوضاع الاقتصادية التي انعكس عليها المناخ العالمي سلبيا. يعتبر الأداء الاقتصادي عنصرا أساسيا في الاستهلاك الداخلي. وبالنسبة إلى السعودية، فإن المؤشرات والتقديرات السائدة تشير إلى أنه وبسبب المتغيرات التي تمر بها السوق النفطية العالمية، فإن الوضع الاقتصادي مرشح لحدوث تراجع بسبب الانخفاض في حجم الإنتاج وكذلك سعر البرميل. فحجم الناتج المحلي الإجمالي يتوقع له أن ينخفض بنحو الثلث إلى تريليون ومائتي مليار ريال هذا العام من القمة التي بلغها العام الماضي. ويستتبع هذا أن حجم الإنتاج النفطي يتوقع له أن يكون هذا العام في حدود 8.1 مليون برميل يوميا من 9.2 مليون، كما أن متوسط سعر البرميل من خام النفط السعودي يتوقع بيعه بنحو 47 دولارا هذا العام من 98.3 دولار العام الماضي. لكن المؤشر الإيجابي يتمثل في تراجع نسبة التضخم. ووفقا لآخر الأرقام المتاحة في نيسان (أبريل) الماضي، فإن نسبة التضخم يمكن أن تكون بلغت 5.2 في المائة، وهو أدنى معدل لها في غضون 20 شهرا، بل وأقل من نصف ما كانت عليه قبل ستة أشهر. العامل الثاني الرئيس يتعلق بالوضع السكاني، فسكان السعودية الذين بلغ عددهم 25 مليون نسمة العام الماضي، يتوقع لهم أن يزيدوا بنحو 800 ألف هذا العام ويرتفع العدد إلى 26.6 مليون نسمة العام المقبل. ومع أخذ الوضع الاقتصادي في الاعتبار، فإن متوسط دخل الفرد يتوقع له أن ينخفض هذا العام إلى 12271 ريالا من 18665 ريالا العام الماضي، وأن يرتفع قليلا إلى 14172 ريالا العام المقبل. وبسبب متغيرات الوضع الاقتصادي وتأثيرها المباشر في متوسط دخل الفرد، فإن سوق السيارات التي تعتبر أحد أكبر المجالات التي تستهلك الوقود محليا، ستشهد أول تراجع لها في غضون عقد من الزمان، فالعام الماضي شكل أفضل عام لمبيعات السيارات. ووفقا للأرقام المتاحة، فإنه يتوقع لواردات البلاد من السيارات الأجنبية أن تشهد تراجعا هذا العام بنسبة 22 في المائة إلى 350 ألف وحدة. ووجد هذا ترجمته في بعض الأرقام، فالنتائج المتوافرة للربع الأول من هذا العام تشير إلى حدوث تراجع في المبيعات بالنسبة للأفراد بنسبة 25 في المائة. ومن ناحية أخرى تشير تقديرات للبنك الأهلي التجاري إلى أن قيمة مبيعات السيارات في العام الماضي التي قدرت بنحو 42 مليار ريال تكلفة لنحو 620 ألف سيارة، والمبلغ يشكل نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويعني هذا أن حجم الاستهلاك الداخلي مرشح إلى شيء من التراجع، وهو ما يعكس حالة التذبذب التي تعاني منها السوق النفطية بشقيها الداخلي والخارجي. فبسبب ضعف الطلب يتأثر حجم الصادرات وبالتالي العائدات من المبيعات النفطية، الأمر الذي يؤثر في النشاط الاقتصادي المحلي، وهو ما يجد ترجمة له في حجم الطلب الداخلي على المنتجات النفطية المكررة. ولهذا فالفجوة الداخلية التي يتم سدها باستيراد منتجات مكررة من الخارج قد يمكن التعامل معها هذا العام إما باستيراد كميات أقل وإما بعدم الحاجة إلى الاستيراد نهائيا. ومعروف أن السعودية في إطار الدول الخليجية التي تستورد بعض المنتجات وعلى رأسها البنزين، حيث تستورد المنطقة بين 100 ألف إلى 200 ألف برميل يوميا في المتوسط. ولو أن السعودية اتجهت في الفترة الأخيرة إلى رفع طاقة التكرير المتاحة داخليا سواء رفع طاقة بعض المصافي الخمس المملوكة بالكامل للدولة أو رفع الطاقة الإنتاجية في تلك التي تشارك فيها مع شركات مثل «شل» و»إكسون موبيل».
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية