المفتي العام للمملكة: العنف الأسري جريمة وله مفاسد عظيمة

المفتي العام للمملكة: العنف الأسري جريمة وله مفاسد عظيمة

وجه سماحة المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ كلمة تناول فيها موضوع العنف الأسري وما يتوجب أن تبنى عليه العلاقات الأسرية من مودة ورحمة وذلك استجابة من سماحته لتوصيات لقاء الخبراء الوطني حول العنف الأسري. التي قال إنها من الظواهر الخطيرة، والمآسي الإنسانية التي بدأت تنتشر بين المسلمين، وتفرز لنا كثيراً من مشاكلها، ومآسيها المحزنة، وآثارها الضارة التي تهدد حياة البشر، وترابط الأسرة، واستقرار المجتمع. وقال المفتي إن من ذلك يتبين لنا أن العنف الأسري من أعظم الجرائم، وأكبر الذنوب والآثام، لما يترتب عليه من الأضرار العظيمة، والمفاسد الكثيرة والنتائج المؤلمة ومنها: 1- أن العنف الأسري ظلم لعباد الله واعتداء على حقوقهم وكرامتهم والله سبحانه أمر بالعدل والإحسان، وحرم الظلم، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال: ((يا عبادِي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) الحديث أخرجه الإمام مسلم. ودعوة المظلوم مستجابة، والظالم تعجل له العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من العذاب، ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم » أخرجه أبو داود، والمراد بالبغي الظلم. 2- أنه سبب لانقطاع العمل الصالح بعد الموت. أن مرتكب العنف عليه وزر من عمل به فإن العنف لا يورث إلا عنفاً، وفساداً، وإجراماً، فمن وقع عليه العنف لابد أن يمارس العنف مع أولاده، وكذا أولاده مع أولادهم. - أن العنف الأسري إفساد في الأرض وذلك لما يسببه من الأضرار العظيمة، والنتائج المؤلمة المحزنة، والمفاسد الكثيرة على الفرد، والأسرة، والمجتمع، فقد يؤدي إلى فقد الأرواح، أو فقد بعض حواس الإنسان أو أعضائه، ويقتل المواهب، فتكثر الأمراض العقلية والنفسية، وتكثر الجرائم والانتحارات، وتحصل العداوات بين أفراد الأسرة والمجتمع . 5- إن العنف الأسري سبب للبعد من رحمة الله، وموجب لسخط الله وعقابه وغضبه. ولتجنب تلك الآثار السيئة والنتائج المحزنة للعنف الأسري، والقضاء عليها نذكر بعض الأسباب والوسائل التي تكون سبباً بإذن الله في القضاء على العنف الأسري: 1- اختيار الزوجة الصالحة التي تربت في بيئة صالحة. 2- القدوة الحسنة من قبل الأبوين فصلاح الأبوين، والتحلي بالأخلاق الحسنة سبب لصلاح الأولاد. 3 - التحلي بالرفق والحلم والرحمة والمحبة وترويض النفس على الصبر، وتحمل الأذى من قبل الزوجة، والزوج، والأولاد، والأب، واحتساب الأجر عند الله. 4 - الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملته لزوجاته، وأولاده، والتأسي بأخلاقه وآدابه. ولفت مفتي عام المملكة إنه يجب على من وقع منه العنف ضد أحد من أفراد أسرته أن يبادر بالتوبة النصوح مما صدر منه، وأن يحسن إلى من أساء إليه ويستبيح منه، وأن يلجأ إلى الله بكثرة الاستغفار والنوافل لعل الله أن يقبل توبته ويبدل سيئاته حسنات، وأن يشكر الله على ما منَّ الله به عليه من الصحة في البدن، والقوة في الجسم، والقدرة على الحركة، ويعلم إنما يستمد ذلك من قوة الله وحفظه له فيستعملها فيما شرعه الله، ولا يتجبر على من تحت يده، ويتجاوز الحد بظلمهم، وغمط حقوقهم فإن العظيم الجبار القوي القهار قادر على سلبها منه وإن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وأما من وقع عليه العنف فعليه أن يصبر ويحتسب ذلك عند الله ولا يقابل ذلك بالقسوة والعنف فيعود عليه بضرر أعظم، والله سبحانه ناصره ومعينه على من ظلمه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إني لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» رواه مسلم، وقال تعالى: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم0وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم» (فصلت: 35). وحول من لم يرتدع من مرتكبي العنف بالإحسان إليه، قال يجب مناصحته بالموعظة الحسنة فإنه يجب تبليغ الجهات المختصة سواء من قبل من وقع عليه العنف، أو من قبل من يعلم حاله فإن ذلك من التعاون على البر والتقوى، ومن إنكار المنكر ونصرة المظلوم، وحجز الظالم عن ظلمه . وأشار عبدالعزيز آل الشيخ إننا في هذه البلاد المباركة نلمس الجهود المباركة والإنجازات العظيمة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية للقضاء على العنف الأسري، ومعالجة آثاره، وحل مشاكله وتلقي البلاغات عن ذلك، وتقديم الخدمات الطبية والاجتماعية لضحايا العنف الأسري، ومتابعتهم وحمايتهم مستقبلاً بالتنسيق مع الجهات الأمنية والقضائية والحقوقية، وإقامة الندوات والمحاضرات التي تعنى بتقديم الحلول المناسبة لقضايا العنف الأسري، وبيان أضراره، وتوعية الناس بأهمية الأمان الأسري وفوائده، وفي طليعة ذلك ما تكرم به خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – من إنشاء برنامج الأمان الأسري الوطني تحت إشراف الشؤون الصحية بالحرس الوطني، فجزاه الله على هذا العمل المبارك، ودعمه السخي له، وعلى ما يقدمه للإسلام والمسلمين في جميع المجالات أعظم الجزاء وأوفره، ورفع منزلته في الدنيا والآخرة، وبارك له في ماله، وعمره، ووقته، وأعماله، وأقواله
إنشرها

أضف تعليق