Author

"نحن دولة غنية واقتصادها قوي" معلومة خاطئة يجب أن تُصحّح!

|
التنمية غير المتوازنة قلت لصالح العمير إن الإنفاق الحكومي الذي أشرفتم عليه طوال 20 عاماً في وزارة المالية يواجه بتهمة أنه لم يكن متوازناً، فقد استفادت مناطق مقابل نقص في مناطق أُخرى! فقال: السبب يعود إلى أنه لم يكن هناك تخطيط إقليمي بالمعنى الصحيح. المشكلة تكمن في مركزية الأجهزة الحكومية، وهذا أحد عيوب التنظيم الإداري الموجود عندنا. مثلاً وزارة الصحة تدير المستشفيات والمراكز الصحية من نجران إلى عرعر. المفترض أن تكون هناك مناطق صحية عندها صلاحيات وميزانيات مخصصة لها، وتُدير نفسها كما هو موجود في العالم. خذ لديك مثلاً نظام البلديات عندنا، أعتقد أنه نظام جيد، كل بلدية لها ميزانيتها، كون الرياض أو المنطقة الشرقية أو جدة أخذت نصيباً كبيراً من الطرق فذلك لأنها مراكز تجمع سكاني ضخم. لكن الكهرباء أخذت مداها وانتشرت ووصلت إلى القرى, علماً بأن تكلفة إيصالها إلى القرى أغلى بكثير من تركزها في المدن الرئيسة. صحيح أن هناك مناطق لم تأخذ نصيبها من التنمية، مع الأسف. وكنتُ أتمنى أن يساعد نظام المناطق على ذلك. أرى لو تم التخلي عن المركزية في إدارة المناطق الصحية والتعليمية لأصبح العائد كبيراً ومفيداً. في المملكة فإن الاقتصاد مرتبط بوزارة المالية (الخزانة) إلى قبل سنوات، وهو ما لا يوجد له مثيل في العالم! سألتُ العمير: لماذا رُبط الاقتصاد بوزارة المالية؟ ولماذا لم تحاولوا فصل الاقتصاد عن المالية قبل 30 عاماً؟ قال: تاريخياً ارتبط الاقتصاد لدينا بالمالية، وقطاع الاقتصاد في المالية محدود جداً في تشكيله الإداري ويهتم فقط بالاقتصاد الدولي والمنشآت الدولية. #7# وزارة المالية أخذت على عاتقها في السبعينيات والثمانينيات دفع العلاقات الدولية مع الدول إلى أكبر حد من التعاون، فقامت ما سُمي باللجان المشتركة مع الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا واليابان، وكل ذلك من أجل الحصول على الخبرات والتجارب، وكان لهذا تأثيره الكبير، فهذا ما قام به قطاع الاقتصاد في وزارة المالية. الفصل بين الاقتصاد والتمويل الحكومي (الخزانة) خيط رفيع جداً. والاقتصاد الكلي لأي دولة تتنازعه أكثر من جهة، لكن يبقى التمويل هو الأهم من بينها، خذ مثلاً صندوق التنمية الصناعي وأثره الاقتصادي، لكن أساسه تمويل من الحكومة وكذلك البنك الزراعي. أضف إلى ذلك أن مشاركة المملكة في البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي هي مساهمة "تمويل" وليست اقتصادا. وإن لم تكن وزارة المالية حاضرة في مثل هذه الأشياء فمن الصعب أن تقوم بها جهات أخرى، كما أن وزارة المالية هي الأكثر حفاظاً على الخزانة العامة. الشح الاقتصادي في الثمانينيات في أواخر الثمانينيات، تعرض الاقتصاد السعودي لموجة ركود، نتيجة للنقص في الموارد. وقد بذلت وزارة المالية جهوداً كبيرة في إدارة الشح الاقتصادي. يقول العمير معلقاً على ذلك: إدارة فترات الشح والنقص في الموارد أسهل من إدارة الوفر المالي ولا سيما حينما تنفذ مشاريع ليست من ضمن الأولويات، كما أنه في فترة الوفر المالي يزداد الضغط على وزارة المالية. في فترات الشح لا شك أن هناك صعوبة تواجهها الوزارة، مما يضطرها إلى الاقتراض من أجل المشاريع الإنمائية. في فترات الشح كان هناك صعوبة لكن كان رأس الدولة حازما مع الوزراء، وأؤكد أنه كان هناك تعاون من الأجهزة الحكومية. في فترات الشح يكون الإنفاق أدق. الاقتراض وأُسسه في تلك الفترة اقترضت الحكومة من الداخل والخارج، سألتُ العميرَ عن الأُسس التي بَنَت الحكومة عليها عملية الاقتراض، فقال: لا شك أن الرغبة من أجل الاستمرار في عملية التنمية هي العامل الرئيس، فلو خفّضت الحكومة من إنفاقها العام في الجانب التنموي فسيكون لذلك أثره السلبي. كما أنه عند الاقتراض نؤمل أن فترة الشح قصيرة وتزول قريباً. المملكة اقترضت خارجياً لمرة واحد فقط في حرب تحرير الكويت ومن عدد من البنوك الدولية، لأن نفقات التحرير كانت كبيرة جداً، ومع الأسف كان بإمكان الكويت أن تساعد في هذا الشيء إلا أنهم لم يفعلوا! هي المرة الأولى التي اقترضت المملكة فيها من الخارج، ما عدا ذلك كانت قروضا داخلية عبارة عن سندات بنكية. الاستثمار في الاحتياط في مطلع الثمانينيات وصلت الاحتياطات إلى مئات المليارات. سألتُ العمير عن السبب في عدم استثمارها من خلال صناديق استثمارية. فقال: في الواقع استُثمر الاحتياطي استثماراً جيداً بعوائد جيدة وقليلة المخاطر، وكان استثمارها في الأوراق المالية القابلة للتسييل، فعندما دعت الحاجة إليها لم يكن هناك صعوبة في تسييلها. وقبل الاقتراض كان هناك عجز في الميزانية غُطي من الاحتياطي العام للدولة، إلى أن تمت المواءمة بين عملية تسييل الاستثمارات والاقتراض الداخلي، خاصة من الصناديق. كان العائد من الاستثمارات كبيراً، وربما حلّ في بعض السنوات في المرتبة الثانية بعد البترول متجاوزاً دخل الجمارك. ويُطرح تساؤل الآن لماذا لا تُنشأ صناديق السيادة؟! أقول إن من أكثر الدول استثماراً في هذه الصناديق هي الكويت، وقد تعرضت لخسائر كبيرة. نحن نختلف عن دول الخليج، فاقتصادنا يستوعب الوفر المالي. استقلال الصناديق وعن هيمنة وزارة المالية على عدد من المؤسسات والأجهزة الحكومية كالصناديق ومصلحة الجمارك ومصلحة الزكاة والدخل والتقاعد وغيرها. وهل للوزارة القدرة على متابعة أداء هذه الأجهزة، وما مدى تأثير هيمنة الوزارة على أداء هذه المؤسسات والأجهزة؟ قال: بالنسبة للصناديق ففي الواقع الوزارة تراقبها من حيث التمويل، وبما أنها صناديق تمويل فمن الأولى ربطها بالمالية حتى يسهل توفير التمويل اللازم لها. خذ مثلاً البنك الزراعي لو لم يربط بوزارة المالية لاستنفدت أمواله بسرعة شديدة، ولأمكن من الصعب استعادتها، فوزارة الزراعة يهمها في الدرجة الأولى التنمية الزراعية، لذلك ممكن أن تنفق الأموال بشكل كبير ولا تتشدّد في القيود والرهن والتوثيق. كما أن هذه الصناديق من الناحية الإدارية لا تشكّل عبئاً على وزارة المالية لأن لها أجهزتها الإدارية والفنية ومجالس إداراتها وسياساتها الكاملة. تستطيع أن تقول إنها مستقلة وارتباطها خاص بعملية التمويل. وزارة المالية لا تتابع بشكل يومي أداءها، ولا يرد إلى الوزارة تقارير ولا تحتاج إلى موافقة في تعيين موظفيها وتقييم أدائهم. أما "مؤسسة التقاعد" فهي أكثر استقلالية الآن، لها كيانها المستقل ولديها مواردها واستثماراتها، وارتباطها الإداري محدود جدًا، لذلك فهي لا تشكل عبئاً على وزارة المالية. صندوق الاستثمارات العامة عن صندوق الاستثمارات العامة، يقول صالح العمير: لا أعتقد أنه يوجد في أي دولة صندوق بهذا المعنى. هو معني بإقراض المشاريع الضخمة، بالذات مشاريع البتروكيماويات. جهازه الإداري والفني محدود، ربما لأنه ليس له علاقة بالجمهور. عدد عقوده السنوية لا تتجاوز عشرة عقود. وإذا أُريد له الاستمرار يجب أن يكون له شخصيته المختلفة ويستقل في تكوينه الإداري، ولا سيما بعد أن أصبح مسؤولاً عن تمويل السكك الحديدية في الشمال وسكك قطار الحرمين، فالواضح أن العبء عليه سيزداد مستقبلاً، فلا بد أن يوسع. بدائل عن النفط منذ عام 1975 سعت الحكومة إلى تطوير إيرادات أخرى لتخفيف الاعتماد على النفط الخام. وقد سألتُ الدكتور صالح العمير عن الخطط التي طُبقت في الماضي وتم تنفيذها، ولا سيما أن وزارة المالية آنذاك كانت مسؤولة عن الاقتصاد، فقال: في الواقع كان من طموحات وأهداف خطط التنمية الانتقال من الاعتماد على مصدر وحيد للدخل أو بمعنى آخر استخدام هذا لخلق عائد آخر، وكان من أهم الخطوات التي اتخذتها الحكومة هو الاستفادة من الغاز المُصاحب لإنتاج النفط، الذي لا يمكن التخلص منه إلا بإحراقه أو سحبه وتسييله وإعادته. فيما قبل السبعينيات كان يُحرق! فالشركات لم يكن همها الأول الغاز. لذلك عمدت الحكومة إلى توسيع قاعدة الإنتاج عن طريق عدم الاعتماد على النفط، وكان الغرض تنويع مصادر الدخل والعمل، فتم التوسع في بعض الصناعات البتروكيماوية وصناعة الأسمنت وأنشأت صندوق التنمية الصناعي ليقدم القروض في مجال الصناعة والنصائح والمشورة. لكن ورغم ما بُذل لا يزال يشكل النفط سواءً في الدخل العام أو في دخل الحكومة الثقل الأكبر والأهم، خاصة في الفترات التي يرتفع فيها سعره، وأيُّ خلل في أي سنة في أسعاره ينعكس على الميزانية. في هذا الصدد، سألتُ الخبير الاقتصادي صالح العمير عما سبق وكتبه الدكتور غازي القصيبي من أن المملكة "دولة ريعية" وأن الاحتياطات ستوجه لدعم الميزانية، هل فعلاً لإنزال دولة ريعية بعد 35 عاماً من البحث عن بدائل؟! قال العمير: هناك مفهوم مغلوط لدى الكثير وهو أننا دولة غنية وقوية ولديها مصادر. وهذا غير صحيح. الصحيح أننا دولة غنية لكنها ذات مصدر دخل واحد! ونبالغ كثيراً في كل دول العالم القطاع الخاص هو أكبر مصدر لتوفير العمل، والحكومات تحصل على دخلها عن طريق الضرائب، وليس شرطاً الضرائب على الأفراد، بل الضرائب على النشاط الاقتصادي في مجمله. والدكتور غازي أشار إلى نقطة مهمة، ربما أنها غائبة عند الكثيرين، وهي أنه لو جُمعت اقتصادات الدول العربية، بما فيها دول الخليج فإن إجمالي ناتجها لا يعادل إنتاج إسبانيا! إسبانيا وليست ألمانيا أو فرنسا! من هنا ندرك الفارق الكبير. صحيح أن المستوى الاجتماعي تحسن ونشأت طبقة وسطى جيدة، لكن لا يزال مصدر الدخل محدود وهش مع الأسف. قطاع النفط منعزل تقريباً عن بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، لأنه يعتمد التقنية. رأس المال فيه مخزون نستخرجه بمشاركة عمالة محدودة، فإذا كان 80 في المائة من ريع الخزانة يأتي من مصدر واحد لا يسهم فيه من القوى العاملة أكثر من 2 في المائة فليس بمصدر قوة. إننا حينما نقول إننا دولة غنية ففي هذا ضرر كبير، لأن المجتمع يتوقع أن توفر له المال، بينما المفروض أنك توفر له العمل! لذلك أتفق مع الدكتور غازي فيما ذهب إليه. وزارة المالية #2# في عام 1351ـ (1932م) أصدر الملك عبد العزيز، رحمه الله، قراراً بتأسيس وزارة المالية وعهد بها إلى وزيره الأمين الشيخ عبد الله السليمان، الذي أدار دفتها طيلة 20 عاماً، وقد تعاقب عليها وإلى اليوم أكثر من عشرة وزراء، منهم مَنْ كانت له بصماته المميزة في مسيرتها، ومن هؤلاء - بعد وزيرها الأول - الشيخ محمد سرور الصبان (غادرها عام 1377هـ) والأمير مساعد بن عبد الرحمن ( غادرها 1395هـ) والشيخ محمد أبا الخيل (غادرها عام 1416هـ ). العمير، الذي نشأ إدارياً في حضن وزارة المالية وتدرج في مدارجها ومسالكها وعرف دهاليزها، إذ عمل "كاتباً" في مالية جازان في مطلع شبابه وتدرج إلى أن تبوأ منصب "نائب الوزير"، طلبتُ منه أن يصف الوزارة في عهد الشيخ عبد الله السليمان، وزيرها الأول، فقال: فترة الشيخ عبد الله هي فترة التأسيس للجهاز الإداري للحكومة، وحينذاك كانت الوزارة هي أم الوزارات، فبعد أن تأسست المملكة العربية السعودية كان لابد من البدء في إعداد الجهاز الإداري، وكان مهماً جداً الحصول على موارد تخدم هذا الجهاز القائم وتوافر خدمات للناس، فكان إنشاء وزارة المالية، ومؤكد أن الشيخ عبد الله كان همه الأول في تلك الفترة البحث عن كيفية خلق موارد، فبُدء بالرسوم الجمركية على الواردات من السلع وعلى الحجاج، ثم جاء النفط وكان الشيخ عبد الله هو من وقّع الاتفاقية، فبدأت الموارد في الانتعاش. عبد الله السليمان حصيف وإداري ناجح وجد دعماً من الملك عبد العزيز وثقة به، فاستعان بكفاءات عالية، لذلك أعتقد أنه هو مؤسس الوزارات. محمد سرور #4# محمد سرور الصبان كان موظفاً في وزارة المالية ثم وكيلاً لها واكتسب ثقة الملك سعود، رحمه الله، ولا أعتقد أن هناك تغيراً في النمط والأسلوب الإداري في عهده، غير أن أهم حدث في وقته هو نقل مركز الحكومة من جدة إلى الرياض. الأمير مساعد بن عبد الرحمن #3# الأمير مساعد بن عبد الرحمن هو المؤسس الحقيقي، وفترته تكتسب أهمية كبيرة، لأنها شهدت بدايات الإصلاح الإداري وإدخال قواعد تنظيمية في العمل المالي والاهتمام بالشأن العام. ولا تزال معظم الصيغ التنظيمية والنظامية لحماية المال العام أو قواعد إصدار الميزانية قد تم وضعها في عهد الأمير مساعد. استعان الأمير مساعد بخبرات كبيرة، فكما تعرف تعرضت المملكة في نهاية الخمسينيات إلى ما يمكن تسميته بـ"الإفلاس" فكانت خزانة الحكومة خاوية ولم تكن هناك موارد كافية والتطلعات كبيرة جدًا، فكان لابد من وضع قواعد، ورغم أن مؤسسة النقد أُنشئت قبل مجيء الأمير مساعد لوزارة المالية إلا أنها لم تكتسب قوتها إلا مع وجود الأمير مساعد في عهد الملك فيصل. الأمير مساعد واكب برنامج الإصلاح الإداري والمالي بشجاعة وبقوة ومنحه الدعم. وشخصيته انعكست على التنظيم الموجود. دقيق جداً وكانت له هيبة، وقد تشكّل له هذا من قوته الشخصية ومن إخلاصه وصدقه ومن الدعم الذي كان يجده من الملك فيصل. محمد أبا الخيل #5# الشيخ محمد أبا الخيل شهادتي فيه مجروحة، لأني عاصرته في معهد الإدارة وفي وزارة المالية. وكانت فترة وزارته فترة تحدٍ، لأنها الفترة التي شهدت التنمية في حجمها الأكبر وبعدها الأوسع، وشهدت الوفرة المالية، وكان من حسن حظه أن عمل في المالية وكيلاً ثم نائباً ثم وزير دولة للشؤون المالية ثم وزيراً، مما كوّن لديه خبرة طويلة وعريضة. كانت الخطط التي استهدفتها المملكة طموحة وكبيرة، والموارد كانت متاحة لدرجة أن المرافق كانت دون مستوى استيعاب البرامج الإنشائية التي تود الحكومة أن تقوم بها. فارتفع التضخم بشكل فاحش نتيجة هذا النقص في مستوى المرافق سواء كانت كهرباء أو طرق أو اتصالات أو قوى بشرية أو إسكان، فكان تحدياً كبيراً، على وزير المالية أن يُنفق لأغراض التنمية، وفي الوقت نفسه عليه أن يكبح من جماح التضخم وإلا أصبحت التكلفة عالية جدًا ومرهقة. لذلك كان عنده من الشجاعة ما جعله يقف بشكل كبير ويحصل على ثقة أولي الأمر، الملك خالد ثم الملك فهد، لمواجهة الأزمة، فتمّ تجميد الإنفاق الحكومي لثلاث سنوات، إلى أن بدأت المرافق تتحسن وتستوعب أكثر. ولولا وقفته في هذا الجانب لاختلف الوضع، لقد كان من الصعب على بلد لديه موارد متاحة أن يمتنع عن الإنفاق. وأعتقد أنه نجح نجاحاً كبيراً في إدارته، أضف إلى ذلك دوره الكبير في بناء البنوك المحلية وإشراك القطاع السعودي في إدارتها ومجالس إدارتها وحمايتها. القطاع المصرفي لا يزال من أفضل القطاعات التي عليها رقابة جيدة. وعن أبرز تلاميذ مدرسة الشيخ محمد أبا الخيل الإدارية، قال: كثيرون الذين عملوا معه، ولا أستطيع أن أقيّم مَنْ أبرزهم، بسبب كثرتهم، منهم وكلاء الوزارة والوكلاء المساعدون ومديرو العموم. كان له تأثير كبير في مجمل القطاع الحكومي، وكانت لديه مقدرة على خلق مؤيدين وبناء صداقات مع الوزراء، فكان هناك تعاون كبير جداً مع الوزراء طيلة عملي في المالية معه وهذا من الجوانب التي ساعدته على النجاح. #6# سألتُ نائب الوزير السابق عن الوزارة في عهد وزيرها الحالي الدكتور إبراهيم العساف، فقال: الوضع الآن اختلف، مضى لي 14 عاماً منذ أن غادرت الوزارة ودورها الآن تغيّر حسب معطيات كل مرحلة. ألححتُ عليه وقلت: ما الدور المطلوب منها اليوم؟ فقال: دورها يأتي اليوم من خلال صندوق الاستثمارات العامة في دفع عجلة الاقتصاد أكثر مما هي عليه. بنك التسليف مثلاً حصل على رأسمال ضخم جداً ووضع له نظام متطور كبير في أهدافه ومراميه، حيث يوفر لذوي الحاجة وأصحاب المهن قروضا كافية تساعدهم على الأداء. الدكتور العساف يتكئ على خبرته في البنك الدولي وعلى حيويته وهو يدرك أنه إذا لم يكن الفريق الذي يعمل معه يحمل المفاهيم نفسها يصعب عليه أن يدير المال العام بكفاءة عالية. أعتقد أنه يدرك ذلك ويعمل من خلاله. سألته كخبير اقتصادي بعيداً عن عمله السابق في الوزارة: هل أنت راضٍ عن أداء وزارة المالية هذه الأيام؟ قال: أعتقد وضمن الإطار العام أن يكون الشخص راضياً عن الأداء، وإلا ما كنتُ راضياً عن الأداء الذي كنتُ مسؤولاً عنه في وزارة المالية. فيه حقائق لا يدركها الشخص العادي، ما يدركها إلا المسؤول، ويندر أن تجد وزير مالية مسؤولا عن الإنفاق بالشكل الذي عليه المملكة ويكون محل رضا الناس كلهم، لابد من الاختلاف في بعض المواقف وفي بعض التحليلات. # غداً.. الحلقة الرابعة
إنشرها