Author

المحاكم المتخصصة.. استطلاع آراء القضاة

|
هناك توجه لاستطلاع آراء أصحاب الفضيلة القضاة للعمل في المحاكم المتخصصة التي توشك أن ترى النور قريباً, وأهمها تلك المحاكم التجارية التي يتابع القطاع الخاص تكوينها وانطلاق عملها وترتيبات انتقال الأعمال من الدوائر التجارية في ديوان المظالم إليها ومعرفة تلك القضايا التجارية التي ستبقى على حالها حتى تكتمل إعادة الهيكلة حسب نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وآلية تنفيذهما, فالإعلان عن توجه لاستطلاع آراء القضاة يقوم به المجلس الأعلى للقضاء يتضمن إعطاء الفرصة للقضاة للتعبير عن الرغبة في العمل في المحاكم المتخصصة وهو أسلوب يكشف الاستعداد للعمل والقناعة به والعزم على النجاح فيه, حيث يجب أن تتعزز الإرادة الواعية في إنجاح مهمة المحاكم المتخصصة والالتزام بالتنظيم الجديد في جانبه الإجرائي والموضوعي. إن الأهم في استطلاع آراء القضاة معرفة تلك المعوقات الحالية التي يواجهها إنجاز الأعمال في المحاكم فمن المعروف أن أعمال الإنهاءات تأخذ نسبة كبيرة في أداء القضاة في المحاكم وهي إن كانت إنهاءات من الضروري إجراؤها على يد قاض في محكمة إلا أن إرهاق القضاة بتلك الإنهاءات يؤثر في الفصل في القضايا ويستوعب الوقت والجهد, وبالتالي فهو يؤثر في الإنجاز المطلوب الذي يتسع فيه الفارق يوما بعد يوم مع تزايد القضايا والمهام وقلة الكوادر المخصصة للإنجاز ولأنه لم يعد من حل سوى الإسراع في إنشاء المحاكم المتخصصة, فإن التحقق من رغبات القضاة للعمل في أي من تلك المحاكم إضافة ذات قيمة يتوقعها المجلس الأعلى للقضاء ويرى أنها أحد عناصر نجاح العمل المطلوب إجراؤه مسبقا. إن القضاء العام سوف يكون ميدانا واسعا لاستقبال القضاة من ديوان المظالم من دوائره الجزائية والتجارية وكذلك سوف يكون القضاء العام مجالا لاستيعاب المستشارين من لجان العمل ومكاتب العمل واللجنة العمالية العليا حيث يتعذر تكوين كوادر ذات خبرات تراكمية قادرة على تحمل المسؤولية في وقت يسير ولذا فإن هناك دورا قد يقوم به المعهد العالي للقضاء يتمثل في إيجاد دورات متوسطة لا تزيد على الفصل الدراسي الواحد تتوافق مع تحديد وتسمية واختصاص المحاكم المتخصصة لتوفير الكوادر القضائية المؤهلة حيث يمكن بالتدريب تحقيق أهم عنصر في نجاح العمل القضائي ألا وهو التخصص الذي أصبح قانونا ملزما. إن القضاء من أرفع المناصب وأجل الأعمال فهو السلطة التي تسمح بالفصل في الخصومات والنزاعات وتطبيق الشرع والنظام على القضايا والدعاوى سواءً كانت من الحقوق العامة أو الحقوق الخاصة, لذا فإن الاهتمام بالقضاء منذ صدر الإسلام يتناسب مع عظم المهمة وشرف الغاية, فالعدالة وإحقاق الحق هما المقصد من وجود السلطة القضائية ولأن المشروع الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء سيؤدي إلى إيجاد المحاكم المتخصصة وكذلك الاستئناف المتخصص والدوائر العليا المتخصصة في المحكمة العليا التي ستميز وتراجع الأحكام فإنه ستكون هناك حاجة ماسة إلى أعداد كافية من القضاة للقيام بأعمال القضاء في هذه المحاكم. أما ذلك التعقيد والتنوع الذي أصبح سمة المعاملات والعقود والالتزامات فإنه يؤكد أن العملية القضائية ليست بالبساطة التي قد يتصورها البعض وليست سهلة كما قد يراها الناقد, فهناك تأهيل علمي لمعرفة الأحكام والنصوص الشرعية والنظامية ثم استنباط الحكم الملائم وتطبيقه على الواقعة محل النزاع وهذا يستلزم معرفة شاملة بالأدلة والقرائن وحجتها وقوتها والترجيح بينها لذا فقد لام أحد المتقدمين من طلب منه أن يعلمه القضاء قائلاً له: إن القضاء لا يعلم لأن القضاء فهم ولكن الذي يمكن تعلمه هو العلم. ولذا فإن الأمل معقود على المعهد العالي للقضاء لكي يؤدي دوره في الحاضر كما أداه في الماضي مع اختلاف كبير في الظروف والأحوال يزيد الأمر صعوبة ولكنه لن يكون أبداً مستحيلاً.
إنشرها