آداب وفنون أبهرت أحفاد بيتهوفن : السيمفونية القطرية تعزف على أوتار الإبداع وتسحر برلين

آداب وفنون أبهرت أحفاد بيتهوفن : السيمفونية القطرية تعزف على أوتار الإبداع وتسحر برلين

استطاعت "السيمفونية القطرية" التي عزفت في برلين الليلة الماضية أن تبهر "أحفاد بيتهوفن" وتجعلهم يصفقون طويلا للحركات الأربع التي تضمها السيمفونية وتحكي في مجملها قصة قطر من الماضي إلى المستقبل مرورا بالحاضر. وقدمت اوركسترا سيمفونية قطر ثالث عروضها العالمية بعد اسطنبول ومدريد في إحدى اعرق القاعات في العالم وهي "كونزرت هاوس" التي تقع في قلب العاصمة الألمانية وعلى نفس المسرح الذي قدم عليه بيتهوفن السيمفونية التاسعة لأول مرة إلى جانب تقديم عمالقة الموسيقى أمثال باخ وموتزات العديد من الأعمال التي لا تزال خالدة حتى اليوم. وأحيت الاوركسترا الحفل الذي شرفته صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع بمناسبة مرور 75 عاما على تأسيس الجمعية الألمانية للشرق الأوسط والأدنى وفي إطار اختتام جولة السيمفونية العالمية للموسم 2008/2009. وحضر الحفل سعادة السيد صالح محمد النصف سفير دولة قطر لدى برلين وعدد كبير من السفراء العرب والأجانب في ألمانيا إلى جانب شخصيات وفعاليات ثقافية وفنية. وفور انتهاء عزف السيمفونية دوت صالة "غروزر سال" بكونزرت هاوس بالتصفيق طويلا والهتاف من قبل الجماهير التي ملأت الصالة المتسعة لعدد 1500 مقعد. وتتكون السيمفونية القطرية التي ألفها ويقود اوركسترا الموسيقار الدكتور سالم عبد الكريم من أربع حركات الأولى تسمى "البداية" والثانية "الحلم" أما الثالثة بعنوان "التحدي والانجاز" والأخيرة "إلى الأمام". ولم تكف الـ46 دقيقة وهي المدة التي يستغرقها عرض السيمفونية لإشباع شغف وإعجاب الجماهير الألمانية بالعمل الموسيقي القطري ليطلب بإلحاح إعادة الحركة الرابعة من السيمفونية بفضل تحقيقها المعادلة الصعبة للتوفيق بين الأصالة والمعاصرة ومزجها الألحان الفلكلورية القطرية من بينها لحن "حمامة نودي". كما صفق الحضور كثيرا بعد انتهاء الحركة الثالثة ""التحدي والإنجاز" وهو أمر خارج عن المألوف في العروض السيمفونية بحيث لا تصفق الجماهير للعرض إلا بعد عزف كافة الحركات الشئ الذي دل على مدى إعجاب وانبهار الحاضرين بهذه الحركة على وجه الخصوص وبالسيمفونية القطرية بشكل عام لتسجل قاعة "كونزرت هاوس" حدثا أخر يضاف إلى الأعمال الفنية الراقية التي قدمت في هذه القاعة التي تشهد يوميا أكثر من عروض موسيقية عالمية. ولم تكن المدة التي عزفت فيها اوركسترا السيمفونية القطرية مجرد دقائق يطويها النسيان او عرضا عاديا بل نجحت سيمفونية قطر في كسب تحدي تقديم لوحات موسيقية من تراث وتاريخ قطر إلى الشعب الألماني وبالذات إلى جماهير تعودت على سماع ارفع وأرقى الأنواع الموسيقية والسيمفونية. وان كانت سيمفونية قطر قد نجحت سابقا في الاستحواذ على الإعجاب سواء في عروضها بالدوحة أو في عزفها بكل من اسطنبول ومدريد إلا أن نجاحها في برلين يشكل مرحلة جديدة اكتسب من خلالها العمل القطري كل التقدير والاحترام وأصبح عالميا بشهادة العديد من النقاد والموسيقيين الذين حضروا عرض الليلة الماضية. كما أن تقديم السيمفونية القطرية في قاعة "كونزرت هاوس" التي تأسست سنة 1821 مثّل كسبا لرهان أخر باعتبار عراقة القاعة التي احتضنت أعمالا سيمفونية قدمها عمالقة المؤلفين الموسيقيين على مر التاريخ. وتضم الصالة التي عرضت فيها اوركسترا سيمفونية قطر العديد من الرسومات والمنحوتات الفنية والمقتنيات الأثرية التي امتزج عبقها بالموسيقى السيمفونية القطرية التي عزفت تراث الأجداد والتحديات التي واجهوها في عصر ما قبل النفط ثم انتقلت إلى الحاضر المزدهر والى مستقبل مشرق لتختلط الصور والألوان وتتشكل لوحة فنية حضارية تخاطب جميع الشعوب والثقافات مهما اختلفت أشكالها وألوانها من خلال الموسيقى لتبقى هذه اللوحة معلقة على جدران "كونزرت هاوس". وطيلة عزف السيمفونية القطرية /وهي القطعة الموسيقية الأولى التي تروي قصة تحديات وانجازات دولة قطر/ كانت الجماهير الألمانية متفاعلة مع الألحان التي سافرت بهم إلى شبه الجزيرة العربية وكل تفاصيل والمراحل التي تقطعها قطر على درب النجاح والتميز من خلال موسيقى تتخطى كل الحواجز. وعزف "السيمفونية القطرية" في حفل برلين أكثر من 90 عازفا وعازفة من نخبة العازفين الموسيقيين من دول أوروبية مختلفة حيث قدموا بكل انسجام مقاطع وجمل موسيقية غربية مُزجت بموسيقى شرقية وفولكلورية قطرية دون استخدام الآلات الموسيقية الشرقية وهو الانجاز الذي أذهل الكثيرين. وبدأ الحفل حوالي الساعة السابعة مساء /الثامنة بتوقيت الدوحة " بعزف الحركة الأولى "البداية" وهي حركة كلاسيكية تروي قصة دولة قطر من الماضي الجميل إلى الحاضر الأجمل تبعتها الحركة الثانية "الحلم" وتتحدث عن "أم الحنايا" وهو اسم لسفينة قطرية يصور من خلالها مشاعر الوداع والانتظار من مسافرين على متن السفينة أو أهلهم الذين يودعونهم آملين في عودتهم غانمين. أما الحركة الثالثة التي صفق لها الحضور وهي "التحدي والإنجاز" فتحمل الطابع السريع النشط حيث أنها تصور تحقيق الانجاز والتحديات المرافقة له وهي الحركة التي تعتبر الأصعب بين الحركات الأربع وذلك لاحتوائها الكبير على المعزوفات الشعبية والتي لا تعزف بآلاتها الأصلية بل بالآلات الأوركسترالية المتعارف عليها. أما الحركة الرابعة والأخيرة "إلى الأمام" والتي عزفتين مرتين بطلب من الجماهير فتتضمن عدة ألحان من الفلكلور القطري منها لحن "حمامة نودي" وهي تشكل رمزا للتطلع نحو المستقبل في إيقاع تصاعدي وبنسق يدفع ويحث على التقدم إلى الأمام. وتعتبر برلين أخر محطة خارج الدوحة تعزف فيها السيمفونية القطرية للموسم 2008/2009. على أن تستأنف جولاتها العالمية لموسم 2009/2010 أواخر العام الجاري. وفي تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا) نوه سعادة السيد صالح محمد النصف السفير القطري ببرلين في البداية بزيارة صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند إلى ألمانيا وباللقاءات التي أجرتها مع كبار المسئولين إلى جانب جولتها في عدد من الجامعات والمعاهد التعليمية والبحثية . كما عبر سعادته عن فخره بإحياء اوركسترا السيمفونية القطرية حفلها العالمي الثالث ببرلين حيث استطاعت أن تمثل قطر وتقدمها بأروع ما يكون من صورة . وأكد أن تفاعل الجماهير الألمانية التي ترقبت هذا العرض طويلا دليل على نجاح هذا العمل السيمفوني "الذي تفخر به دولة قطر". وأشاد سعادة السيد النصف بما وصلت إليه العلاقات القطرية الألمانية والتعاون المشترك .. لافتا إلى أن عرض السيمفونية القطرية في برلين من شأنه أن يدعم العلاقات الثقافية بين البلدين. ووصفت السيدة هيا خليفة النصر المشرفة على "سيمفونية قطر" المدير التنفيذي لإدارة العلاقات العامة والتسويق بمؤسسة قطر لـ (قنا) حفلة برلين بأنها مسك الختام لهذا الموسم بعد أن لاقت السيمفونية القطرية نجاحا باهرا وإشادة من قبل الفعاليات الثقافية والفنية الألمانية وكافة الجماهير . وأكدت أن خير دليل على نجاح السيمفونية هو طلب الحضور إعادة الحركة الرابعة منها وتصفيقهم طويلا بعد انتهاء العرض وهو ما يؤكد "إننا استطعنا أن ننال إعجاب جماهير تعودت أن تستمع إلى الأعمال الموسيقية الراقية وفي بلد أنجب اعرق المؤلفين الموسيقيين".وقالت "أن هذا الانجاز يمثل فخرا لنا بحيث تمكنا من تصدير الموسيقى وإيصالها إلى أوروبا في وقت كنا فيه متلقين فقط وهو حافز جديد يدفعنا إلى العمل أكثر في هذا الاتجاه". وعبرت السيد هيا النصر عن سعادتها بالتقدير الذي لاقته السيمفونية القطرية وقدرتها على عكس تراث قطر وقصة الصمود والنجاح بلغة الموسيقى التي يفهمها ويشعر كل الشعوب على اختلاف ثقافاتهم. بدوره عبر مؤلف السيمفونية القطرية وقائد الاوركسترا الدكتور سالم عبدالكريم عن فخره بالنجاح المتواصل الذي تحققه سيمفونية قطر في العواصم العالمية "وهو ما يؤكد قدرة العرب على الإبداع والتميز". وقال لوكالة الأنباء القطرية (قنا) أن النجاح في ألمانيا التي تعد من اعرق البلدان في الموسيقى له معنى خاص ومكانة مميزة. معتبرا أن عرض برلين هو الأهم على الإطلاق في هذه الجولة العالمية بالنظر إلى قيمة الجماهير التي تربت على سماع السيمفونيات ولديها القدرة والحس للحكم على الأعمال السيمفونية . ورأى انه ليس من السهل الوقوف على نفس المسرح وفي نفس المكان الذي قدم فيه أشهر الموسيقيين على مر التاريخ أعمالهم أمثال بيتهوفن .. مؤكدا في هذا الصدد المساهمة التي يجب أن يقدمها العرب في المجال الثقافي وعلى الأخص الموسيقي . ونوه الدكتور سالم عبد الكريم بتشريف صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند هذا الحفل .. وقال " أن تشريف سموها شكل دعما كبيرا وحافزا لمزيد من الإبداع ". وأضاف أن مبادرة مؤسسة قطر بإطلاقها السيمفونية القطرية ورعايتها لها يظهر للدول الغربية "إننا نمتلك ثقافة عريقة وموسيقى ذات قيمة عالية وكذلك قدرات تجعلنا على قدر المساواة معهم". وأبدت الجماهير الألمانية التي التقت بهم وكالة الأنباء القطرية (قنا) إعجابها الكبير بسيمفونية قطر وقدرتها على مزج الموسيقى الشرقية بالموسيقى الغربية وعزفها الإلحان الحديثة. وفي الصدد قال الدكتور اندريس هيلد أحد الحضور انه بُهر على قدرة السيمفونية القطرية على المزج بين نوعين مختلفين من الموسيقى الشرق والغربية ودون استخدام الآلات الشرقية كالعود والناي مثلا .. ووصف الحركات الأربعة بأنها عمل رائع وتنسجم مع الفكرة العامة للسيمفونية. وفي حين تتفق الدكتورة كارين فراير وهي مسؤولة بإحدى الوزارات الاتحادية الألمانية مع ما ذكره الدكتور هيلد أشارت إلى أنها لم تكن تنتظر أن تكون سيمفونية قطر بهذه الروعة من الأداء والرقي .. وقالت "أتشوق لحضور حفل أخر تعزف فيه السيمفونية". احد الذين حضروا العرض القطري وهو ستيفين هالمان وصف سيمفونية قطر بـ"بالقوية" وقال أنها مختلفة تماما وعصرية وتقدم نموذجا جديدا من السيمفونيات بالنظر إلى مزجها الموسيقى الشرقية بالغربية. من جهته أكد ماتياس هاغل وهو منتج بقناة "زاد.دي.أف" الألمانية أن السيمفونية القطرية تجربة جديدة وملهمة "ومن الرائع أن تعزف في برلين بإحدى أهم القاعات". مشيدا باهتمام دولة قطر بالفن والثقافة ونقلها للآخرين. وتهدف مؤسسة قطر من خلال السيمفونية القطرية إلى نقل الثقافة خارجيا عبر الموسيقى للرقي بالفكر وإيصال رسالة سامية محتواها أن الموسيقى لغة عالمية يمكنها مخاطبة جميع الشعوب والثقافات مهما اختلفت أشكالها وألوانها. وتعليقا على ذلك قال احد الأشخاص الذين تابعوا عرض السيمفونية وهو فون هايتن أن الموسيقى مهما كان البلد الذي جاءت منه والثقافة التي تولدت عنها تستطيع أن تعكس القيم الحضارية وتعزز من التسامح والتفاهم بين الشعوب. ونوه في هذا الصدد بالسيمفونية القطرية التي وصفها بأنها رائعة ومذهلة وتمثل القيم الإنسانية. ورأى "بيبل" وهو أحد الموسيقيين الألمان "أن السيمفونية القطرية عمل عصري يستطيع أن ينجح في أي بلد يقدم فيه خاصة انه استطاع أن يدمج موسيقى غربية مع شرقية بصورة متناغمة وبتركيب يتماشى مع الحركات الأربعة التي تحكي بالفعل قصة إنسانية وتحديا وانجازا في نفس الوقت". والى جانب الموسيقيين والأوساط الثقافية الألمانية حرص العديد من أبناء الجالية العربية المقيمة في برلين على الاستمتاع بسحر نغمات والحان السيمفونية القطرية. وعبر بعض منهم لـ(قنا) عن تقديرهم لدولة قطر التي جعلتهم فخورين بهذا العمل الموسيقي العربي. وقالت سنية حضري أن سيمفونية قطر عكست قيمة الثقافة والفن العربي وقدمته إلى الجمهور الألماني بأفضل صورة. وأوضحت أنها حين سمعت عن السيمفونية القطرية لم تكن تتوقع ان تكون بهذه الروعة والإتقان . من ناحيته أشار خالد مراد وهو مدير علاقات عامة بأحد البنوك الألمانية إلى أن التطور الذي وصلت إليه دولة قطر في كافة المجالات انعكس على السيمفونية القطرية كعمل فني ينافس السيمفونيات الغربية. وقال انه يحضر كثيرا السيمفونيات في قاعة "كونزت هاوس" إلا أن السيمفونية القطرية شدته كثيرا بفضل التناغم والمزج بين الشرقي والغربي وهو ما أغطى لهذا العمل رونقا خاصا. بدوره أكد سامي قسنطيني أن حفلة السيمفونية القطرية في برلين شكلت له مصدر فخر باعتبار العمل ينبع من دولة عربية. وثمن ما تقوم به قطر لإبراز عراقة الثقافة العربية وقدرة العرب على تحقيق الانجازات في جميع المجالات. أما غسان الدهشان فوصف السيمفونية القطرية بأنها خير سفير لقطر وللعالم العربي وتثبت قدرة الموسيقيين العرب ووقوفهم على قدم المساواة مع اقرأنهم في الدول الغربية. ولعب مبنى "كونزرت هاوس" الذي عزفت فيه السيمفونية القطرية خلال القرن التاسع عشر دورا رئيسيا في دعم الحركة المسرحية والموسيقية في برلين مما جعلها عاصمة للثقافة الأوروبية جذبت إليها عباقرة الفن. وتعرض المبنى الذي صممه المهندس المعماري كارل شنكل وشيد بين عامي 1818 و1821 إلى الدمار أبان الحرب العالمية الثانية ليعاد بناؤه بين 1979 و1984 مع المحافظة على نمطه الأصلي مع إضافة بعض التعديلات التقنية. ويحتوي المبنى على عدة قاعات أهمها قاعة بيتهوفن والمسرح الرئيسي حيث عزفت السيمفونية القطرية. كما يضم مبنى "كونزرت هاوس" تماثيل للموسيقيين الذين كان لهم دور بارز في الحياة الثقافية في ألمانيا و العالم مثل باخ ومتزرات وبتيهوفن. وتعتبر "سيمفونية قطر" التي عزفت لأول مرة بالدوحة في يونيو الماضي تجربة أولى في إطار جهود مؤسسة قطر للارتقاء بالموسيقي وهي أول عمل موسيقي كلاسيكي سيمفوني تم تأليفها لتحكي قصة تاريخ وحاضر ومستقبل الدولة حيث تروي مجمل الحركات الأربع للسيمفونية تاريخ وتراث قطر ورحلة التحدي والكفاح والصمود التي عاشها الشعب القطري قديما ومن ثم تصوير الحاضر المزدهر انتهاء بالتطلع إلى المستقبل في صورة فنية معبرة تجسد قيما ومعان إنسانية قوية. وتعد هذه النسخة من السيمفونية الخطوة الأولى لإعمال موسيقية أخرى وأداة لنشر الفكر الموسيقي الراقي في المجتمع. وكانت السيمفونية القطرية قد عزفت مرتين خارج الدوحة في كل من اسطنبول أواخر شهر أكتوبر الماضي وفي مدريد أواخر شهر فبراير الفائت حيث لاقى العرضان إشادة واسعة من قبل الجماهير التي صفقت كذلك كثيرا للسيفومية . واعتبارا من الموسم الجديد 2009/2010 ستقوم اوركسترا قطر الفلهارمونية بعزف السيمفونية القطرية في جولاتها الخارجية وكذلك في الدوحة .
إنشرها

أضف تعليق