Author

لماذا قرار أوباما زيارة المملكة؟

|
زيارة أوباما للمملكة التي أعلن عنها البيت الأبيض أخيرا والمقرر لها يوم الإثنين الثاني من حزيران (يونيو) المقبل هي إقرار بحق التفت إليه أوباما، وإن كنا نرحب بهذه الزيارة، إلا أنه يجب أن يكون واضحاً أن قيمة الدول تنبع من ذاتها وليس بما يضفيه عليها الآخرون من قيمة. صحيح أن إعلان هذه الزيارة جاء متأخراً ومفاجئاً، لكن المؤكد أن أوباما أدرك أنه كان يجب أن يعلن عن زيارة لكل من المملكة ومصر في سلة واحدة إذا كان يتحدث إلى العالم الإسلامي، أو أن يزور المملكة ثم يتحدث من مصر كمنصة إلى هذا العالم علماً أنه سبق أن تحدث فعلاً إلى العالم الإسلامي من تركيا، فلماذا يعلن إذن أن خطابه سيركز على العالم الإسلامي مرة أخرى؟ الحق أنني كنت على يقين من أمرين، الأول أن أوباما سيزور حتماً في نفس الوقت السعودية ربما بعد زيارته لمصر، والأمر الثاني أن أوباما ربما يضع في خطابه الخطوط الأساسية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي. وقد ذكرت في مقال سابق في "الاقتصادية" أن أوباما الذي يريد أن يكون رئيساً متميزاً في التاريخ الأمريكي قد يطرح لأول مرة مقولات سبق أن طالب نتنياهو بتحديدها حول طبيعة الدولة العبرية وما تريده في هذه المنطقة، وأن ما يعلنه عن سياسته الإسلامية لن يكون جديداً ولن يكون أساسياً. أما لماذا كنت على يقين بأن أوباما سيزور السعودية مع مصر، فذلك لأسباب عديدة لا تتعلق بتحليلي الشخصي بقدر ما تتعلق بطريقة تفكير أوباما ونظرته إلى كل من مصر والسعودية. أول هذه الأسباب أن أوباما يريد أن يفوت الفرصة على المتقولين بأن مصر أهم من السعودية في الاستراتيجية الأمريكية، وثاني هذه الأسباب أنه يصعب تجاهل السعودية وهي على بعد كيلومترات من القاهرة، ولم يكن ممكناً أن يعد بزيارتها فيما بعد قطعاً لظن البعض أن ترتيب أولوية الزيارات يعكس ترتيب أهمية الدول. وثالث هذه الأسباب أنه لا يمكن الحديث عن الإسلام بعيداً عن السعودية بما تمثله إسلامياً ودينياً وسياسياً. ورابع هذه الأسباب أنه إذا كان أوباما سيتحدث عن تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، فإن السعودية هي المؤهل الأول عربياً وإسرائيلياً، فالسعودية هي التي قدمت المبادرتين العربيتن الوحيدتين عامي 1981 و2002، بحيث بات أوباما يهتم بالمبادرة العربية إرضاء لصاحب المبادرة في جزء من تفكيره، والسعودية هي صاحبة المبادرة الأولى في جمع الصف الفلسطيني ومساندة الكفاح الفلسطيني بالمال والدعم السياسي وهي التي تتبنى الدفاع عن قضية القدس، ولمن أراد الاطلاع على المزيد يستطيع على يطلع على كتابي حول "المملكة وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي" الصادر أن جدة عام 1989 والذي يتم تحديثه ليصدر في طبعة حديثة خلال أسابيع. ومصر والسعودية هما ركنا المثلث الذي يجب أن تضاف إليه سورية، فلا ينتقص من مكانة مصر إن قلنا أن التلازم بين مصر والسعودية في كل القضايا العربية ضروري، بل إنه في مجال التسوية فإن إسرائيل بحاجة ماسة إلى الاعتراف السعودي وإلى أن تكون السعودية طرفاً رئيسياً في التسوية مثلما ضمنت إسرائيل مصر في هذا المجال.
إنشرها