Author

تنامي الاستهلاك المحلي يؤثر في الصادرات والعائدات المالية

|
الاستهلاك المحلي ينمو 10 % سنويا في الحلقة 11 من ملف الشهر الذي يتناول تنامي استهلاك المنتجات النفطية في السعودية وعلاقتها بالأسعار السائدة، يطرح المختص في شؤون النفط ومحرر (الطاقة) في "الاقتصادية"، السر سيد أحمد، عرضا مفصلا عن مصافي التكرير في السعودية وقدرتها على ملاحقة الاستهلاك المحلي من جهة، واقتناصها الفرص الخارجية من جهة ثانية. ويؤكد التقرير من خلال الجداول المرفقة أن استهلاك المنتجات النفطية في المملكة يتنامى بشكل سريع ويعد الأعلى بين دول "أوبك" وينمو بنحو 10 في المائة سنويا، وكما في الحلقات السابقة، يؤكد التقرير أيضا، أن هذا الاستهلاك ينعكس سلبا على عوائد الخزانة العامة للدولة باعتباره يأتي على حساب الصادرات من النفط الخام. #2# ويلقي السر الضوء على الصلة بين سوقي المنتجات الداخلية والخارجية، حيث تمكنت الصناعة النفطية السعودية في مجال التكرير من إقامة سبع مصاف لمقابلة الاستهلاك المحلي بطاقة إجمالية تبلغ 2.1 مليون برميل يوميا، نصيب "أرامكو" فيها 1.7 مليون. كما أن لشركة أرامكو السعودية حصة في طاقة تكرير خارجية تبلغ مليوني برميل يوميا، الأمر الذي يضعها في المرتبة السادسة عالميا فيما يتعلق بصناعة التكرير. #3# يكتسب النقاش الذي أثاره ملف الشهر عن الآثار الاقتصادية للاستهلاك المحلي للمنتجات المكررة أهمية قصوى لانعكاسه على جوانب عديدة، خاصة عندما يكون حجم هذا الاستهلاك كبيرا، الأمر الذي يؤثر سلبيا في الموارد المتاحة سواء كانت مالية أو حتى موارد النفط وإمداداتها، ومن هنا تأتي الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك، التي تكتسب أهمية إضافية كون تنامي الاستهلاك المحلي يتم من ناحية على حساب كميات كان يمكن تصديرها والحصول على عائد من بيعها في الأسواق الخارجية سواء من النفط الخام أو حتى المنتجات المكررة. وتشير الأرقام المتوافرة من النشرة الإحصائية لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) إلى أن حجم الاستهلاك المحلي من المنتجات المكررة ظل في ارتفاع مستمر، رغم تذبذبه أحيانا. #4# ففي عام 1987 كان حجمه 632 ألف برميل يوميا، ووصل إلى 655 ألفا في عام 1990، ثم متجاوزا 751 ألفا في عام 1995 واستمر في التصاعد متخطيا حاجز المليون برميل يوميا لأول مرة في عام 2002. كما يتوقع للاستهلاك المحلي أن يرتفع بنسبة 8 إلى 10 في المائة سنويا. ولهذا فمن المهم النظر إلى جانب آخر وإلقاء الضوء على الصلة بين سوقي المنتجات الداخلية والخارجية. تمكنت الصناعة النفطية السعودية في مجال التكرير من إقامة سبع مصاف لمقابلة الاستهلاك المحلي بطاقة إجمالية تبلغ 2.1 مليون برميل يوميا، نصيب شركة أرامكو فيها 1.7 مليون. كما أن "لأرامكو" حصة في طاقة تكرير خارجية تبلغ مليوني برميل يوميا، الأمر الذي يضعها في المرتبة السادسة عالميا فيما يتعلق بصناعة التكرير. وتشير دوائر مطلعة إلى أن لـ "أرامكو" خطة استراتيجية تتطلب استثمارات تصل إلى 70 مليار دولار تهدف إلى زيادة طاقة التكرير المحلية إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا، وإضافة ما بين مليون إلى مليوني برميل يوميا إلى طاقة التكرير الخارجية، وذلك لمقابلة الطلب المتنامي على أن تكتمل هذه الخطة في عام 2011، أي بعد عامين، علما أن العديد من المشاريع تم تأجيلها أو أعيد النظر فيها بسبب الارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار النفط العام الماضي وانعكس على مختلف مجالات الصناعة، ثم جاء التراجع الأخير ليتيح الفرصة لإعادة النظر في بعض جوانب تكاليف المشاريع المقترحة لخفضها. #5# ومن ملامح هذه الاستراتيجية أيضا التوجه إلى إقامة مشاريع مشتركة مع القطاع الخاص سواء خلال فترة التنفيذ أو التملك، علما أن مشروعي مصفاتي الجبيل وينبع يتضمنان طرح 30 في المائة من الأسهم للجمهور، كما أن مصفاة جيزان ستكون مملوكة بالكامل للقطاع الخاص. ويقدر لها أن تعمل بطاقة 250 ألف برميل يوميا وسيقوم القطاع الخاص بتشغيلها كذلك. وكان قد طلب من الشركات الثمانية المتقدمة طرح عروضها خلال العام الماضي وتم تقديم الموعد وبسبب متغيرات السوق فإنه لم يعلن عن الجهة الفائزة بعد. ومنذ منتصف عقد الثمانينيات اعتمدت "أرامكو" خطة للدخول في ميدان التكرير على الساحة الدولية، وذلك لضمان تسويق نفطها الخام خاصة في الأوقات التي يقل فيها الطلب على الخام، وأيضا لتقليل تأثير التقلبات السعرية، إذ إن هامش التحرك في أسعار المشتقات أضيق منه في حالة الخام. وللسعودية مشاركات في عدة دول هي الولايات المتحدة، كورية الجنوبية، الصين، اليابان والفلبين. وبسبب مشاركتها في المصافي الثلاث عبر شركة موتيفا في تكساس وبورت آرثر ولويزيانا، فإن حجم الطاقة المكررة من هذه المصافي تبلغ 745 ألف برميل، تمثل 5 في المائة من إجمالي الطاقة التكريرية في الولايات المتحدة. وفي العام الماضي قامت فيه السعودية بإرسال أول شحنة من نفطها الخام إلى مصفاة فوجيان في الصين. والمشروع يقام مشاركة بين شركة أرامكو وأكسون موبيل وصينوبيك الصينية وتم استثمار مبلغ خمسة مليارات دولار لتحديثه وتوسيعه. وهو يكتسب أهمية بعد نجاح السعودية عام 2007 في إزاحة أنجولا والحلول محلها كأكبر مصدر للنفط الخام للسوق الصينية إذ يبلغ حجم صادراتها 900 ألف برميل يوميا، وهو ما يمثل نحو 20 في المائة من حجم الواردات لتأتي في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة واليابان. وإلى جانب هذه المشاريع القائمة منذ فترة، فهناك المشاريع الجديدة خاصة تلك المشتركة مع توتال، وكونوكو/فيليبس وداو كيميكال وغالبيتها تمثل مجمعات متكاملة فيها أقسام للبتروكيماويات، لكن بسبب الظروف التي مرت بها السوق العالمية من ارتفاع للتكلفة، ومع التراجع الأخير فإن السعودية قررت الطلب إلى الكثير من الشركات والمقاولين إعادة النظر في مقترحاتهم مثلما حدث مع المتنافسين على مشروع مصفاة جيزان. وعمليات المراجعة لا تقتصر على جيزان فقط، وإنما تشمل مصفاة رأس تنورة وطاقتها 400 ألف برميل يوميا وتلك الخاصة بالتصدير مع كونوكوفيليبس وطاقتها 400 ألف في ينبع. المصفاة التي تشارك فيها توتال وبطاقة 400 ألف برميل يوميا تأجل تقديم عروضها كذلك. أما المشروع الضخم الذي تشارك فيه داو كيميكال ويضم 35 وحدة معالجة ويعتقد أن تكاليفه يمكن أن تصل إلى 30 مليار دولار، الأمر دفع بفكرة تقسيمه إلى أجزاء. وهذا التطور يعتبر جزءا من حالة الانتعاش التي يشهدها قطاع التكرير العالمي خاصة على الساحة الآسيوية التي تعتبر الأكبر استقبالا لهذه المشاريع. ويتوقع أن يتم إنجاز سبعة مشاريع ست منها في الصين والأخير في الهند بطاقة إجمالية تبلغ 1.580 ألف برميل يوميا، بينما سيشهد هذا العام والمقبل استكمال أربعة مشاريع اثنان في الصين وواحد في فيتنام. والطاقة الجديدة التي ستكون متاحة للمستهلكين هذا العام والعام المقبل ستعتمد على تقنية متقدمة، الأمر الذي يسهل التعامل مع النفوط الثقيلة بما يساعد على مواجهة الطلب المتصاعد على البنزين. وكان الاستثمار في ميدان التكرير قد شهد جمودا خلال العقدين الماضيين بسبب حالة التخمة العامة التي كانت تعيشها السوق، ثم جاء إعصار كاترينا قبل سنوات أربع ليقضي على الفائض من الطاقة الإنتاجية، وتفاقم الوضع بعد النمو القوي في الطلب من السوق الآسيوية. ويرى بعض المحللين ان فترة العقدين من الزمان حتى منتصف التسعينيات شهدت فائضا في الطاقة التكريرية، وكانت هذه إحدى نتائج ضخ استثمارات كبيرة وضخمة في الصناعة خلال الفترة التي سبقت وتراجع الطلب بعد ذلك. ويقدر حجم الطاقة الإنتاجية من المواد المكررة نحو 83 مليون برميل يوميا، ويتم استغلالها بمعدل 85 في المائة من الطاقة المصممة، وهو ما كان يسمح بعمليات الصيانة وحتى الإغلاق للعديد من الأنشطة وبدون حدوث تأثير يذكر على الإمدادات بصورة عامة. ويضيف بعض الخبراء أنه من الضروري رفع الطاقة المتوافرة من المواد المكررة إلى 93 مليونا بنهاية العقد الأول من هذا القرن، أي 2010، وإلى 118 مليونا في عام 2030 وذلك استنادا إلى مشاريع المخطط لها وتلك التي تحت الإنشاء أو التوسعة، وذلك لأن هناك نموا سنويا في الطلب يصل إلى 1.8 في المائة. القاعدة العامة السائدة في ميدان صناعة التكرير تقوم على أساس إقامة المصافي بالقرب من أسواق الاستهلاك لخفض التكلفة من خلال تقليص دور وتأثير عامل النقل. كذلك فإن النقطة الثانية تتمثل في أن العائد على الاستثمار في مجال التكرير يظل دائما قليلا مقارنة بالعائد على الاستثمار في ميدان العمليات الأمامية من تنقيب واستكشاف وإنتاج، كما أن المصفاة تحتاج في المتوسط إلى نحو خمس سنوات لاستكمال بنائها، مما يجعل العمل في هذا المجال استثمارا بعيد الأمد لا يرغب فيه الكثيرون. الصين يتوقع لها أن تبرز كأكبر سوق، وبالتالي ستتصاعد طاقتها الإنتاجية بأكثر من الضعف إلى 14.6 مليون برميل يوميا بحلول عام 2030، ولو أنها ستظل مستوردة حتى ذلك الوقت. أما الهند فسيصل حجم الطاقة التكريرية فيها إلى 5.2 مليون برميل يوميا ستصدر شيئا منها. في أمريكا الشمالية سيرتفع حجم الطاقة التكريرية إلى 22.1 مليون في غضون عامين، ثم ترتفع إلى 25.6 مليون في عام 2030، لكن الولايات المتحدة ستظل مستوردة أيضا للمواد المكررة. أما دول الاتحاد الأوروبي التي ستظل محكومة إلى حد كبير بتأثير العامل البيئي الذي يشكل حاجزا لا يسهل تخطيه بسهولة، فإن حجم الطاقة التكريرية فيها يتوقع أن يبلغ 16.6مليون في عام 2030، ورغم ذلك ستظل مستوردة للمنتجات الوسيطة خاصة تلك الوارد من مشاريع التكرير في السعودية.
إنشرها