Author

الأحياء النموذجية وأمانات المدن.. أي منهما موجود؟

|
إذا كنت تعتقد أن الحي الذي تسكن فيه نموذجي وراق وجديد فادع الله أن يستر على شارعك من كماليات أبو ريالين وتموينات أبو فهد ومغسلة المستقبل وبنشر الوادي الجميل وحلاق السعادة.... تحولت أحياؤنا السكنية إلى أسواق تدار بعمالة آسيوية متروكة لتشوه وجهنا الحضاري المرئي كما تريد وكأن الأمر لا يعني أمانات المدن في شيء! عمالة لا تعرف من الخدمات إلا ما هي متعودة عليه في بلادها (لا شيء), فهي قادمة من أزقة مومباي ودكاكين دكا وحواري كراتشي. أليس غريبا أن هذه العمالة من هذه الجنسيات هي نفسها تتصرف بطريقة حضارية مقبولة ولائقة في دولة مثل الإمارات بينما تتصرف بطريقة غير حضارية وغير مقبولة في المملكة؟ اللوم يا إخوان لا يقع على هذه الجنسيات بل يقع على أماناتنا التي لا تعرف كيف تسن الأنظمة ولا تعرف كيف تطبقها. كيف أن عاملين من الهند يصل أحدهما إلى مطار الرياض والآخر إلى مطار أبوظبي ويتصرفان بطريقة مختلفة ويظهران بشكل حضاري مختلف؟ لا بد من وجود خلل كبير في تعاملنا مع هذه الجنسيات التي لا نحسن معها سوى الاستحقار وإطلاق الألفاظ غير اللائقة, أي أن الخلل يكمن في تعاملنا معهم. لكن لا يمكن إلقاء اللوم على الفرد السعودي, فمن دون وجود إطار قانوني تنظيمي لوجهنا الحضاري الملموس من قبل أمانات المدن فإنه لن يكون هناك إطار يحكم تصرفات وتعامل هذه العمالة. مسؤولية الأمانات مسؤولية حضارية في المقام الأول, الأمانات لا تقوم بتقديم خدمات فقط بل إنها تضع المعايير الحضارية المقبولة في المملكة والتي تريد أن تكون جزءا من حياة المواطن وثقافته ووجهاً يراه العالم, فذاكرة السائح والزائر من خارج المملكة لن تختزل على المدى الطويل إلا وجهنا الحضاري والتعاملي معه. وبما أن الخدمات المقدمة في المملكة تقوم بها جنسيات تتصرف كما هي متعودة عليه في بلدانها أو كما تريد فإن هؤلاء الزوار لن يروا الوجه السعودي بل الوجه البنجلادشي والهندي والفلبيني...!! أين الأمانات من تخطيط الأحياء وانتشار المحال التجارية بشكل عنكبوتي يجعلها تحيط بالمدن وتحولها من أحياء سكنية راقية إلى أسواق غير مرتبة. كأنه حق لكل من امتلك أرضا على شارع مزدوج في مدننا بأن يبني محال تجارية حتى أصبحت مدننا مميزة بسلسلة الدكاكين والمحال التجارية التي لا تنفصل إلا بتقاطع مع سلسلة أخرى من المحال التجارية!! فعادة ما تزدحم الشوارع بسيارات تبحث عن مواقف أو تخرج من مواقف ولا يمكن للغير من القيادة من غير صداع الباحثين وعن مواقف الطالعين منها. الحقيقة أنني لا أعرف أين تقع الأحياء النموذجية ذات الخدمات المفصولة والتي تم جمعها في أحد أركان ذلك الحي بدلا من انتشارها بين المنازل! وأيضاً لا أعرف عن دور الأمانات في تحسين وجه مدننا ليس بالورود والأشجار ولكن في إعادة ترتيب مدننا وفصل الأسواق عن المنازل ووقف مسلسل انتشار المحال التجارية بين أحيائنا السكنية. فالخيار الوحيد أمام المواطنين عند انتشار المحال بشكل مزعج في حيهم هو تغيير الحي, وبما أن غالبية السعوديين لا يمتلكون بيوتا فإن إحدى فوائد التأجير هي المقدرة على الهروب إلى مضارب جديدة أشبه بالنموذجية حتى يصلها المد غير الطبيعي للتموينات والحلاقين والفوالين والخياطين وأهل المضغوط .. ثم يعيدون رحلة الانتقال مرة أخرى... ولكن كان الله في عون من يمتلك بيتا فالهروب لن يكون سهلاً!! التأجير نعمة... أي والله!!
إنشرها