Author

هذه الجائزة تُغير وجه المستقبل

|
حينما يقترب أسبوع الإعلان عن جوائز نوبل بفروعها، يصحو العالم وينام على أنباء المرشحين والمرشحات وحظ كل واحد منهم في الفوز بالجائزة، حتى أصبح الظفر بإحدى الجوائز شرفاً وطنياً في الدول التي ينافس مرشحوها لكي تصبح "نوبلية" لأول مرة وبذا تدخل هذا بالنسبة إلى النادي الراقي، فالدولة التي يفوز مرشحها بأحد فروع الجائزة تعتبر من الدول المتقدمة ولاسيما في المجالات العلمية للجائزة، والحق أن جائزة نوبل قد تجاوز تأثيرها حدود المتعارف عليه للجوائز التي سبقتها وتلك اللاحقة لها. اليوم هناك جائزة جديدة يمكن أن تنافس جائزة نوبل وتفتح الباب واسعاً لمزيد من الابتكار والإنجاز بمستوى أكثر واقعية وبصورة أعظم تأثيراً في حياة البشر في كل مكان من العالم. بدأت جائزة X-prize  أو جائزة إكس في بداية القرن الحالي بفكرة أن تمنح جائزة كبرى للفريق الذي يستطيع أن يبني مركبة فضاء تنطلق لمسافة 100 كيلومتر في الفضاء، بحيث تصبح مركبة فضائية قادرة على أن تقوم برحلة ثانية خلال أسبوعين مما يعني إيجاد مركبات فضائية يمكن استخدامها تجارياً ولا يقتصر دورها على البحث العلمي، كما هو حال مركبات الفضاء المدعومة من قبل الحكومات والهيئات الحكومية كوكالة ناسا لأبحاث الفضاء. في عام 2004م أعلنت لجنة الجائزة ع الفريق الفائز بالجائزة الكبرى والبالغة عشرة ملايين دولار والمقدمة من عائلة "أنصاري" وهي عائلة إيرانية ثرية هاجرت للولايات المتحدة منذ ثلاثة عقود، وقد فاز بالجائزة فريق مركبة الفضاء (سباس شيب ون -) Space ship one التي استطاعت أن تقوم بالمهمة كما حددتها الجائزة، وقد تنافس على الجائزة ستة وعشرون فريقا من سبع دول إلا أن الجائزة ذهبت إلى برت روتان المصمم والمبتكر الشهير الذي دعمه بول ألين الثري الأمريكي الشهير الذي قام بتأسيس شركة مايكروسوفت مع بيل جيتس سابقاً، وقد استثمر ألين 100 مليون دولار للفوز بأكبر جائزة في التاريخ والبالغة عشرة ملايين دولار!! لكن ألين البعيد النظر استطاع إيجاد مركبة فتحت الباب واسعاً لسياحة واكتشاف الفضاء معتمداً على هذه المركبة المدهشة!! ويبدو أن النجاح الذي تحقق في المشروع الأول للجائزة دفع بيتر ديما نديس مؤسس الجائزة إلى المضي قدماً في استحداث جوائز أخرى لإيجاد حلول مبتكرة وذات أثر كبير في الوصول إلى حل لمشكلات العالم أو" في نقل العالم إلى مرحلة أكثر تطوراً في إخضاع التقنية لخدمة الإنسانية" كما يقول، واليوم لدى جائزة إكس ثلاث جوائز كبرى تبحث عن حلول لمشكلات أبرزها في مجال اكتشاف الشيفرة الوراثية وتسخيرها لتشخيص وعلاج دقيقين، حيث أعلن جائزة اراكون لعلم الوراثة والتي تهدف إلى الوصول إلى طريقة جديدة من خلال فحص كامل الجين البشري خلال عشرة أيام وبنسبة دقة تتجاوز 99 في المائة  بسعر لا يتجاوز عشرة آلاف دولار، علماً بأن الوضع الحالي للتقنيات المتاحة يكلف أكثر من مائة ألف دولار وبدقة أقل ووقت أطول.. وإذا حصل هذا فإن كل إنسان يستطيع أن يعرف شيفرته الوراثية مما يغير وجه الطب والعلاج بصورة جذرية. ماذا يميز هذه الجائزة الجديدة إذن عن نوبل ونظيراتها؟ هناك أكثر من ميزة لهذه الجائزة، فهذه الجائزة تنظر للمستقبل وتحاول أن تجد حلولاً وابتكارات غير موجودة حالياً بينما تكافئ الجوائز الأخرى إنجازات الماضي واختراعات ربما مضى عليها سنوات أو عقود خالية. وهذه الجائزة تحدد النتائج النهائية للاختراع أو الحل بشكل محدد ودقيق من خلال أرقام وأهداف لا يمكن لأحد أن يجادل حولها، بينما لا تحدد جوائز القرن العشرين الأهداف بدقة مما يجعل نتائجها أكثر ضبابية وفائدتها للإنسانية عرضة للجدل والطعن في قرارات اللجان المنظمة. ومن أهم ما يميز هذه الجائزة هو أنها تشجع على العمل الجماعي وتبث روح الفريق بين الباحثين والمبتكرين، الذين يصعب أن يعملوا كفريق متناغم يبحث عن حل جماعي لمشكلة قائمة، بينما تطغى الفردية على الجائزة التقليدية.   وأخيراً فإن هذه الجائزة تنتج حلولاً لها قيمة ملموسة للاقتصاد ولا تنتهي بنشر في مجلة علمية أو بضجة إعلامية بل تنتج حلاً جديداً له قيمة معنوية واقتصادية.  نحن أمام جائزة ستغير مفهوم الجوائز لتكون أكثر فاعلية وأقل اهتماماً بالبريق الإعلامي والمجد الفردي.. حتماً يمكن لنا أن نكون مبادرين بوضع هذا النموذج لحل مشكلاتنا نحن أيضا ونملك حلولاً يمكن أن نصدرها للعالم.!! تصوروا لو طرحنا جائزة بعشرة ملايين دولار لتحلية متر مكعب من المياه بنصف التكلفة الحالية وبصورة توفر كمية أقل من التلوث وانبعاث ثاني أكسيد الكربون وتستهلك طاقة أقل.. هذا النموذج لجائزة قد نطلقها نحن لحل مشكلتنا مع ندرة المياه و تفتح الباب لحل مشكلة من أعقد المشكلات التي قد تواجه العالم!! دعونا نحلم ونأخذ المبادرة في بدايات تكوُّن هذه الموجة الجديدة بدلاً من أن نكون متفرجين!!   
إنشرها