Author

ظواهر في المسجد

|
السلام عليكم .. أخي الحبيب لا يشك أحد أبداً أن المسجد مكان للعبادة وأن المسجد متنفس المسلم في خلوته مع ربه تبارك وتعالى. إنه مكان الأنس الذي يأنس به مع مولاه جل وعلا. ولكن عزيزي القارئ ثمة أمور أو قل ظواهر انتشرت في مساجدنا وما أكثر ما يعكر صفو المسلم مع ربه في بيت من بيوت الله، ومن هذه الظواهر التي طرأت على المجتمع الإسلامي هي ظاهرة التسول (الشحاذة) إنها ظاهرة خطيرة ينزعج منها كل مسلم فالمسجد هو مكان العبادة والذكر والدعاء، كما وصف ذلك محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام ولذلك قال عليه الصلاة والسلام للذي ينشد ضالته قولوا له لا ردها الله عليك وقال للذي يتكلم بكلام غير الذكر والدعاء وقراءة القرآن يا فلان إن هذه المساجد إنما هي للذكر والتكبير هذا في شأن الكلام العادي وقد يكون كلام في أمور الدنيا أو قد يكون كلام في أمور مباحة ونحوها فما بالك لو كان الكلام في استجداء الناس وأخذ ما في جيوبهم بدعوى أنه مريض أو صاحب عائلة كبيرة أو عليه ديون أو ما شابه ذلك لا شك عزيزي القارئ أن كثيراً ممن مارسوا هذه المهنة وجدوا فيها ضالتهم وبغيتهم فتراهم يزهدون في العمل ويتخذون هذه الوسيلة القبيحة، وقد يكون هناك من هو بحاجة ولديه ظروف ولكن للبيوت أبواب فهذه مكاتب الضمان والحكومة ـ وفقها الله ـ قد عالجت هذه المشكلة بما فيه الكفاية ولكن إزعاج المصلين وعدم تفرغهم للذكر والأوراد التي تقال عقب الصلوات المفروضة شيء يحير ولا شك بيد أننا حيثما ننظر إلى مثل هذه المشكلات نجد أنها دخيلة على المجتمع الإسلامي ولذلك حينما تتصفح التاريخ نجد أن مثل هذه الظاهرة لم يكن لها وجود بهذا الشكل المزري والمقيت في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا عهد أصحابه وخلفائه الراشدين. بل إن أهل الصفّة وهم فقراء الصحابة كانوا يسكنون المسجد لفقرهم ومع ذلك لم تنقل لنا السنة النبوية أن أحدهم قام يتسول أو يمد يديه للناس بل إنه عليه الصلاة والسلام لما جاءه بعض الناس يطلبون ـ وأظنهما رجلين جلدين ـ صعد فيهما النظر، وقال لهما: الذي يسأل الناس أعطوه أو منعوه يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحما، ولكن حينما ننظر إلى هذين السائلين هما أتيا إلى رسول الله فقط ولم يذكر أنهما قاما في المسجد بهذا الأسلوب في عصرنا الحاضر. وما من شك أن مجتمع الرسول عليه الصلاة والسلام كان أكثره فقراء ومع ذلك كانوا عفيفي النفس لا يسألون الناس إلحافا، وحينما جاءه أناس مجتابي النمور وهيئتهم رثة تغير وجه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقام في الصحابة واعظاً ومذكراً فضل الصدقة على هؤلاء فتصدق الصحابة كل بما استطاع ولم يعلم أن هؤلاء قاموا وشحذوا في المسجد. لكن عزيزي القارئ نريد لهذه الظاهرة حلاً فما هو الحل؟ في تصوري الشخصي أن من وسائل القضاء على هذه الظاهرة الأمور التالية: إحياء دور المسجد في مثل هذه الظاهرة ومحاربتها عن طريق الإمام وأقصد به إمام المسجد أو من ينوبه، كذلك دور خطيب مسجد الجمعة وتوعية المسلمين في ذلك، مناصحة المتسول حتى لا يتعود على هذا النمط من السلوك السيئ. التشجيع المستمر من قبل الدولة والمجتمع على العمل وإظهار بعض القصص للذين تركوا التسول وزاولوا العمل وكيف انقلبت حياتهم إلى حياة رغد وعيش هنيء، ولذلك قال عمر أمير المؤمنين ـ رضي الله عنه ـ في الذي يتعبد والذي يقوم عليه، قال: أخوه أفضل منه، إنما هو متواكل وليس متوكلا.
إنشرها