Author

"وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ" آية تشريع!! والمرسوم الملكي نظم إطارها لحماية المستهلك

|
[email protected] نحن الآن أكثر من أي وقت مضى أصبحنا أشد إصراراً على محاربة الغش والتقليد والتدليس في البضائع الاستهلاكية، والإحصائيات الرسمية تشير إلى أن خسائر الاقتصاد السعودي وصلت إلى 12 مليار ريال عام 2006م بسبب أصحاب السلوكيات الضارة بسلامة السلع والمنتجات الغذائية والدوائية والاستهلاكية، وإن كنا مقتنعين تماماً بحاجتنا إلى عشرات السنين ليس بهدف القضاء على الظاهرة (وإنما الحد من انتشارها)، فدول ذات اقتصادات ضخمة لم تنجح في هذا الجانب كثيراً، بسبب (مافيا) البضائع المغشوشة والمقلدة، التي امتدت أذرعتها بشكل واسع في جميع أنحاء العالم. إن حماية المستهلك تحتاج إلى عمل مؤسساتي وجماعي وأنظمة صارمة، حيث كان في السابق الجهود مبعثرة، وإن أثمرت في الوضع الحالي عن ضبط آلاف الحالات وبدأت تأخذ دورتها القانونية المعروفة بحق المتعاملين مع هذا النوع من التجارة، حسب قانون العلامات التجارية، بدءاً من لجنة مكافحة الغش مروراً بهيئة الادعاء والتحقيق وأخيراً ديوان المظالم، وسبق لنا أن شاهدنا وبعد خسائر التجار الأمناء والصادقين، أن تحرك العديد من الشركات السعودية المالكة لحقوق العلامات التجارية بالتعاون مع الغرف التجارية الصناعية في تنظيم معارض وندوات هدفها توعية المستهلك بالسلع المقلدة وتعريفه على وسائل التعرف على السلعة الأصلية والمقلدة. ومع جهود وزارة التجارة والصناعة بإقرار أحكام نظام العلامات التجارية في عام 2003م، الذي أجازه مجلس الوزراء بعد تمريره من قبل مجلس الشورى وهيئة الخبراء، من شأنه أن يسهم في جهود محاربة السلع والعلامات المقلدة والغش فيها من خلال مواد تشدد العقوبة المادية والمعنوية على المخالفين، إلا أن النظام الجديد لمكافحة الغش التجاري غامض في بعض بنوده، كما يبدو من التعاريف المهمة مثل اللائحة، والمنتج المغشوش، والمنتج الفاسد، والمنتج المقلد، ولم يتطرق إلى التلاعب في صلاحية السلع وأنماط الاحتيال الحديثة. لذلك من المهم في المرحلة المقبلة تعاون وكالة شؤون المستهلك التابعة لوزارة التجارة والصناعة مع الجمعيات الأهلية ليعمل الجهازان معاً من أجل تتبع التقليد والغش والمنتجات الرديئة التي رأى مصنعوها ومروجوها فرصة في أسواق السعودية لتسويق بضاعتهم المغشوشة، وعلى الجمعيات الأهلية تحمل مسؤولية التواصل مع المستهلك وتوعيته بوسائل كشف الغش والتقليد، إضافة إلى توضيح آلية الاتصال والإبلاغ عما يرصده المستهلكون حتى يكون العمل جيداً وبلا ثغرات والوصول إلى المخالفين بالسرعة المطلوبة. في جدة تحركت الغرفة التجارية الصناعية باعتبارها ممثلة للقطاع الخاص وتفاعلت مع التوجيه السامي في اجتماعها الأخير لمجلس إدارتها، وأقرت إنشاء جمعية أهلية لحماية المستهلك، هذه الجمعية المرتقبة تولت مسؤوليتها الأستاذة ألفت قباني عضو مجلس إدارة الغرفة، وهي العضو (النسائي) الذي حاول كثير منا التشكيك في قدرتها على تولي قطاع المسؤولية الاجتماعية. ويقيناً أن شخصية عملية وصناعية مثلها سيكون لها دور كبير، إن حصلت على دعم منا جميعاً، دورها المقبل هو تفعيل الدراسة الاقتصادية والقانونية التي أعدها المهندس محمد عبد اللطيف جميل والرفع بها إلى وزير التجارة والصناعة لإنشاء الجمعية. ولا أود المبالغة بأن الجهد الذي بذل في هذه الدراسة عظيم، خاصة أن مكتب الزميل الملا للاستشارات القانونية غطى جميع جوانب الدراسة القانونية بشكل مفصل. هذه الجمعية سوف تساهم في توعية المستهلكين بأساليب الغش والتقليد، والتأكيد على ضرورة توعية المستهلكين حيث تشكل الأمية وغيرها من أوجه نقص المعلومات معوقاً لغالبية المستهلكين، غالباً ما يقبل المستهلكون على السلع المعيبة ويرجعون شراءهم إلى القيمة ولا يهتمون بتقديم شكوى في حال الضرر، كذلك توعية المستهلك بحقوقه، بما في ذلك حقه في طلب المحاكمة العادلة لجبر الضرر أو بسبب التضليل بالسلع الرديئة أو الخدمات غير المرضية، إضافة إلى حث وتوعية أصحاب الأعمال في مختلف القطاعات الإنتاجية والاقتصادية وخصوصاً ذات العلاقة المباشرة بحياة الناس كالسلع الغذائية والأدوية لبذل المزيد من الجهد لرفع مستوى جودة ما يقدمونه من سلع وخدمات، خاصة أن هناك بعض الشركات قد اتهمت ببيع سلع ضارة بالمستهلكين في المناطق الصغيرة والقرى، وبتسويق منتجاتها تحت ستار (المعونات الخيرية). لن نظلم وزارة التجارة والصناعة التي تعجز إلى حد كبير على الاستجابة للشكاوى المقدمة من عامة الناس لعدد من الأسباب، منها انعدام التشريعات القانونية الصارمة لحماية المستهلكين، وكذلك نقص الموارد البشرية والمالية اللازمة في الوزارة للتحقيق في الشكاوى، لذلك فإن القرار السامي الكريم بإشراك سبع جهات حكومية هي بداية الطريق الصحيح. في الجانب الآخر، فالمشكلة ستأخذ منحى آخر أكثر تعقيداً حينما نتحدث عن التجارة الإلكترونية، فإذا تصفحت مواقع الإنترنت تجد العلامات العالمية وسعرها مع الشحن بـ DHL إلى البيت أرخص بكثير من أسعار أسواقنا، فكيف سنتابع دخول البضاعة إلى الوطن ومراقبتها؟ وكيف نتابع مع البنوك مسائل الأمان المتصلة بالمدفوعات التي تتم عبر الإنترنت وإنصاف المستهلكين في حالة نشوب نزاع؟ حيث من المتوقع زيادة هذه المشكلات مع استخدام الإنترنت في بيع وشراء السلع والخدمات، وقد اطلعت على المشكلات القانونية في مؤلف قيم جداً للمستشار القانوني عبد العزيز الغامدي من إدارة الطيران المدني في جدة حول التعاملات المالية عن طريف الإنترنت أرجو من الوزارة الاطلاع عليها. ختاماً، الإسلام شرع في محكم التنزيل بقوله سبحانه وتعالى: (وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) [الرحمن]، كذلك قوله تعالى: (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)، لقد تم مصادرة 798 طنا من الأغذية ومليون كرتون من السلع الاستهلاكية المخالفة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي، وتم رصد 3065 حالة تقليد مخالفة لنظام العلامات التجارية في العطور ومستحضرات التجميل، ورصد 1690 شكوى ضد قطع غيار السيارات، وأصبح التطفيف في محطات الوقود، حيث تمت معايرة 7729 محطة وقود لعدم مطابقتها للسعر المعتمد، وكذلك في موازين بيع الذهب بلغت 320 حالة، وكذلك التطفيف في السلع المنافية للعقيدة وإساءتها للدين الإسلامي حيث تم رصد 2298 شكوى. هذا رصدته من خلال وزارة التجارة والصناعة، لذلك نحتاج إلى تضافر جهود المجتمع والحكومة ضد انسياب البضائع الفاسدة والمقلدة من كل حدب وصوب، والسعودية كبيرة ويتجاوز إجمالي تبادلها التجاري 200 مليار ريال سنوياً.
إنشرها