Author

نظام العمل؟ ما بين والدي و(هرم موسلو)

|
[email protected] كتبت هذا المقال أربع مرات، في كل مرة يعدلها والدي إلى أن استقام نظامه على هرم موسلو، فوالدي لا يؤمن في الحياة إلا بعملين، حُسن العبادة والعمل الشاق، وهو يكرر علينا دائماً قوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" وكذلك قوله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون". وأنا أؤكد وأجزم أن هذه هي القاعدة السليمة، ولكن هناك دراسات تستحق أن ننظر إليها وقد تسهم في قياس إنتاجية الفرد واحتياجاته، لأن كل مَن يعملون في المجتمع تُجار أو موظفون يرغبون أن يكونوا متميزين وسعداء فلا أحد يريد أن يكون شخصاً عادياً. في السعودية حجم إنتاجية الفرد 17 ألف دولار، بينما في الدول الاقتصادية تصل إلى 45 ألف دولار، وهنا لا أريد أن أدخل القارئ عنوة في معادلة (هرم موسلو )، الذي ابتكر (هرم الحاجات الإنسانية) فقال: عندما يكون الموظف بحاجة إلى المال فإنه يجلس أسفل الهرم، ويصبح كل ما يشغله هو الحصول على الراتب ليسد احتياجاته الأساسية، وعندما يحصل على الراتب المناسب لا يكف عن الشكوى، ولكن مطالبته تتغير إلى المستويات الأعلى فيطالب بالتقدير (المعنوي)، لذلك لن تنتهي شكاوى المديرين وأصحاب الأعمال من الموظفين لأنهم سيطلبون منهم شيئاً مختلفاً في كل مرة، ولن يكف الموظفون عن الشكوى في المؤسسات الصغيرة لضعف الرواتب، وفي المؤسسات الكبيرة لضعف العلاقات واللمسات الإنسانية. ومن هنا أقول دعوكم من نظريات موسلو وعلينا بالعمل الشاق، فكل ما يهمنا الآن هو نتائج التقرير الدولي عن الخليج العربي، الذي عقد في أيار (مايو) 2007م في الأردن، والتقرير حدد لنا ثلاثة سيناريوهات في الخليج حتى عام 2025م، وعلينا أن نسعى لتحقيق سيناريو "الخليج الخصيب" الذي يحقق لنا مراكز متقدمة للابتكار في بيئة عالمية، والعمل على تركيز جهودنا في تطوير الكوادر البشرية في جميع المستويات، والاستثمار بقوة في التعليم وإيجاد فرص عمل تلائم احتياجاتنا الإنسانية. لذلك عليكم ـ أبناءنا ـ أن تعيشوا لغدٍ مشرق، والحياة تحتاج منكم إلى وجهة نظر مختلفة، إنتاجية وليس استهلاكية، ابحثوا عن قائد داخلي لديكم أو حواليكم، تنطلقون به إلى عالم العمل، بالنسبة إلي اتخذت والدي نبراساً، وهو الذي ساعدني على أن أفهم لاحقا أن المستقبل هو في بناء جيل (الأبناء) وكيف أخطط لسعادتهم، وكيف أخطط لهم بداية الطريق العلمي، لذلك أنصح أبنائي دائما وأقول لهم استمتعوا بكل لحظة في التعليم! وعليكم خلق أعمال جديدة، بفكر خلاق يخدم المجتمع، وهي موجودة في الابتكار والعمل المؤسسي والمهني وفي الخدمات الاجتماعية وفي الجمعيات الخيرية. إن أهمية الإنتاجية الفردية وتطويعها لمساعدة الآخرين هي رحلة شاقة ولكنها ليست محطة نصل إليها، لذلك تمتعوا بمشاركة الآخرين في نجاحاتهم وكن مع الحكمة المجهولة التي تقول (أنا أفكر إذن أنا موجود) وحاول الإجابة عن هذه الأسئلة: ما أسماء التسعة الأغنياء في العالم؟ أو أهم تسع شخصيات سياسية في العالم؟ أو تسعة علماء فازوا بجائزة نوبل؟ لن تستطيعوا الإجابة؟ ليس لأنها أسئلة صعبة !! ولكن لا أحد يتذكرها جميعا، فالأشخاص الدوليون والأغنياء والفائزون يتم نسيانهم بعد فترة قصيرة. والآن أجب عن هذه الأسئلة: تذكر تسعة أشخاص أثروا في حياتك؟ أو تسعة أشخاص وقفوا معك في وقت شدتك؟ أو تسعة أشخاص جعلوك تفكر أنك شخص مميز؟ هذه الأسئلة أسهل من السابقة، نعم لن ننسى الأشخاص الذين يعنون لنا الكثير في هذه الحياة، حتى وإن لم يكونوا أغنى أغنياء العالم، ولم يفوزوا بالجوائز العالمية، بالنسبة إلي مَن ساعدوني هم أجمل الناس في حياتي، أفكر فيهم في كل لحظة، وفي دعمهم الإنساني، لذلك أقول ابحث بنفسك من جديد، إلى أي مجموعة من المجموعتين أعلاه تنتمي؟ هناك قصة حقيقة، لها معنى رائع ومن الممكن أن تخرج منها بتجربة، وهي إنه كان هناك تسعة متسابقين في أولمبياد سياتل 2004م، وكان كل المتسابقين معوقين جسديا وعقليا، وقفوا جميعا على خط البداية لسباق مائة متر، وانطلق مسدس بداية السباق ولم يستطع الكل الركض ولكن كلهم أحبوا المشاركة فيه، وأثناء الركض انزلق أحد المشاركين، وتعرض لشقلبات متتالية فبدأ في البكاء على المضمار، فسمعه الثمانية الآخرون وهو يبكي، فأبطأوا من ركضهم وبدأوا ينظرون إلى الوراء نحوه، وتوقفوا عن الركض، وعادوا كلهم وجلست إحداهم بجانبه وهي (فتاة منغولية)، وضمته وسألته؟ أتشعر الآن بتحسن فقال نعم؟ فنهض الجميع ومشوا جنبا إلى جنب كلهم إلى خط النهاية، هنا قامت الجماهير الموجودة جميعا وهللت وصفقت لهم، ودام هذا التهليل والتصفيق طويلا، هؤلاء الأشخاص الذين شاهدوا هذا، ما زالوا يتذكرونه، لأننا جميعاً نعلم أن مساعدة الآخرين في الحياة هي أكثر بكثير من مجرد أن نحقق الفوز لأنفسنا. ختاماً، أقول إن مساعدة أصحاب الأعمال للموظفين أو مساعدة الموظفين لأصحاب الأعمال على النجاح هي الأكثر أهمية في هذه الحياة لأنها ستنعكس إيجابياً على المجتمع بكامله، حتى لو تطلب الأمر أن نقلل من أرباحنا وننظر إلى الخلف ونغير اتجاه سباقنا، ومن باب "ولا تنسوا الفضل بينكم" هذه القصة عشتها بتجربة مختلفة مع الشيخ صالح بن علي التركي، وقد ساعدتني كثيرا على المسؤولية الاجتماعية، فربما تساعدك التجارب الأخرى على تغير نفسك، والشمعة لا تخسر شيئا إذا ما تم استخدامها لإشعال شمعة أخرى.
إنشرها