Author

الأهمية الاقتصادية للعـنوان التجاري الإلكتروني وحمايته قانونيا

|
شهدت التجارة الدولية الإلكترونية تطوراَ ملحوظاَ فـي الآونة الأخيرة، فانتقلت المعاملات مـن أرض الـواقع إلـى الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت). ولا يخفى على أحد ما يقدمه هـذا النوع الجديد مـن التجارة الدولية من مزايا لكل مـن المنتجين والمستهلكين؛ حيث تستطيع كل شركة أو مؤسسة أن تمتلك موقعاَ مميزاَ لها عـلـى تلك الشبكة يصبح عنوانها الإلكتروني؛ تعرض مـن خلالـه المـنتجات والسلع التي تتعامل فيها والخدمات التجارية التي تقدمها لجمهور المتعاملين معها، الأمر الذي يسمح لـها بالانتشار والإعلان عـن نفسها مـن خلال وسيلة عالمية سهلة ميسرة وقليلة التكلفة الاقتصادية. وبذلك أصبحت شبكة الإنترنت بالنسبة إلى هـذه المشاريع وسيلة مهمة لترويج المـنتجات والسلع والخدمـات. ومن ثم تبدو الأهمية الاقتصادية للموقع أو العنوان التجاري من ناحية فـي أنه يعد وسيلة سهلة وفاعلة للإعلان عـن المشاريع والشركات ومنتجاتها وخدماتها. إذ إن أي مشروع تجاري يلزمه الإعلان عـن نفسه إلـى جمهور المستهلكين للسلعة أو الخدمة التي يقدمها له. هـذا الإعلان الذي يتم عادة عـلـى أرض الـواقع عـن طريق اسم يختاره لنفسه، وعـنوان ثابت لـه، ورقم هاتف ورقم فاكس، أما عـلـى شبكة الإنترنت، فإن هـذا الإعلان يتم عـن طريق الموقع الإلكتروني؛ الذي يعد أداة مهمة مـن الأدوات التي تتخذها المشاريع لانتشارها وتعريف نفسها للجمهور وعرض مـنتجاتها. فمـن الممكن أن يزور الموقع مستهلكون مـن كل دول العالم ليتعرفوا على نشاط المشروع ومـا يقدمه مـن مـنتجات وخدمـات. كما تبدو أهميته من ناحية أخرى في أنه وسيلة من وسائل بيع المـنتجات التي تقدمها المشاريع التجارية؛ أي أنه بمثابة منفذ من منافذ البيع لمنتجات الشركة أو المشروع التجاري؛ حيث يستطيع المستهلكون أن يبتاعوا هـذه المـنتجات مباشرة؛ فيشبـه الموقع الإلكتروني، وفقا لـهـذه الـوظيفة, المكان الذي يمـارس فـيه التاجر أعماله التجارية، أو المحل المخصص لاستغلال تجارة أو صناعة معينة. ومن ناحية ثالثة يعد الموقع الإلكتروني وسيلة من وسائل تمييز المشاريع التجارية. إذ إن تسجيل المواقع الإلكترونية يخضع لقاعدة" الأسبقية فـي التسجيل" بحيث لا يجوز لأكثر مـن مشروع أن يكون لـه العـنوان الإلكتروني نفسه؛ فلكل مشروع عـنوان إلكتروني يميزه عـن غيره مـن المشاريع الأخرى. فالموقع الإلكتروني يحدد هوية المشاريع التجارية عـلـى شبكة الإنترنت؛ حيث تختار الشركة عادة موقعها الإلكتروني مـن حروف سهلة وبسيطة ترتبط بالعلامة التجارية الأصلية المعروفة بـها حتى تضمـن ارتباط المستهلك بعـنوانها الإلكتروني, فهـذا الارتباط بين العلامة التجارية والعـنوان الإلكتروني يترك أثره الجيد فـي نفس المستهلك وسلـوكه، ويربطه بعـنوان المشروع؛ ويشبـه دور العـنوان الإلكتروني فـي هـذه الـوظيفة الدور الذي تقوم به عـناصر الملكية التجارية الأخرى كالعلامة التجارية والاسم والعـنوان التجاري, ومـن ثـم فقد أصبح العـنوان أو الموقع الإلكتروني عـنصرا معـنويا مـن عـناصر المحل التجاري مثلـه فـي ذلك مثل العلامة والاسم التجاري. وبالنظر إلى هذه الأهمية فقد أصبح الموقع الإلكتروني مطمعا لكثير مـن الأشخاص والمشاريع التي سارعت إلـى تسجيل مواقع إلكترونية دون أن تمتلك عليـها أي حق أو مصلحة مشروعة، معتدية بذلك عـلـى حقوق شركات أخرى، وقد شكل هـذا الـواقع الجديد نوعا مـن القرصنة أو السطو عـلـى حقوق الملكية التجارية للآخرين. ومن المعلوم أنه صدر حديثا نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في السعودية لسد الفراغ التشريعي في هذا المجال، ولتلبية حاجات الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد؛ حيث يعاقب هذا النظام بالسجن والغرامة كل من دخل، من دون وجه حق، موقعا في الشبكة المعلوماتية، لتغيير تصاميم هذا الموقع أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله أو شغل عنوانه. وبذلك أضفى حماية جنائية للموقع الإلكتروني ومحتوياته بتجريم الدخول غير المشروع على مواقع الإنترنت, ولكن هذا لا يكفي, بل يلزم حماية محتويات المواقع المخصصة للتجارة الإلكترونية في ضوء قوانين حماية الملكية الفكرية؛ ومن ثم فإننا نرى ضرورة وضع قواعد قانونية تحمي المواقع الإلكترونية للشركات والمشاريع عبر شبكة الإنترنت مـن الاعتداء عليـها مـن جانب مسجلي المواقع الإلكترونية, الذي يتم بتقليد علاماتها التجارية ومواقعها الإلكترونية, بحيث يترتب عليها خداع المتعاملين معها عبر الشبكة الدولية للمعلومات. ذلك أنه لا يمكن، بأي حال مـن الأحوال، تجاهل وجود الموقع الإلكتروني فـي الحياة القانونية اليومية للأشخاص الاعتباريين من شركات أو مؤسسات، فهـذا الـوجود يتأكد يومـا بعد يوم، كمـا أن أهميته تزداد عـلـى مر الأيام. وعندما يثار أمام القضاء الوطني أو قضاء التحكيم التجاري الدولي مـنازعة تتعلق بالاعتداء على موقع إلكتروني أو على علامة تجارية لأحد المشاريع التجارية عبر الشبكة الدولية للمعلومات، فسوف يثار أمام المحكمة أو هيئة التحكيم العديد مـن المسائل القانونية التي تتطلب وضع حلول قانونية لها مـنها: تحديد المقصود بالموقع الإلكتروني, وطبيعته القانونية, والنظام القانوني الذي يخضع لـه هـذا الموقع فـي تسجيلـه واستخدامه, والقواعد القانونية التي تقرر الحماية الكافية للموقع الإلكتروني والعلامة التجارية التي تستطيع عـلـى أساسها المحكمة أو هيئة التحكيم أن تفصل فـي النزاع.
إنشرها