الوقاية من تليف الكبد بتجنب الكحوليات وأماكن العدوى

الوقاية من تليف الكبد بتجنب الكحوليات وأماكن العدوى

تعد الكبد أحد أهم أعضاء الجسم، وهي أكبر أعضاء الجسم البشري وتقع في الجزء الأيمن العلوي من تجويف البطن تحت الحجاب الحاجز خلف الأضلع, وتقوم الكبد بوظائف مهمة لاستمرار الحياة، حيث تنتج اللبنات الأساسية اللازمة لبناء الجسم وكذلك تخليص الجسم من المواد الكيماوية السامة الناتجة عن الاحتراق، وقد تصاب الكبد بمرض التليف الكبدي الذي ينجم عنه قصور في وظائفها من جراء محاولاتها المضنية المتواصلة في معالجة الكميات المتكاثرة من المواد السمية، وبذلك تصاب بالوهن قبل الأوان، ولذلك من الضروري معرفة الأسباب التي تؤدي إلى قصور وتليف الكبد، وفي حالة تعرضها لهذا المرض، يجب علاجها في أسرع وقت. الدكتورة غادة عامر استشارية أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير في المركز تقدم في الحوار التالي، تعريفاً بطرق العلاج والوقاية من أمراض الكبد. كيف نعرف مرض التليف الكبدي؟ تليف الكبد يطلق عليه تشمع الكبد أيضاً، وتصاب بأضرار تؤدي إلى تغير في الأنسجة التي تحل محل الأنسجة السليمة فيها مما يعوقها عن العمل, وهذا التليف يظهر بعد عدة سنوات من التهاب الكبد، حيث تحيط الأنسجة المتليفة بالخلايا السليمة مما يجعل الأنسجة تصبح كالعقد، وهذه الأنسجة العقدية يمكنها إغلاق القنوات المرارية وجعلها متورمة مما يجعل السائل المراري يرتد للكبد ومجرى الدم, كما أن هذه الأنسجة العقدية يمكنها منع تدفق الدم من الأمعاء للكبد مما يزيد الضغط في الأوردة التي تتصل بهذه المنطقة وتمدها بالدم، ولاسيما منطقة الوريد البابي، وهذه الحالة يطلق عليها ارتفاع الضغط البابي مما يجعل الضغط يزداد في الأوردة المحيطة، ويحدث نزيفاً دموياً من الأوردة المنتفخة في القناة الهضمية. ما وظائف الكبد الأساسية؟ تقوم الكبد بعدة وظائف أساسية لحياة الإنسان فهي تخلص الجسم من السميات وتنظم مستوى الكوليسترول فى الدم، وتقوم بدور رئيسي في التعامل مع السكريات والبروتينات والدهون في جسم الإنسان، وتصنع مئات الأنواع من البروتينات والإنزيمات والهرمونات التي يحتاج إليها الجسم في بناء خلاياه المتعددة في الأعضاء المختلفة، وتفرز العصارة الصفراوية الكبدية التي تقوم بدور رئيسي في هضم الطعام والمساعدة على امتصاصه، خاصة الدهنيات، وتحول الأحماض الأمينية إلى يوريا. وهناك وظائف أخرى مثل تكوين خلايا الدم الحمراء في الجنين داخل الرحم، وتخزين الحديد وبعض المعادن الأخرى، إضافة إلى الفيتامينات المهمة في الجسم، وحفظ التوازن الهرموني في جسم الإنسان. ما الأسباب وراء الإصابة بمرض التليف الكبدي؟ الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي(سي) حيث يؤدي إلى التهاب الكبد، ومن ثّم إلى التليف, والأشخاص الذين يتم إصابتهم بهذا الفيروس يعانون من التهاب كبدي مزمن إلى أن يتطور ليصبح تليفا بعد فترة من الزمن قد تصل إلى 20 عاماً, والإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي( بي) والذي له نفس تأثير فيروس (سي) يؤدي إلى تليف الكبد والإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (دي) وتتلازم مع الإصابة بفيروس (بي) أولاً. ومن الأسباب أيضا أمراض الجهاز المناعي، التي تهاجم القنوات المرارية أو خلايا الكبد ذاتها, وقد تأتي الإصابة من الأعراض الجانبية لأحد الأدوية أو العقاقير, أو التعرض الطويل للسموم البيئية والعدوى المتكررة من البكتريا والطفيليات التي تصيب الكبد, وتتراكم الدهون بإفراط على الكبد مما يؤدي إلى تكون الندبات, وقد تكون الأمراض الوراثية سبباً. وأيضا من أسباب تليف الكبد الإفراط في تناول الكحوليات, لأن الكحول له تأثير سام على خلايا الكبد, وقد يختلف تأثير الكحول عند شربه من شخص لآخر فلا تكون الكمية الكبيرة شرطاً فقط للإصابة به، كما أن السيدات أكثر عرضة للتأثير عن الرجال وحتى إن كان التناول بكميات قليلة. هل هناك أعراض لمرض التليف الكبدي في المراحل الأولى، وما أعراضه في المراحل المتقدمة؟ في المراحل الأولى لا يكون للمرض أي أعراض، ولكن عندما تبدأ وظائف الكبد بالتقلص تدريجياً يبدأ ارتشاح السوائل بالقدمين والتجويف البطني وتزيد سيولة الدم, وتفقد قدرتها على التمثيل الغذائي للبيليروبين، وتتلخص الأعراض في الإحساس بالإرهاق العام، فقدان الشهية، الغثيان، آلام في البطن، ضعف عام، وتراكم الماء في الأرجل, وفي البطن (الاستسقاء) وأيضا أرتفاع طفيف في درجة الحرارة والإصابة بالصفراء (اكتساب الجسم وبياض العين باللون الأصفر)، إضافة إلى الهرش، فقدان التركيز, ومع تدهور وظائف الكبد تحدث رعشة في اليدين وتدهور درجة الوعي، وفي النهاية غيبوبة كبدية وقد يحدث قيء دموي أو خروج براز مدمم. ما أبرز مضاعفات تليف الكبد؟ عدم قدرة الكبد على القيام بواجبها على الوجه الأكمل، وهذا قد يحدث خمولا أو ارتباكا في بعض وظائف الجسم، الذي يؤدي إلى: ـ فشل كبدي مزمن وتناقص تدريجي في وظائف الكبد. ـ نزيف دموي من الفم أو الشرج. ـ تضخم الطحال واستسقاء في البطن. ـ عدم القدرة على مقاومة الالتهابات والأمراض. وترتفع نسبة حدوث الأورام الخبيثة في الكبد المتليفة عنها في الطبيعية بصورة ملحوظة. إذا وجدت حصوات المرارة في مريض التليف الكبدي, هل يستلزم إجراء جراحة له؟ تحدث حصوات المرارة بكثرة في مرضى التليف الكبدي طالما أن هذه الحصوات ساكنة (ليس لها أعراض) أي لا توجد آلام مرارية غير محتملة أو لا يوجد انسداد بالقنوات المرارية، فلا يوجد أي مبرر لاستئصال المرارة – بل إن الجراحة تعتبر في غير مكانها لأن ذلك قد يضر الكبد بل لعله من الدعائم القوية التي تؤدي إلى الخلل الكبدي الحاد, أما في حالة وجود أعراض حادة فيتم عمل العملية ولكن باستخدام مخدر خاص بمرض القصور الكبدي. كيف يمكن تشخيص أمراض الكبد والفحوص؟ يشخص مرض التليف الكبدي بواسطة التحاليل الطبية الحديثة، التي تستطيع تحديد درجة القصور الكبدي وبيان المرحلة الصحية التي وصل إليها المريض وحالة الكبد بدقة متناهية، إضافة إلى التحاليل الدقيقة لمعرفة الأنواع الأكثر ندرة من الالتهابات الكبدية منها المناعية أو تلك التي لها علاقة بالمعادن في الجسم، أما بالنسبة للفيروسات فهناك أحدث التحاليل الطبية التي تحدد نوع الفيروس بدقة، إضافة إلى فصيلته وكميته ومدى نشاطه، مما يحدد نوع العلاج والزمن المطلوب للعلاج للقضاء على الفيروس، ثم بعد ذلك توضح التحاليل بدقة مدى نجاح العلاج في القضاء على الفيروس تماماًُ وإعلان الشفاء بإذن الله تعالى. ومن هنا أعطي نبذة عن الأسباب التي توجب عمل تلك الفحوص شاملة، فلعل الأطباء يتفقون على أن الوقاية خير من العلاج، فهناك أمراض متنوعة وخطيرة قد تصيب الشخص دون إنذار مسبق أو أن تكون هناك أعراض كضغط الدم، ارتفاع الدهون (الكليسترول)، تصلب الشرايين، السكري، أورام الثدي، والرئة، والقولون، والتهابات الكبد الفيروسية، إلى آخرها يمكن تلافيها بالفحص الطبي الشامل المبكر، واكتشافها مبكراً يساعد على تسهيل علاجها بإذن الله تعالى بالتدخل العلاجي المناسب، فالفائدة كبيرة من خلال الفحص الطبي الشامل. ما أفضل طرق الوقاية والعلاج ؟ وهل العلاجات الحديثة للفيروسات فعالة لتليف الكبد؟ إن الوقاية من تليف الكبد هي بتجنب تناول الكحوليات، وتجنب العدوى بالاتهاب الكبدي الوبائي فيروس(بي وسي) وذلك عن طريق عدم الحقن بالمخدرات أو الممارسة الجنسية غير المشروعة مع أشخاص مختلفين، أو وضع الوشم مع ضمان استخدام الأدوات المعقمة والنظيفة عند طبع الوشم على الجلد أو لأي غرض آخر، والتطعيم ضد الالتهاب الفيروسي (بي) على ثلاث جرعات الذي يسهم بنسبة 90 في المائة في الوقاية ضد هذا المرض, والعاملون في المجال الطبي عليهم اتخاذ الإجراءات الوقائية عند التعرض للدم, وأيضا هناك طريقة أخرى لانتقال العدوى عن طريق الجروح أثناء حلاقة الشعر أو الذقن أو تقليم الأظافر، لذلك ننصح باستعمال أدواتنا الخاصة في هذه الأماكن. أما العلاج فإنه يختلف باختلاف السبب والمرحلة التي وصل إليها المرض, وهناك العديد من العقاقير الحديثة التي أثبتت فاعلية أكبر في علاج التهابات الكبد الوبائية التي كان من الصعب علاجها سابقاً. فالتهاب الفيروس الكبدي المزمن C الآن يتم علاجه بالحقن تحت الجلد بعقار INF، والنوع الحديث من هذه المادة يسمح بالحقن مرة واحدة أسبوعيا بدلاً من يوم بعد يوم، وقد أعطى هذا العلاج أملاً كبيراً للشفاء، خاصة بعد أن أصبح يضاف إليه نوع آخر من الحبوب تعطى عن طريق الفم. وبهذا يعتبر العلاج المزدوج من أنجح العلاجات للقضاء على هذا الفيروس, أما بالنسبة لعلاج التهاب الكبد الوبائي B فقد ظهرت في السنوات الأخيرة أنواع مختلفة من العقاقير التي أثبتت فعالية عالية لعلاجه، سواء كان علاجا عن طريق الحقن أو الحبوب، وأحدثها الآن أصبح متاحا في الأسواق السعودية حديثاُ، مما يعطي أملاً أكبر من الشفاء من هذا المرض دون حدوث مناعة من الفيروس ضد الأدوية، كما كان في السابق. وبغض النظر عن السبب فإنه يمنع كل المرضى من شرب الكحوليات وأخذ الأدوية التي تتعارض مع أمراض الكبد، التي تعمل على تدهور الحالة. وفي حالة تليف الكبد, الناتج عن الالتهابات المناعية، تعطى أدوية مثبطة للجهاز المناعي لعلاج الالتهاب الكبدي، وأحيانأ يلجأ الأطباء إلى ما يسمى بشق الوريد حيث يتم سحب الدم من الجسم لتقليل معدلات الحديد في حالات ارتفاعه المزمن في الكبد. وتعتبر مناظير الجهاز الهضمي خطوه مهمة في تشخيص وعلاج القيء الدموي المصاحب لالتهاب الكبد المزمن وارتفاع الوريد البابي. أخيرا يوصي الطبيب بتناول الأطعمة قليلة الأملاح، أو الأدوية المدرة للبول لمنع احتباس السوائل التي تؤدي إلى الاستسقاء، وأيضاً تناول الملينات لإخراج السموم من الجسم, وقد توصف أدوية تقلل من الهرش والتعرض للعدوى، وهناك أدوية أخرى لخفض ضغط الدم في الوريد البابي وعلاج النزيف الذي يتعرض له المريض، ويتم ذلك بطرق عديدة، وتكون المرحلة النهائية زرع الكبد الذي أصبح من الجراحات الناجحة بنسبة تتراوح من80 إلى 90 في المائة، حيث تستخدم أدوية تساعد على تكيف هذه الكبد الجديدة مع الجسم حتى لا يلفظها الجهاز المناعي ومن هذه الأدوية Cyclosporine.
إنشرها

أضف تعليق