Author

الوسوسة ومشكلاتها 1

|
[email protected] كثيراً ما تعرض قضايا الوسوسة ومشكلاتها ضمن استفتاءات الناس، وهي غير بعيدة من مجال المعالجة في العيادات النفسية. وقد وجدت أن الوساوس بأنواعها وبقدر ما تسببه من مشكلات لأصحابها إلى حد يقارب الهلوسة لبعضهم؛ إلا أنها مع ذلك سهلة الحل بعون الله؛ متى استطاع المصاب بها أن يسير في إطارين وقائيين وعلاجيين في آن واحد: الإطار الوقائي والإطار العلاجي. وبداية تعرف الوسوسة Obsession لدى بعض المتخصصين بأنها: أفكار غير معقولة تلازم الموسوس، وقد تظهر بهيئة كلام أو أفعال غير منتظمة ولا معقولة، بينما يذهب علماء النفس لتعريفها بأنها تعبير نفسي عن شعور الإنسان بالقلق جراء الإحساس بالإثم. وتتعدد مجالات الوسوسة، فمنها وسوسة الشيطان وهي التي ابتدأها عدو الله إبليس مع أبينا آدم عليه السلام واستمر بها مع ذريته من بعده، والتي يدعوهم فيها إلى الغواية والضلال، وعنها تنشأ الوساوس الأخرى، وثمة وساوس النفس الأمَّارة بالسوء والتي تجنح به نحو السوء، وثمة الوساوس في العبادات: ومن أكثرها شيوعاً الوسوسة في الطهارة أو ما يُسمى "رهاب القذارة" Mysophopia وهو معبر عن خوف الشخص من عدم اكتمال طهارته. ومما يعين على تجنب الوسوسة ومعالجتها: 1/ الالتجاء إلى الله والاستعاذة به سبحانه من الشيطان الرجيم، وتكرار الاستعاذة كلما وردت الوسوسة على الشخص، سواءً أكانت في مجال الاعتقاد أو مجال العبادات: قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف:200]. ففي الاعتقادات والتصورات الذهنية أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى بعض صور هذه المشكلة فقال: "يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" متفق عليه. وهذا المنهج النبوي هو ما سماه عالم غربي هو Walpe بـطريقة وقف الأفكار thought stopping بحيث إذا تسلس في الأفكار الخاطئة يقول لنفسه: (قف) وهذه طريقة جيدة ولها نتائج فاعلة، لكنها لا تقارن بعظمة الالتجاء إلى الله والاستعاذة به سبحانه. وفي مجال العبادات: روى مسلم أن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليَّ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذاك شيطان يقال له: خِنْزَب ؛ فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً" قال : ففعلت ذلك ؛ فأذهبه الله عني. فالاستعاذة بالله هي السلاح الجاهز في كل لحظة لكف الذهن عن الاسترسال في اجترار الأفكار وتكرارها. وللحديث صلة في مقال تال بعون الله.
إنشرها