التليف مرحلة خطيرة من التهابات الكبد .. والزراعة لم تعد الخيار الوحيد

التليف مرحلة خطيرة من التهابات الكبد .. والزراعة لم تعد الخيار الوحيد

تعد الكبد من أكبر أعضاء الجسم البشري، وتقع في الجزء الأيمن العلوي من تجويف البطن تحت الحجاب الحاجز خلف الأضلع. وتؤدي الكبد وظائف مهمة لاستمرار الحياة، حيث تنتج اللبنات الأساسية اللازمة لبناء الجسم، وكذلك تخليصه من المواد الكيمياوية السامة الناتجة عن الاحتراق، وقد تصاب الكبد بمرض التليف الكبدي الذي يؤدي إلى عدم قدرة الكبد على القيام بواجبها على الوجه الأكمل. الدكتور مازن حميد استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي، تحدث عن الوظائف الأساسية للكبد، والأسباب التي تؤدي إلى التليف الكبدي ثم التشمع وغيرها من المعلومات المهمة. كَثُرَ الحديث عن مرض التليف الكبدي الذي يكون سبباً في إعاقة أكبر أعضاء الجسم عن علمه، فهل لك أن تعرفه لنا؟ تليف الكبد (مرحلة ما قبل التشمع) يطلق على الكبد عندما تصاب بأمراض تؤدي إلى ترسبات ليفية في أنسجتها وتحل محل الأنسجة السليمة بها مما يعوقها عن العمل، وهذا التليف يظهر بعد عدة سنوات من التهاب الكبد المزمن الفعال حيث تحيط الأنسجة المتليفة بالخلايا السليمة مما يجعل الأنسجة تصبح كالعقد وهذه الأنسجة العقدية يمكنها إغلاق القنوات المرارية وجعلها متورمة مما يجعل السائل المراري يرتد للكبد ومجرى الدم ، كما أن هذه الأنسجة العقدية يمكنها منع تدفق الدم من الأمعاء للكبد مما يزيد الضغط في الأوردة التي تتصل بهذه المنطقة وتمدها بالدم ولاسيما منطقة الوريد البابي وهذه الحالة يطلق عليها ارتفاع الضغط البابي portal hypertension مما يجعل الضغط يزداد في الأوردة الهضمية ويحدث نزيف دموي من هذه الأوردة المنتفخة كما في دوالي أسفل المريء. الكبد مصنع كيميائي متكامل للكبد وظائف تؤديها، فما وظائف الكبد الأساسية؟ تؤدي الكبد عدة وظائف أساسية لحياة الإنسان، فهي تخلص الجسم من السموم وينظم مستوى الكوليسترول فى الدم، وتقوم بدور رئيسي في التعامل مع السكريات والبروتينات والدهون في جسم الإنسان، وتصنع مئات الأنواع من البروتينات والإنزيمات والهرمونات التي يحتاج إليها الجسم في بناء خلاياه المتعددة في الأعضاء المختلفة، وتفرز العصارة الصفراوية الكبدية التي تقوم بدور رئيسي في هضم الطعام والمساعدة على امتصاصه وخاصة الدهنيات كما و تحول الأحماض الأمينية إلى يورياUrea. وهناك وظائف أخرى مثل تكوين خلايا الدم الحمراء في الجنين داخل الرحم وتخزين الحديد وبعض المعادن الأخرى, بالإضافة إلى الفيتامينات المهمة في الجسم و حفظ التوازن الهرموني في جسم الإنسان. الكبد تخلص الجسم من السموم، فما الأسباب وراء الإصابة بالتليف الكبدي؟ هناك أمراض كثيرة قد تؤدي بالكبد إلى التليف و من ثم إلى التشمع ومنها: الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (سي) C حيث يؤدي إلى التهاب الكبد ثم إلى التليف والتشمع بنسبة عالية بعد فتره من الزمن قد تصل إلى 20 عاماً، وكذلك الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي ( بي) B الذي له نفس تأثير فيروس (سي) ، و لكن يؤدي إلى التليف والتشمع بنسبة أقل، ومن الأسباب الأخرى أيضاً أمراض الجهاز المناعي التي تهاجم القنوات المرارية أو خلايا الكبد ذاتها، وتأتي الإصابة من الأعراض الجانبية لإحدى الأدوية أو العقاقير، أو التعرض الطويل الأمد للسموم البيئية والعدوى المتكررة من البكتيريا والطفيليات التي تصيب الكبد، وتراكم الدهون بإفراط على الكبد مما يؤدي إلى تكون الندبات وقد تكون الأمراض الوراثية سبباً ومنها تراكم الحديد على الكبد، وعلى الأعضاء الأخرى أو النحاس مثل داء ويلسون الذي يفرز فيه النحاس بتركيزات غير طبيعية. وهنالك أيضاً الإفراط في تناول الكحوليات، لأن الكحول له تأثير سام, وقد يختلف تأثير الكحول عند شربه من شخص إلى آخر فلا تكون الكمية الكبيرة فقط شرطاً للإصابة به، كما أن السيدات أكثر عرضة للتأثير عن الرجال وحتى إن كان التناول بكميات قليلة. هل هناك أعراض للتليف الكبدي في المراحل الأولى وما أعراضه في المراحل المتقدمة؟ في المراحل الأولى لا يكون للتليف الكبدي أي أعراض، ولكن عندما تبدأ وظائف الكبد بالتناقص تدريجياً يبدأ ارتشاح السوائل بالقدمين والتجويف البطني وتزيد سيولة الدم، وتفقد قدرتها على التمثيل الغذائي و بناء الالبومين، وتتلخص الأعراض في الإحساس بالإرهاق العام وفقدان الشهية والغثيان وآلام في البطن وضعف عام وتراكم الماء في الأرجل، وفي البطن (الاستسقاء) وأيضا ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وتلون الجلد وبياض العين باللون الأصفر، إضافة إلى الحكة وفقدان التركيز، ومع تدهور وظائف الكبد تحدث رعشة باليدين وتدهور درجة الوعي وفي النهاية غيبوبة كبدية وقد يحدث قيء دموي أو خروج براز مدمي، إضافة إلى أعراض أخرى. ما أبرز مضاعفات تليف الكبد؟ عند عدم قدرة الكبد على القيام بواجبها على الوجه الأكمل قد يحدث نزيف دموي من الفم أو الشرج، و تضخم الطحال واستسقاء بالبطن، وعدم القدرة على مقاومة الالتهابات والأمراض، وترتفع نسبة حدوث الأورام الخبيثة في الكبد المتشمعة عنها في الطبيعية بصورة ملحوظة. إذا وجدت حصوات المرارة في الشخص المصاب بالتليف الكبدي، هل يستلزم إجراء جراحة له؟ تحدث حصوات المرارة بكثرة في مرضى التليف الكبدي ، وطالما أن هذه الحصوات ساكنة (ليس لها أعراض) أي لا توجد آلام مرارية غير محتملة أو لا يوجد انسداد بالقنوات المرارية، فلا يوجد أي مبرر لاستئصال المرارة بل إن الجراحة تعتبر في غير مكانها لأن ذلك قد يضر الكبد بل لعله من الدعائم القوية التي تؤدي إلى الخلل الكبدي الحاد ، أما في حالة وجود أعراض حادة فيتم عمل العملية ولكن باستخدام مخدر خاص بمرض القصور الكبدي. كيف يمكن تشخيص أمراض الكبد؟ بواسطة التحاليل الطبية الحديثة حيث تستطيع تحديد درجة القصور الكبدي وبيان المرحلة المناعية التي وصل إليها المريض وحالة الكبد بدقة متناهية إضافة إلى التحاليل الدقيقة لمعرفة الأنواع الأخرى من الالتهابات الكبدية منها المناعية أو تلك التي لها علاقة بالمعادن في الجسم أما بالنسبة للفيروسات فهناك عدة تحاليل طبية تحدد نوع الفيروس بدقة, إضافة إلى نوعه الجيني وكميته مما يحدد نوع العلاج والزمن المطلوب للعلاج للقضاء على الفيروس، كذلك توضح التحاليل التالية مدى نجاح العلاج في القضاء على الفيروس وإعلان الشفاء بإذن الله. ما أفضل طرق الوقاية والعلاج؟ وهل العلاجات الحديثة للفيروسات فعالة لتشمع الكبد؟ إن الوقاية من تشمع الكبد هي بتجنب تناول الكحوليات وتجنب العدوى بالالتهاب الكبدي الوبائي فيروس (بي، سي) اللذين ينتقلان عن طريق الحقن بالمخدرات أو الممارسة الجنسية غير المشروعة مع أشخاص مختلفين أو وضع الوشم و للوقاية يجب استخدام الأدوات الجراحية الخاصة بالوشم مرة واحدة وكذلك التطعيم ضد الالتهاب الفيروسي (بي) على ثلاث جرعات والذي يساهم بنسبة 90 في المائة، من الوقاية ضد هذا المرض والعاملون في المجال الطبي عليهم اتخاذ الإجراءات الوقائية عند التعرض للدم، وأيضا هناك طريقة أخرى لانتقال العدوى عن طريق الجروح أثناء حلاقة الشعر أو الذقن أو تقليم الأظافر لذلك ننصح باستعمال أدواتنا الخاصة في هذه الأماكن. أما العلاج فإنه يختلف باختلاف السبب والمرحلة التي وصل إليها المرض، وهناك العديد من العقاقير الحديثة التي أثبتت فاعلية أكبر في علاج التهابات الكبد الوبائية التي كانت من الصعب علاجها سابقاً. فالتهاب الفيروس الكبدي المزمن ( C) الآن يتم علاجه بالحقن تحت الجلد بعقار ( INF) والنوع الحديث من هذه المادة سمح بالحقن مرة واحده أسبوعيا بدلاً من ثلاث مرات أسبوعيا وقد أعطى هذا العلاج أملاً كبيراً للشفاء خاصة بعد أن أصبح يضاف إليه نوع آخر من الحبوب تعطى عن طريق الفم. وبهذا يعتبر العلاج المزدوج من أنجح العلاجات للقضاء على هذا الفيروس أما بالنسبة لعلاج التهاب الكبد الوبائي ( B) فقد ظهرت في السنوات الأخيرة أنواع مختلفة من العقاقير التي أثبتت فعالية عالية لعلاجه سواء كانت علاجا عن طريق الحقن أو الحبوب وأحدثها الآن أصبح متاحاً في الأسواق السعوديةُ مما يعطي أملاً أكبر من الشفاء من هذا المرض بتقليل حدوث مناعة من الفيروس ضد الأدوية كما كان في السابق. وبغض النظر عن السبب، فإنه يمنع كل المرضى من شرب الكحوليات وأخذ الأدوية التي تتعارض مع أمراض الكبد والتي تعمل على تدهور الحالة وفي حالة تليف الكبد، الناتج عن الالتهابات المناعية تعطى أدوية مثبطة للجهاز المناعي لعلاج الالتهاب الكبدي. هذا وتعتبر مناظير الجهاز الهضمي خطوة مهمة في تشخيص وعلاج القيء الدموي المصاحب لقصور الكبد المزمن وارتفاع ضغط الوريد البابي كما و يوصي الأطباء بتناول الأطعمة قليلة الأملاح أو الأدوية المدرة للبول لمنع احتباس السوائل التي تؤدي إلى الاستسقاء وأيضا تناول الملينات لإخراج السموم من الجسم ، وقد توصف أدوية تقلل من الحكة وهناك أدوية أخرى لخفض ضغط الدم بالوريد البابي وعلاج النزيف الذي قد يتعرض له المريض ويتم ذلك بطرق عديدة وتكون المرحلة النهائية هو زرع الكبد الذي أصبح من الجراحات الناجحة بنسبة تراوح بين 80 و90 في المائة، حيث تستخدم أدوية تساعد على تكيف هذا الكبد الجديد مع الجسم حتى لا يلفظها الجهاز المناعي ومن هذه الأدوية"Cyclosporine".
إنشرها

أضف تعليق