أخبار اقتصادية

دعوة إلى الاستفادة من الهندسة المالية في استنباط أدوات جديدة

دعوة إلى الاستفادة من الهندسة المالية في استنباط أدوات جديدة

دعوة إلى الاستفادة من الهندسة المالية في استنباط أدوات جديدة

دعا أكاديمي متخصص العاملين في مجال التمويل الإسلامي إلى العمل على تحديد معنى شامل للهندسة المالية الإسلامية لمقابلة احتياجات المستثمرين وطالبي التمويل المتجددة لأدوات التمويل التي تعجز الطرق الحالية عن الإيفاء بها ولإدارة المخاطر في المصارف الإسلامية. وقال عبد الكريم قندوز المحاضر في قسم المالية في كلية العلوم الإدارية والتخطيط في جامعة الملك فيصل إن الوقت قد حان للاستفادة من الهندسة المالية في استنباط وسائل وأدوات مالية جديدة، وكذلك من أجل استكمال المنظومة المعرفية لنظرية التمويل الإسلامية التي ما تزال بحاجة إلى تحديد عديد من المفاهيم والمصطلحات. وأضاف أن هذه الهندسة التي برزت مع تقلبات أسعار السلع والفائدة والعملات والأسهم والسندات ما زالت مبهمة ومتعددة التعريفات، على الرغم من أهميتها الكبيرة في هذا الوقت الذي يعاني فيه العالم تبعات الأزمة المالية العالمية، ويبحث في الوقت نفسه عن أدوات ووسائل جديدة. وفي هذا الإطار تحدث قندوز عن تعدد وتنوع الآراء حول تعريف مصطلح الهندسة المالية بين من يرى أنها تعني مجموع تقنيات التحوُّط وإدارة المخاطر، ومن يرى أنها تعني الابتكار المالي إلى من يرى أنها يمكن أن تشمل أي عمل لحل مشكلات التمويل. وقال معقباً على ذلك إنه وعلى الرغم من حداثة مصطلح الهندسة المالية، إلا أنه كمفهوم قد وجد منذ ظهور الحاجات البشرية إلى التمويل. وأضاف أن هناك عدة عوامل أسهمت في انتشار الهندسة المالية، فإضافة إلى التقلبات التي تعرفها الاقتصادات العالمية، هناك إدخال الحاسبات الآلية وتقنيات الاتصال أو ما يعرف بتكنولوجيا الإعلام والاتصال ITC. وهذه الأخيرة ـ والحديث ما زال لقندوز - ساعدت على تخفيض أوقات المعاملات وتكاليفها. وفي هذا الصدد أشار قندوز إلى سعي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى إنشاء مركز للهندسة المالية الإسلامية، وأضاف أنه من المتوقع أن تتركز رؤية المركز، الذي يسعى القائمون عليه إلى أن يكون متميزاً على الصعيد الدولي على تطوير وابتكار حلول وأدوات مالية جديدة وملائمة تجمع بين المصداقية الشرعية والكفاءة الاقتصادية العلمية. #2# مفهوم واحد وتعريفات متعددة وبالعودة إلى مفهوم ومصطلح "الهندسة المالية" يقول قندوز إنه كمفهوم فهو قديم قدم التعاملات المالية، لكنه يبدو حديثاً نسبياً من حيث المصطلح والتَّخصُّص. ويمضي قائلاً إن معظم تعاريف الهندسة الماليةِ مستخلصة مِنْ وجهات نظر الباحثين الذين يُطوّرونَ النماذجَ والنظرياتَ، أَو مصممي المُنتَجات المالية في المؤسساتِ الماليةِ أو في الأسواق المالية، وفي هذا الإطار يقول قندوز يمكننا تعريف الهندسة المالية بأنها: "التصميم، والتطوير، والتنفيذ، لأدوات وآليات مالية مبتكرة، والصياغة لحلول إبداعية لمشكلات التمويل". وهو بذلك يشير إلى أن الهندسة المالية تتضمن ثلاثة أنواع من الأنشطة: ابتكار أدوات مالية جديدة، مثل بطاقات الائتمان، ابتكار آليات تمويلية جديدة من شأنها تخفيض التكاليف الإجرائية لأعمال قائمة، مثل التبادل من خلال الشبكة العالمية، وأخيراً ابتكار حلول جديدة للإدارة التمويلية، مثل إدارة السيولة أو الديون، أو إعداد صيغ تمويلية لمشاريع معينة تلائم الظروف المحيطة بالمشروع. ونوه هنا بأن الابتكار المقصود ليس مجرد الاختلاف عن السائد، بل لا بد من أن يكون هذا الاختلاف متميزاً إلى درجة تحقيقه مستوى أفضل من الكفاءة والمثالية. لذا فلا بد من أن تكون الأداة أو الآلية التمويلية المبتكرة تحقق ما لا تستطيع الأدوات والآليات السائدة تحقيقه. وعليه يمكن إجمال مفهوم الصناعة المالية بأنها ابتكار لحلول مالية، فهي تركز على عنصر الابتكار والتجديد، كما أنها تقدم حلولاً، فهي بذلك تلبي احتياجات قائمة أو تستغل فرصاً أو موارد معطلة. وكونها مالية يحدد مجال الابتكار في الأنشطة الاقتصادية، سواء في التبادل أو التمويل. الهندسة المالية والتمويل الإسلامي وفي إشارة إلى خلو التمويل الإسلامي من مصطلح الهندسة المالية يقول قندوز إنه بالإمكان ومن التعريفات السابقة الخروج بتعريف لمصطلح "هندسة مالية إسلامية"، حيث يمكن تعريفها على أنها: "مجموعة الأنشطة التي تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الأدوات والعمليات المالية المبتكرة، إضافة إلى صياغة حلول إبداعية لمشكلات التمويل وكل ذلك في إطار توجيهات الشرع الإسلامي". أما فيما يخص مفهومها فيؤكد قندوز أنها موجودة منذ القدم، قائلاً إنها قد أخذت عدة أشكال، فالمخارج الفقهية - يقول قندوز ـ التي اقترحها رواد المذاهب الفقهية في محاولة التيسير على المسلمين في تعاقداتهم المالية وفقاً لضوابط الشرع الإسلامي، لا تخرج عن دائرة "الهندسة المالية الإسلامية"، بل يمكن إرجاعها حتى إلى عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من خلال توجيهاته للصحابة ـ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ـ لمعاملاتهم المالية بشكل لا يخل بالكفاءة الاقتصادية للمعاملة (مع مراعاة الجانب الشرعي لها)، ولعل من أمثلتها توجيهه ـ صلي الله عليه وسلم ـ لبلال المازني ـ رضي الله عنه ـ عندما أراد أن يبادل التمر الجيّد بالتمر الرديء، فقال له ـ صلي الله عليه وسلم: "لا تفعل، بع الجمع (وهو نوع جيد من أنواع التمر) بالدراهم واشتر بالدراهم جنيباً" (كل لون من النخيل لا يعرف اسمه فهو جمع، وقيل الجمع: تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوباً فيه، وما يخلط إلا لرداءته)، إذ في ذلك يقول قندوز إشارة إلى أهمية البحث عن حلول تلبي الحاجات الاقتصادية دون إخلال بالأحكام الشرعية. ويختم قندوز حديثه قائلاً إن الملاحظ من كل ما سبق هو أن الشريعة الإسلامية لم تأت بتفصيل هذه الحلول، إنما جاءت بتفصيل ما لا يحل من المعاملات المالية، وهذا يتفق مع القول إن الأصل في المعاملات الحل، إلا ما عارض نصاً أو حكماً شرعياً ثابتاً. وعليه فالشريعة الإسلامية لم تحجر دائرة الابتكار، إنما على العكس، حجرت دائرة الممنوع، وأبقت دائرة المشروع متاحة للجهد البشري في الابتكار والتجديد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية