استغلال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية

استغلال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية

استغلال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية

يعمل آلاف الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية والمناطق الصناعية في الضفة الغربية. لا يختار معظمهم العمل هناك بل هم شبه مرغمين على العمل بسبب ارتفاع نسبة بسبب ارتفاع البطالة وتدني الأجور في مناطق السلطة الفلسطينية. ومع أن قانون العمل الإسرائيلي ساري المفعول في المستوطنات غير الشرعية بحسب القانون الدولي، إلا أن العمال الفلسطينيين غالبا ما يتم استغلالهم ماديا ونفسيا في هذه المستوطنات. أحد هؤلاء العمال هو محمد جلايطة (أبو صالح). يعمل نجارا منذ عشر سنيين في مصنع حي آدم الواقع في المنطقة الصناعية ميشور أدوميم، أحد المناطق الصناعية الإسرائيلية العشرة في الضفة الغربية والتي يطلق عليها الفلسطينيون اسم الخان الأحمر. يتخصص المصنع في إنتاج جميع مستلزمات الكنس من مقاعد وطاولات وما إلى ذلك. منذ ثلاث سنوات يطالب أبو صالح وزملاءه الفلسطينيين هناك، رب العمل الإسرائيلي بزيادة في المعاش المتدني، مقارنه بالمعاشات الإسرائيلية، ويقول أبو صالح أن العمال الإسرائيليين الذين يعملون معه جنبا إلى جنب يتلقون معاش أكثر من الفلسطينيين ويتمتعون بأجازات سنوية. لم يسبق لأبي صالح أن أخذ إجازة سنوية من عمله، بل ويرفض صاحب العمل الإسرائيلي إعطاء العمال الفلسطينيين عقد عمل أو حتى ورقة الراتب الشهري. وضع النجار أبو صالح لا يختلف كثيرا عن وضع العمالة الفلسطينية في إسرائيل ولا سيما في المزارع الإسرائيلية في الضفة الغربية. ## إجازة إلى ما لا نهاية من بين عمال الزراعة فوزية أحمد عواطلة من منطقة أريحا في غور الأردن. عملت فوزية عند مزارع إسرائيلي لمدة عشر سنوات. وعندما طلبت أن تأخذ إجازة من العمل لمدة شهر ونصف بسبب وضعها الصحي قال لها صاحب العمل حسنا اذهبي ولا تعودي مرة اخرى. لم تتلق فوزية أي تعويضات من صاحب العمل عن سنوات الخدمة. واضطرت هي وبعض زميلاتها اللواتي طردن من العمل أن يرفعن قضية على المشغل الإسرائيلي من خلال جمعية عنوان العامل الإسرائيلية - كاف لا أوفيد. لكن صاحب العمل أنكر أن تكون له صلة بهواتي بالعاملات التي ادعى أنهن يشتغلن لدى رب عمل فلسطيني. ## وساطة يتوسط المقاول الفلسطيني في كثير من الأحيان بين العمال الفلسطينيين و صاحب العمل الإسرائيلي. يقوم المقاول الفلسطيني بالبحث عن العمال وفي بعض الأحيان نقلهم من وإلى مكان العمل. بالطبع يتلقى المقاول أتعابه مقابل هذه الخدمة. لكن المبلغ الذي يتقاضاه المقاول ليس معروفا كما يقول العمال وتؤكد سلوى علينات من برنامج العامل الفلسطيني في جمعية عنوان العامل الإسرائيلية: "وجود المقاول الفلسطيني يعقد الأمر لأنه يحاول أن يلغي العلاقة ما بين العامل الفلسطيني والمشغل الإسرائيلي. وهذا يعني أن المشغل الإسرائيلي غير مسئول عن العامل. المقاول يستفيد من المنافسة في مجال العمل بسبب البطالة في الضفة الغربية". ليس من قبيل الصدفة إذن ألا يرغب المشغل الإسرائيلي في تكون له علاقة مباشرة مع العامل الفلسطيني خاصة عندما يتعلق الأمر بالدعاوى القضائية لدى المحاكم الإسرائيلية، وهذا ما يؤكده مصطفى بلهان من نقابة العمال الفلسطينيين بمدينة أريحا في الغور: السمسار الفلسطيني والإسرائيلي متفقان على إخفاء علاقة المشغل الإسرائيلي بالعمال. وليس هنالك إمكانية قانونية لمحاكمة المقاول الفلسطيني لدي المحاكم الإسرائيلية ولا السلطة الفلسطينية. النسبة غير المعروفة التي يخصمها المقاول الفلسطيني تزيد الأمر سوءا بالنسبة للعامل الفلسطيني الذي يتلقى أجورا زهيدة مقارنة بالحد الأدني للأجور في إسرائيل. حسب التحقيقات التي أجرتها جمعية عنوان العامل الإسرائيلية فإن العامل الفلسطيني في المستوطنات الزراعية في غور الأردن يتلقى نصف وأحيانا ثلث الأتعاب التي يستحقها بموجب قانون العمل الإسرائيلي. تعمل فوزية الآن في مشاف تومر وهو مصنع لتغليف التمر. يبدأ يوم عملها في السادسة صباحا حتى الثانية بعد الظهر. تقبض 70 شيقلا أي ما يساوي 15 عشر دولارا في اليوم بينما يقبض العامل الإسرائيلي على الوظيفة نفسها ما لا يقل عن أربعين دولارا. تقدر سلوى علينات منسقة البرنامج الفلسطيني في جمعية عنوان العامل أو كاف لا عوفيد الإسرائيلية عدد العمال الفلسطينيين بـ 35 ألف عاملا لكن هذا العدد لا يشمل أيضا العمالة السوداء أو عمالة الأطفال التي انتشرت في الآونة الأخير لأن الأطفال لا يحتاجون لتصريح من الإدارة المدنية للعمل في المستوطنات. بعد تدخل النقابات العمالية وجمعية عنوان العامل أقرت المحكمة الإسرائيلية العليا في عام 2007 قرارا بتطبيق قانون العمل الإسرائيلي في جميع المستوطنات والمناطق الصناعية الإسرائيلية في الضفة الغربية. مع ذلك فلم يتغير الكثير في أوضاع العمل. كما أن تطبيق قرار المحكمة على أراض محتلة يجلب معه تعقيدات وتداعيات أخرى لأن هذه المستوطنات ليس بأراض إسرائيلية بموجب القانون الدولي. وعلاوة على الرواتب المتدنية وساعات العمل الطويلة يعاني العمال الفلسطينيين من تردي ظروف العمل خاصة في المصانع والمغاسل التي تستخدم مواد كيماوية مضرة بالصحة. أحد هؤلاء العمال هو أمير عواطلة، شاب في الثالثة والعشرين من العمر. يقول أمير عن يوم الحادث: ## إصابات غير معترف بها "كنت أعمل في قطف البلح. وقعت من على النخلة أثناء العمل. وسائت حالتي عندما كنت في طريقي إلى البيت اليوم نفسه. تقيأت في السيارة. حاول المعلم (المقاول) الفلسطيني التخفيف من الحادثة وقال أنها مجرد "خوفة". عمل أمير بعدها سنتين حتى عام 2004 لكن حالته الصحية ازدادت سوءا ولم يعد قادرا على العمل. حاول رفع قضية على صاحب العمل لتعويضه لكن لم يكن بحوزته ما يثبت أنه يعمل لدى هذا المشغل إلا التصريح الذي يمكنه عبور الحواجز الإسرائيلية. يشرح بلهان من نقابة العمال الفلسطينيين أنه في حالة إصابة العامل الفلسطيني يلجأ المشغل الإسرائيلي لنقله للمستشفيات الفلسطينية بغرض عدم تسجيل الحادثة في مصنعه. كما أن تأمين العمال لدى المشغل الإسرائيلي لا يعترف أو يغطي الإصابات والتقارير الطبية الواردة عن المستشفيات الفلسطينية. ## تصريح يتوجب على كل من يرغب في العمل في هذه المستوطنات الحصول على تصريح بالعمل من الإدارة المدنية في الضفة الغربية وهي مكاتب تابعة لقوات الاحتلال المتواجدة في الضفة الغربية. لا تعطي أي تصاريح للفلسطينيين المطلوبين أمنيا أو جنائيا. وتشرح سلوى أن نظام التصاريح هذا يمنح المشغل الإسرائيلي ورقة ضغط أخرى على العامل لمحاولة إسكاته والضغط عليه إذا ما فكر في اللجوء للقانون لإنصافه. وعمليا فإن أي شكوى ضد العامل الفلسطيني حتى ولو كانت باطلة تسجل في ملفات لدى الإدارة المدنية مما يجعل الحصول على تصريح بالعمل في المستقبل مستحيلا إذا اختلف العامل مع مشغله حول ظروف العمل أو الأجور. تحدثنا أيضا مع محمد الطحنة، شاب فلسطيني كان يعمل في مصنع للأباجورات في مستوطنة ميشور أدوميم ثمان سنوات حتى فصله المشغل عن العمل ذات يوم بسبب ارتباكه في صباح أحد الأيام وتسجيل ساعات العمل على بطاقة عامل آخر يدعى هو أيضا محمد. اتهمه المشغل بالسرقة وفصله عن العمل دون دفع تعويضات. يسترجع محمد ذكرياته عن ظروف العمل القاسية والإهانات والسباب الذي كان يسمعه من المشغل. "كثيرا ما كان صاحب العمل الذي كنت أعمل لديه يستفزني أو يتهمني بالإرهاب والتخطيط لقتله. يستعمل الألفاظ البذيئة ويشبه العمال بالحمير والأحذية". توجهنا بالسؤال إلى وزارة العمل والصناعة الإسرائيلية عن أوضاع العمالة الفلسطينية في إسرائيل لكن لم يردنا منهم أي تعليق في الموضوع.
إنشرها

أضف تعليق