Author

تقرير مجلس حقوق الإنسان الدولي ضد إسرائيل

|
في الثالث والعشرين من مارس الجاري قدم البروفيسور ريتشارد فولك أستاذ القانون الدولي المعروف تقريرا إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بصفته مقرر هذا المجلس لشؤون الأراضي الفلسطينية عن أحداث غزة في الفترة من 27 كانون الأول (ديسمبر) 2008 حتى 19 كانون الثاني (يناير) 2009، أكد فيه أن أفعال إسرائيل في غزة يمكن أن تشكل جرائم حرب خطيرة، وأن حرمان سكان غزة من الفرار من الموت بإغلاق المعابر فى وجوههم يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وأكد أن ما قامت به إسرائيل عدوان على غزة. وقال فولك في تقريره إن الهجوم العسكري الإسرائيلي على المناطق الشديدة الازدحام بالسكان جريمة حرب لا جدال فيها، وأكد أن اتفاقات جنيف تشدد على التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين المحيطين بها. وأشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي الهائل شكل غير إنساني من الحرب التي تقتل وتشوه وتسبب في أضرار ذهنية. طالب فولك بتشكيل مجموعة مستقلة من الخبراء للتحقيق فى جرائم محتملة ارتكبتها القوات الإسرائيلية وحماس، وأن يشمل التحقيق استهداف إسرائيل المدارس والمساجد وعربات الإسعاف واستخدام أسلحة بينها الفسفور الأبيض. وأكد فولك أن حصار إسرائيل للقطاع من جميع الجهات وهو يضم مليونا ونصف مليون يعتبر انتهاكا خطيرا لاتفاقات جنيف ويشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما أن العدوان على قطاع غزة بشكل غير مبرر قانونا يشكل جريمة ضد السلام، وهو مبدأ استقر منذ محاكمات نورمبرج لمجرمي النازي، وتمنى فولك أن يشكل مجلس الأمن محكمة جنائية خاصة لتحديد المسؤولين في هذه الجرائم. ومما يذكر أن البروفيسور ريتشارد فولك يهودي الديانة ولكنه رجل منصف ويلتزم بصحيح القانون، وكانت له دراسات في تأكيد قواعد القانون الدولي في الصراع العربي - الإسرائيلي، وقد أبعدته إسرائيل بعد السماح له بالوصول إليها في مهمة رسمية في الأراضي الفلسطنية قبل اجتياح غزة بأيام. كذلك يذكر أن تقرير فولك يتطابق تماما مع تقرير "هيومان رايتس ووتش" وتقرير منظمة العفو الدولية حول هذه الأحداث، وكذلك ممثلي الأونوروا في غزة ولجان التحقيق الأهلية التي تفقدت مسرح العمليات، وقد استندت إليها منظمات حقوقية كبيرة لرفع الدعاوى ضد إسرائيل أمام محاكم بعض الدول الأوروبية التي تقبل الاختصاص العالمي, وكذلك المحكمة الجنائية الدولية. ويلاحظ أنه رغم القيمة القانونية الكبيرة لهذا التقرير إلا أنه يعتبر دليلا إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، ولكن التقرير بذاته يمكن أن يستخدم كأوراق قانونية أمام القضاء الوطني والدولي. كذلك يلاحظ أن فولك اقترح إنشاء محكمة جنائية خاصة بجرائم غزة عن طريق مجلس الأمن وهذا مستحيل بسبب الفيتو، كما أن فولك لم يشدد على تقديم المتهمين الإسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال المدعي العام، وأظن أن إغفاله هذه النقطة يرجع إلى إدراكه حدود مسؤوليته وعدم وجود علاقة بين الأمم المتحدة وهذه المحكمة. وأخيرا، فمن نافلة القول إن شعور إسرائيل بالأمان من أي عقاب وحمايتها بكل جرائمها سوف يشجع إسرائيل على مزيد منها، ولكن الأخطر هو أن إسرائيل فقدت وجهها البريء الذى أبهرت الغرب به، وهذا التقرير يعد أقوى دليل على ذلك.
إنشرها