Author

مادوف.. المحتالون العرب

|
اعترف مادوف بأنه خدع الآلاف من المستثمرين بما اعتبر الاحتيال الأكبر في التاريخ. ويتوقع أن يحكم عليه بالسجن مددا طويلة. وما فعله مادوف هو حيلة قديمة نسميها محليا "تلبيس الطواقي". ولا أعلم سببا للتسمية ولكنها – وفقا لصاحبي - جاءت من تزييف الحقيقة والمقصود تغطية الرؤوس (الصلعاء) بالطواقي. ولو سلمنا بذلك فإن نصف السعوديين متهمون بالاحتيال!! عموما التسمية مختلفة في الغرب حيث يطلق عليها برنامج "بونزي". وبونزي هو إيطالي هاجر إلى الولايات المتحدة وأقنع مجموعة من المستثمرين بقدرته على تحقيق عائد بحدود 50 في المائة خلال 45 يوما عن طريق الاستثمار في الطوابع. ورغم تحقيقه خسائر لكنه كان يوزع أرباحا. تلك الأرباح كانت مزيفة لأنها لا تأتي من التشغيل الفعلي ولكنها تأتي من رأس المال. وهذا يذكرني وبشكل عكسي ببعض الشركات لدينا التي تعلن عن أرباح قياسية ولا توزعها. وتذهب تلك الأرباح إلى استحواذات تحقق لها خسائر!! عموما فكما أن العرب كانوا سباقين في التقدم العلمي إبان العصور الوسطى فيبدو أنهم سبقوا أيضا في الاحتيال. فقد جاء في كتاب نهاية الأرب أن جارية جاءت لأشعب بدينار ووضعته عنده وديعة وبعد أيام حضرت الجارية وطلبت الدينار فقال لها: ارفعي الفراش وخذي الولد فإن الدينار قد ولد درهما, فأخذت الجارية الدرهم وتركت الدينار ثم عادت بعد أيام فوجدت مع الدينار درهما آخر فأخذته ومضت ثم عادت بعد أيام فلما رآها بكى فقالت: ما يبكيك يا أشعب؟ فقال لقد مات دينارك في النفاس فقالت: كيف يكون للدينار نفاس؟ فقال: أتصدقين بالولادة ولا تصدقين بالنفاس؟. ولذا فالعرب أولى من الطليان بلقب الاحتيال خاصة هذه الأيام بعد أن حصل العرب على لقب الإرهاب. وبذلك يحقق العرب ثنائية موسم رائعة عوضا عن فشلهم في كأس العالم! برنامج بونزي أو أشعب أو أيا كان أخذ في الماضي صورا كثيرة من المساهمات العقارية إلى الأسهم إلى بطاقات سوا. والمحتالون لم يعودوا يستعملون هذه الطريقة كثيرا. لأن الناس لدغوا وتعلموا ولم يعودوا ينخدعون بتلك الحيل. والأغبياء الذين لا يزالون ينخدعون.. أفلسوا وخرجوا من الخريطة!!. وهو جزء من عملية التوازن في الطبيعة! ولكن المشكلة أن اللص دائما أسرع من الشرطي. ولذا فتلبيس الطواقي أخذ صورا كثيرةً أخرى. فتضخيم الأرباح عن طريق بيع وشراء الأصول والاستمرار بالتدوير ثم طرح الشركة أو بيعها على شركة مدرجة هو نوع من ذلك الاحتيال. والقروض التي يعاد جدولتها بلا نهاية لأشخاص بالواسطة وتستمر في تحقيق أرباح وهمية للبنوك، ولأن البنك مليء بودائع المودعين فلا تظهر لديه مشكلات في السيولة. وإعادة تقييم بعض الأصول بطريقة أو بأخرى لتعظيم الأرباح قبل الطرح، وضخ النقد قبل الطرح والاستحواذات المشبوهة كلها صور لتلبيس الطواقي.
إنشرها