Author

أهمية الاقتصاد في القمة العربية بالدوحة

|
من شأن الاتفاق على بعض القضايا الاقتصادية المساهمة الفعلية بإنجاح القمة العربية رقم 21 في العاصمة القطرية. تنطلق أعمال القمة في الدوحة يوم الإثنين 30 آذار (مارس) الجاري وسط تشنجات سياسية حيال عديد من التحديات من بينها إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهم تتعلق بأزمة دارفور. كما تفرض ملفات ساخنة أخرى نفسها على طاولة المناقشات ومن بينها القضية الفلسطينية في ضوء تشكيل حكومة يمينية في إسرائيل فضلا عن الملف النووي الإيراني. وفيما يخص الملفات الاقتصادية، ينتظر أن يؤكد القادة العرب على دعمهم المشاريع التكاملية التي تم طرحها أثناء القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في الكويت بتاريخ 19 و20 كانون الثاني (يناير) الماضي. ومن المتوقع أن يكون وزراء الاقتصاد العرب قد ناقشوا في الاجتماعات السابقة لقمة الدوحة آليات تنفيذ القرارات الاقتصادية المتفق عليها أثناء قمة الكويت. الاتحاد الجمركي يشكل مشروع الاتحاد الجمركي العربي، المزمع تدشينه في عام 2010 وتطبيقه بالكامل في 2015 منعطفا مهما فيما يخص تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية. ويعد تنفيذ هذا المشروع أمرا مهما بالنسبة لتعزيز اعتماد الدول العربية على بعضها وبالتالي تسهيل تطبيق المشروع الطموح، المتمثل في إقامة السوق العربية المشتركة. وكانت الدول العربية قد كشفت عن إقامة منطقة التجارة الحرة في عام 1998 (وهي مرحلة تسبق الاتحاد الجمركي) وعلى مدى عشر سنوات، بيد أن المشروع دخل حيز التنفيذ في عام 2005 بسبب بطء إجراءات المصادقة في بعض الدول العربية. للأسف الشديد، ما زالت التجارة البينية بين الدول العربية ضعيفة على الرغم من مرور عدة سنوات على تنفيذ مشروع التجارة الحرة. تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى أن التجارة البينية العربية لا تتجاوز في أحسن الأحوال نحو 12 في المائة من تجارتها مع العالم لأسباب تشمل الواقع الجغرافي. تتوزع الدول العربية وعددها 22 بلدا على قارتين (آسيا وإفريقيا). أغلبية هذه التجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، عمان، والبحرين)، التي بدأت في تطبيق مبدأ الاتحاد الجمركي في عام 2003. يلزم مشروع الاتحاد الجمركي الدول الأعضاء بتوحيد سياساتها التجارية مع الدول غير الأعضاء. كما بدأت دول مجلس التعاون في تطبيق مبدأ السوق المشتركة في عام 2008 ما يعني إطلاق العنان لقوى الإنتاج بالتحرك في الدول الأعضاء من دون أية عراقيل. تمويل المشاريع من جهة أخرى، تعد معضلة توافر التمويل أحد الأسباب الرئيسية وراء ظاهرة محدودية التجارة العربية البينية. وباتت هذه المسألة مهمة بشكل أكبر بعد الأزمة المالية العالمية، حيث قللت من فرص التمويل التقليدي بالنسبة لبعض الدول العربية والتي تعاني درجة مخاطرة عالية نسبيا. ولا غرابة تم الإعلان أثناء قمة الكويت عن إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية لغرض تطوير البنية التحتية في الدول الأكثر حاجة. وقد كشفت الكويت عن مساهمتها للصندوق بمبلغ قدره 500 مليون دولار من أصل ملياري دولار رأسمال الصندوق. يحدونا الأمل أن يتم الإعلان في قمة الدوحة عن تأمين باقي رأسمال الصندوق حتى يتسنى منح بعض الدول العربية تسهيلات بشروط ميسرة لتنفيذ مشاريع تنموية مثل تطوير الموانئ وشبكة الطرق ما يعزز من فرص تعزيز العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء. منطقة للتجارة الحرة مع أمريكا الجنوبية وبعد انتهاء أعمال القمة العربية الاعتيادية، ستعقد قمة أخرى في الدوحة تجمع الزعماء العرب مع نظرائهم من قارة أمريكا الجنوبية والتي ستناقش قضايا سياسية واقتصادية. وتعد هذه القمة الثانية من نوعها بين الجانبين (22 بلدا عربيا مقابل 11 دولة في أمريكا الجنوبية) بعد اللقاء الأول في البرازيل في عام 2005. من جملة الأمور، هناك حديث حول مناقشة مقترح لإقامة منطقة للتجارة الحرة بين العالم العربي وأمريكا الجنوبية. بيد أنه من الصعب تحقيق هذا الأمر لأسباب مختلفة منها الجغرافيا فضلا عن بعض المعوقات السياسة. ومرد هذا الكلام هو رغبة بعض دول أمريكا الجنوبية وتحديدا فنزويلا والبرازيل في إبرام هكذا اتفاقية بسبب خلافاتها السياسية والتجارية مع الولايات المتحدة. فهناك صراع نفوذ بين فنزويلا والولايات المتحدة في قارة أمريكا الجنوبية والذي لم يتغير على الرغم من وصول إدارة جديدة في البيت الأبيض. أما بخصوص البرازيل، فمصدر الخلاف مع الولايات المتحدة بعض الأمور المتعلقة بالقطاع الزراعي فيما يتعلق بجولة الدوحة والتي انطلقت في نهاية 2001. تتمحور نقاط الخلاف حول الدعم الأمريكي للقطاع الزراعي من جهة والتعريفات التي تفرضها بعض الاقتصادات الصاعدة مثل البرازيل على الواردات الزراعية من جهة أخرى. في كل الأحوال، بمقدور الطرفين (العربي والأمريكي الجنوبي) الاتفاق على معاهدات إطارية بخصوص حماية وتشجيع الاستثمارات ومحاربة الازدواج الضريبي. باختصار تكتسب الدوحة أهمية إضافية هذا الأسبوع نظرا لاستضافتها قمتين في غضون ثلاثة أيام تتعلقان بتعزيز الفرص الاقتصادية للدول العربية.
إنشرها