الجانب الخفي في عملية النجاح

للنجاح جانبان من السلوك، أحدهما ظاهر يمكننا رؤيته والآخر مخفي لا يمكن رؤيته، فهو السر الذي يختفي خلف النجاح، فنحن نشاهد ونسمع ونقرأ يوميا الكثير عن أعمال الناجحين في مختلف وسائل الإعلام لأنهم المادة الرئيسية التي تغذي نشرات الأخبار السياسية والاقتصادية والرياضية، لكننا لا نسمع أو نشاهد أو نقرأ إلا الجانب الظاهر في سلوكهم ونشاطهم، فنحن نعرف أدق التفاصيل عن النجاحات التي حققها باراك أوباما قبل وأثناء الحملة الانتخابية التي قادته إلى التربع على كرسي رئاسة أكبر دولة في العالم، وشاهدنا كيف أعجب الكثير بالنجاح الذي حققه أول رجل أسود في دولة كانت لوقت ليس ببعيد تسيطر فيها النظرة العنصرية ضد الملونين في مختلف مناحي الحياة، وقبله ما تحقق من انتصار لنيلسون منديلا بعد سنين طويلة من السجن أثناء الحكم العنصري بجمهورية جنوب إفريقيا، وكيف استطاع بيل جيتس أن ينشئ إمبراطوريته "ميكروسوفت" التي مكنته من أن يصبح أغنى رجل في العالم بعد ما عصفت الأزمة الاقتصادية الأخيرة بكل منافسيه، ولاعب كرة القدم بيكام ذو 33 عاما الذي مازال يحقق مزيدا من النجاح، فهو يتنقل للعب بين أكبر وأشهر أندية العالم بالرغم من كبر سنه قياسا بمعدل الأعمار للاعبي كرة القدم. هذا الجانب الظاهر من سلوك وحياة المشاهير والناجحين هو ما نراه بشكل يومي، ويتمنى الكثير من الطامحون للمجد والشهرة تحقيق جزء منه، وهذا الأمر بالطبع محال إذا اكتفى هؤلاء الطامحين بمشاهدة، ومحاولة محاكاة الناجحين في الجزء الظاهر من سلوكهم وأدائهم للنشاط الذي أجادوا فيه، فأي شخص لن ينجح في أن ينشئ مشروعا صناعيا أو يبرع في حرفة ما لمجرد أنه قرأ أو شاهد، كيف استطاع فلان من المشاهير أن يحقق ذلك النجاح لأن الجانب الخفي في سلوك الناجحين لا يمكن مشاهدته، فهو موجود في عقولهم الواعية واللا واعية في إدراكهم وطريقة تفكيرهم، إنها مجموعة من العمليات الذهنية داخل العقل توجه الأداء وتسيطر على الانفعالات لكي تخدم الهدف المرغوب في تحقيقه، إنها جزء من فلسفة الحياة التي تستند إلى مجموعة من القيم والمبادئ الراسخة في الوجدان حتى أصبحت اعتقادا وإيمانا كاملا لا يتزحزح عند مواجهة المصاعب والتحديات، فكل النجاحات التي يحققها المشاهير ترتكز على هذه القاعدة، كما أن تجارب الفشل مصدر لتحسينها وتطويرها لتكون أكثر قوة وفعالية. لرجل الأعمال الياباني الناجح كازو انموري مقولة جميلة ذكرها في كتابه A PASSION FOR SUCCESS قال فيها "حافظ على قناعة واحدة في وجدانك في جميع الأوقات: أنك لم تفشل حتى تتوقف عن المحاولة" لو تمعنا في هذه المقولة لوجدنا أنها تنطلق من مجموعة قيم ومبادئ تدعو إلى الجد والمثابرة والتفاؤل وعدم اليأس والإصرار والعزيمة للوصول إلى النجاح، فإذا قرأت هذه المقولة وآمنت بها، فمعنى ذلك أنك لن تتوقف عن المحاولة المرة تلو الأخرى إلى أن تصل إلى النجاح، وهذه واحدة من الصفات التي يتمتع بها الناجحون أنهم لا يكفون عن المحاولة حتى ينجزوا أهدافهم، وأكبر مثال على هذا الأمر تومس أديسون الذي يقال إنه حاول أكثر من 900 مرة قبل أن يتمكن من اختراع المصباح، ورغم تكرار محاولاته لم يسمها محاولات فاشلة، بل قال إنها تجارب لم تنجح وأنه تعلم أكثر من 900 طريقة خاطئة لصنع المصباح، فبدون تطبيق الجانب الخفي في سلوك الناجحين، وأعني بذلك فلسفتهم في الحياة لن يتمكن الطامحون للمجد والشهرة من تحقيق أهدافهم، فلكي ينجح أي إنسان لابد أن يفكر ويعمل بالطريقة التي يفكر ويعمل بها الناجحون وإلا واجه تجارب قاسية من الفشل قد تشل ثقته بنفسه أو تأتي على كل ما لديه من ثروة أو مدخرات.