مؤشرات قياس مستوى الغضب

مؤشرات قياس مستوى الغضب

أدت هذه الأزمة إلى موجة من الإبداع في وضع مؤشرات الألم، من مؤشرات قياس انهيار سوء الائتمان إلى مؤشرات قياس تخفيض درجات الأوراق المالية المهيكلة. وربما حان الوقت لقياس مستوى الغضب. وقد كان مستوى الغضب مرتفعا جدا الأسبوع الماضي حين كان الشعب والسياسيون والإعلام في أمريكا يحتجون بصخب على المكافآت البالغة قيمتها 165 مليون دولار التي تم دفعها لأعضاء في قسم المنتجات المالية الذي تسبب في انهيار المجموعة الأمريكية الدولية. وقد أجبرت المشكلات في هذا القسم الحكومة على إنقاذ شركة التأمين العملاقة، بمبلغ 173 مليار دولار حتى الآن. وليس المثقفون المتمردون في المجموعة الأمريكية الدولية هم الوحيدون الذين يشعرون بالإحراج. فهذه القضية بمثابة اختبار لطريقة تعامل إدارة أوباما مع التجاوزات المالية - لم تكن ماهرة في ذلك حتى الآن. وبعد التغير والتقلب حول فيما إذا كان لديها سلطة التدخل في عقود العمل، تمسكت وزارة الخزانة في النهاية ببند في رزمة حوافز تم إقرارها أخيرا قد يسمح لها باسترجاع المدفوعات التي تعتبر مخالفة للمصلحة العامة. ووعد تيم جيثنر، وزير الخزانة الأمريكية، باسترداد المال عن طريق خصم بعضه من مبلغ المساعدات التالي البالغ 30 مليار دولار التي سيتم منحها للشركة. ومن غير المرجح أن يهدئ هذا من غضب النقاد. فالموظفون سيتمكنون من الاحتفاظ بالمكافآت في حين ستحرم المجموعة الأمريكية الدولية من الأموال التي من المفترض أنها ضرورية لبقائها. وقد أضر تردد الحكومة أيضا بمصداقية مجلس الاحتياط الفيدرالي، الذي أقرض مبالغ ضخمة للمجموعة الأمريكية الدولية وكان على علم بالمكافآت منذ عدة أسابيع. وقد أجبر الكونجرس الذي يزداد غضبا جيثنر على الكشف عن خططه. وقد حدد Charles Grassley مسار الأحداث حين اقترح أن على المسؤولين التنفيذيين في المجموعة الأمريكية الدولية الاعتذار على النمط الياباني، بالانحناء أولا وربما الانتحار. ولم تكن اللهجة أقل تشددا في جلسة الاستماع في الكونجرس حول المجموعة الأمريكية الدولية في 18 آذار (مارس)، التي واجه فيها الرئيس التنفيذي للشركة، Edward Liddy، وقتا صعبا على الرغم من أنه لم يتسلم منصبه إلا منذ بضعة أشهر ويعمل براتب قدره دولار واحد. ومع تزايد الضجة، بدأ المشرّعون صياغة مشاريع قوانين من شأنها أن تفرض ضرائب تصل إلى 100 في المائة على المكافآت. ودخل Andrew Cuomo، المدعي العام النشط في نيويورك، إلى الشجار، حيث يصدر مذكرات استدعاء للشركة ويلمح بشأن احتمالية وجود تزوير. وأثار مكتبه غضب الشعب حين كشف أن 73 موظفا تلقوا أكثر من مليون دولار، وأنه تم تخصيص 57 مليون دولار من مدفوعاتها "للاحتفاظ بالموظفين" إلى موظفين كانت تنوي الاستغناء عنهم. وفي جلسة الاستماع، قال Liddy إنه طلب من جميع الذين تلقوا أكثر من 100 ألف دولار إعادة نصف المبلغ على الأقل، وعرض البعض- مدفوعين بلا شك بتهديدات القتل وبالاهتمام غير المرحب به من قبل مصوري الفضائح- إعادة كامل المبلغ. ولكنه كان يشعر بالقلق أيضا من احتمالية أن يتركوا المجموعة الأمريكية الدولية، مما يصعب إدارة قسم المنتجات المالية السامة. وعلى الرغم من الصدمة التي أثارتها المكافآت، فإن قيمتها تافهة أمام المدفوعات بقيمة 49.5 مليار دولار التي قدمتها المجموعة الأمريكية الدولية لأطراف مقابلة لها في دخولها الكارثي إلى مجال الضمانات المتبادلة في حال التقصير الائتماني- عديد منهم بنوك أجنبية. ولم يكن هذا وليد المصادفة: فقد كانت تسعى على وجه التحديد لإنقاذ الشركاء التجاريين الذين تعتبرهم الحكومة ضروريين لتجنب انهيار النظام بأكمله. ومع ذلك، من المحتمل أن يتم التدقيق بصورة أكبر في الحوالات المالية- بما في ذلك نحو 13 مليار دولار إلى Goldman Sachs- حين تهدأ عاصفة المكافآت. إن الغضب الذي أثارته المجموعة الأمريكية الدولية محرج بالنسبة للإدارة الجديدة من عدة نواح. فأولا، يجعل من الصعب تحميل فريق بوش مسؤولية عمليات الإنقاذ المالية الفاشلة. فقد كان يمكن للمجموعة الجديدة القضاء على كارثة المكافآت في مهدها. كما إنه يجعل أوباما يسير على خط رفيع بين إقناع الشعب بأنه يشاركهم شعورهم بالغضب وفي الوقت نفسه يضغط ربما من أجل الحصول على المزيد من المال لعمليات الإنقاذ. وتتوقع الحكومة أن يكون مبلغ 750 مليار دولار أخرى ضروريا. وتطالب شركات التأمين بالحصول على المال أيضا. إلا أن التعب من عمليات الإنقاذ بدأ في التزايد. فقد لمّح رئيس جلسة الاستماع، Paul Kanjorski، إلى أن الفوضى التي سببتها المجموعة الأمريكية الدولية قد تجبر الكونجرس على إعادة النظر في أي هبة سخية قد يوافق عليها في المستقبل. ومن العوامل غير المساعدة هو أفول نجم جيثنر. ففشله في التنبؤ بالمشكلات في المجموعة الأمريكية الدولية يأتي في أعقاب إعلانه عن خطة فاشلة لإنقاذ البنوك. وستعتمد استعادة مصداقيته على نجاح مخططين جديدين: مخطط لزيادة الإقراض الاستهلاكي عن طريق إنعاش التوريق، وآخر لإزالة الأصول السامة من البنوك (يتوقع الكشف عن تفاصيل أي من المخططين في أي وقت). وتواجه الحكومة هنا أيضا مهمة صعبة في تحقيق التوازن: عليها أن تجعل الشروط جذابة بما فيه الكفاية لاجتذاب المشترين من القطاع الخاص، ولكن ليس جذابة جدا بحيث تجتذب المزيد من الاضطرابات السياسية. وهناك خطر آخر وهو أن تأتي القيود التي تم فرضها على الشركات التي تتلقى المال العام بنتائج عكسية. فالبنوك تستجيب للقيود الجديدة المفروضة على مكافآت المسؤولين التنفيذيين عن طريق زيادة الرواتب. ويقول Pearl Meyer من شركة Steven Hall & Partners الاستشارية إن هذا "يتعارض مع جعل الأجور مرتبطة بصورة أكبر بالأداء." ويتخبط المستفيدون من أموال برنامج إغاثة الأصول المضطربة الحكومي السابق لسداد المال في وقت مبكر بسبب انزعاجهم من القيود التي تم فرضها على أنشطتهم. وقد يبهج هذا دافعي الضرائب، إلا أن سحب رأس المال قد يضر بالإقراض أيضا. ليس من المستغرب إذن أن يكون أوباما متحمسا للمضي قدما في الجدل. وقد قال في الـ 18 من آذار (مارس) إنه يجب أن يتم التركيز الآن على منح الحكومة الأدوات اللازمة لمنع تكرر الوضع: سلطة اتخاذ القرار بشأن المؤسسات غير المصرفية، على غرار السلطة التي تمتلكها هيئة تأمين الودائع الفيدرالية لإعادة هيكلة البنوك المضطربة. وفي هذه الأثناء، سيتم حث Liddy على التخلص من أصول المجموعة الأمريكية الدولية وتخفيض الدين الهائل للمجموعة لدافعي الضرائب. وقد تبين حتى الآن أن مثل هذه الصفقات بعيدة المنال. وليس من المرجح أن تجعل الضجة التي أثيرت هذا الأسبوع المهمة أسهل.
إنشرها

أضف تعليق