Author

الشباب والمشاركة في التنمية

|
يمثل الشباب السعودي مصدراً هائلاً من مصادر التنمية الوطنية، فهم أفضل جيل متعلم من الشباب مرّ على المملكة، وهم أكثر القوى العاملة المؤثرة في فرص العمل، وأكثر فئات المجتمع رغبة في التجديد واستيعاب المتغيرات، وأكثر قدرة على التفاعل والاستجابة لمخرجات التعليم والتقنية. وهم، أي الشباب، عازمون اليوم – وأكثر من أي وقت مضى - على تطوير أنفسهم، وعلى التزامهم بتعزيز النسيج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمع، من خلال العمل الفردي والجماعي. وتعد فئة الشباب في المملكة من أكثر الفئات العمرية عددا في المجتمع، نتيجة زيادة نسبة المواليد والتقدم الصحي والوعي الثقافي الذي شهدته المملكة في السنوات الأخيرة، ولله الحمد؛ حيث تشير أحدث الإحصائيات الصادرة من وزارة الاقتصاد والتخطيط (1429هـ)، إلى أن (78 في المائة) من سكان المملكة أصغر من سن 39 سنة، في حين يمثل الشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة ما يقرب من (20 في المائة) أي (4.134.942 مليون نسمة) من إجمالي عدد السعوديين البالغ (20.702.536 مليون نسمة). وفي الوقت الذي تشهد فيه السعودية نقلة نوعية في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية والحضارية؛ فإن هذه التنمية المتسارعة التي تشهدها المملكة في الوقت الحاضر تقوم على أيدي وعقول رجالها وشبابها الطامحين إلى مستقبل أفضل. وهذا ما يدعو إلى المبادرة في الاستثمار الدائم في توفير فرص التعليم والتدريب والتشغيل وتحسين الأوضاع الصحية للشباب، إذ إن هذا الاستثمار سيسهم مساهمة كبيرة في عملية التنمية، ويعد استمراراً وتعزيزاً للاستثمار الكبير الذي تقوم به الدولة في تحسين الأوضاع الصحية للأطفال وتوفير فرص التعليم لهم. وتنطوي تنمية الشباب على إجراءات واستثمارات تساعد على تحول الشباب إلى مرحلة البلوغ على نحو ثابت وفعال، والاستفادة من فرص تطوير رأسماله البشري وتطويره في سياق هذه العملية. كما أن تنمية الشباب تتطلب من القطاعين العام والخاص وضع سياسات وتنفيذ برامج تحمي الشباب من التأثيرات السلبية الاجتماعية والبيئية، التي تفسد عملية الانتقال إلى مرحلة البلوغ الصحي. وحين توفر المجتمعات التوجيهات والإرشادات الملائمة والفرص الكافية التي تعين الشباب على بناء قدراتهم، ومن ثم الإسهام في التنمية، من خلال الاستثمار في تعليمهم وصحتهم وتوظيفهم وأنشطتهم الرياضية والترفيهية، فإنها تعزز قدرات الشباب مبكراً وتساعدهم على تحقيق مساهمتهم في التنمية. ويرى معدو "تقرير الأمم المتحدة عن الشباب" (2007)، أنه لكي تستفيد المجتمعات من قدرات الشباب، لا بد لها من ضمان تعزيز فرص مشاركة الشباب في عمليات التنمية وحماية تلك الفرص. أما غير ذلك، فمن شأنه أن يؤدي إلى إقصاء الشباب وتهميشه، وحرمان المجتمعات – في الوقت نفسه - من طاقة الشباب وحيويتهم وقدرتهم على الابتكار. ويلاحظ التقرير أن قدرة الشباب على الإسهام في تنمية مجتمعاتهم يمكن أن تُكبَح ليس بسبب نقص القدرة بين الشباب فحسب، وإنما نتيجة لمحدودية فرص مشاركتهم في التنمية عند تعرّض المؤسسات العالمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتغيرات مهمة. ولهذا، فإن هناك حاجة ملحة إلى سياسات لا تتبنى إمكانات الشباب فقط، وإنما تفتح أمامهم باب المشاركة في مجالاتٍ، مثل: التنمية والمشاركة المدنية والمشاركة السياسية والعمل التطوعي. ولا بد من خلق بيئة مساعدة، توفر للشباب فرص الاستماع إليهم والنظر إليهم على أنهم من العناصر الفاعلة في مرحلة التنمية. من جهة أخرى، يشير تقرير "مبادرة شباب الشرق الأوسط" (2008) إلى أن منطقة الشرق الأوسط تواجه تحديا تنمويا جديدا ألا وهو كيفية خلق فرص اقتصادية واجتماعية للمواطنين الشباب ترقى إلى مستوى تعليمهم وتوقعاتهم. وهذا هو تحدي إدماج الشباب الذي يعرَّف على أنه خلق الفرص التي تسمح للشباب في المشاركة بشكل كامل في أدوار ونشاطات محددة مسبقا بحسب المعايير المعتمدة. ولتحقيق الاستفادة القصوى من الشباب في التنمية، فإن على مؤسسات المجتمع التربوية والثقافية والاجتماعية أن تقوم بدورها في وضع الخطط من أجل مستقبل أفضل للشباب، والتعاون مع المراكز المتخصصة مثل: المركز الوطني لأبحاث الشباب في دراسة قضاياهم ومشكلاتهم الحالية والمستقبلية بطريقة علمية.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها