أخبار اقتصادية

المغرب .. المنتجات المصرفية الإسلامية تراوح مكانها منذ 12 شهرا

المغرب .. المنتجات المصرفية الإسلامية تراوح مكانها منذ 12 شهرا

المغرب .. المنتجات المصرفية الإسلامية تراوح مكانها منذ 12 شهرا

على الرغم من مرور أكثر من عام على ترخيص السلطات النقدية المغربية لثلاثة أنواع من المنتجات البنكية الإسلامية في المغرب, إلا أن المصارف هناك ما زالت تراوح مكانها إلا من بعض الإشارات هنا وهناك, بيد أن عملية الترخيص نفسها قد شابها كثير من الغموض والارتباك, وبحسب عبد الرزاق المزيان أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس فإن السلطات النقدية في المغرب قامت بتحديد أيار (مايو) من العام الماضي تاريخا لبدء التعامل بهذه المنتجات ثم في تموز (يوليو) فيما بعد ليقع بعد ذلك التأجيل للمرة الثالثة قبل أن يتم الإعلان عن الانطلاق الرسمي للعمل بها خلال أيلول (سبتمبر) من خلال توصية لبنك المغرب بخصوص الشروط العامة والكيفيات التي يمكن لمؤسسات الائتمان أن تعرض وفقها هذه المنتجات. ويقول المزيان, الذي تحدث معنا في هذا الخصوص, إن المنتجات الثلاثة: المشاركة, الإجارة, والمرابحة, التي أصبح بمقدور البنوك المغربية الترويج لها, ما زالت حتى اليوم يعتريها كثير من الغموض والارتباك, ويبدو هذا واضحا كما يقول المزيان في المواد الإعلانية التي تبثها وسائل الإعلام المغربية المتعلقة بتسويق هذه المنتجات, حيث جاءت خالية من كل عناصر الإيضاح الواجبة في هذا الباب, خصوصا أن الراغبين في التعامل بهذه المنتجات إنما ينشدون بديلا يغنيهم عن التعامل الربوي المحرم شرعا. ويضيف المزيان أن الإعلان عن بعض هذه المنتجات جاء دون الإشارة إلى خصوصيتها من الناحية الشرعية، ويرجع السبب في ذلك إلى التشديد الصريح من البنك المركزي الذي ألزم البنوك في مذكرة وجهها إليها، بضرورة عدم التلميح إلى الخاصية الدينية لهذه المنتجات في حملاتها التسويقية. ويمضي المزيان قائلاً "ويبلغ الغموض والتناقض مداه عندما تشير المذكرة ذاتها إلى أن إعداد عقود هذه التمويلات البديلة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بصيغها الثلاث إنما تم بناء على القواعد التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية التي تناط بها مهمة صياغة المعايير الموافقة لمبادئ الشريعة، التي تطبق على المنتجات والمؤسسات المالية الإسلامية". تخوفات غير مبررة يري المزيان أن هناك تخوفات غير مبررة في المغرب بشأن هذه الصيغ الإسلامية، التي سميت البديلة، حيث شدد البنك المركزي على البنوك - كما يقول- في هذه المسألة داعيا إياها إلى الإشارة في إعلاناتها التسويقية إلى صفة التمويلات البديلة وليست الإسلامية، إضافة إلى جعلها حكرا على البنوك التقليدية دونما إمكانية لقيام بنوك إسلامية محضة، وفي رأيه إن ذلك لا يؤثر كثيرا في رواج هذه الصيغ في المغرب، وإنما الذي يؤثر فيها هو البنوك نفسها التي كما يقول تتوجس من هذا الطارئ والمفاجأة التي لم تتمكن من الإعداد الجيد لها، فالأطر البنكية المغربية – يضيف المزيان - في مجملها لا تعرف عن هذه التمويلات إلا اللمم، ناهيك عن إمكانية التعامل بها وتسويقها. بداية القصة هذا الجهل بأبجديات التمويل الإسلامي يرجعه المزيان إلى عدم اقتناع البنوك والسلطات النقدية المغربية بجدواها على الرغم من مطالبة عديد من الجهات به، وفي مقدمتها جمعية البحوث والدراسات في الاقتصاد الإسلامي المغربية التي طالبت منذ أمد بعيد السلطات النقدية هناك بتفعيل هذه التمويلات نزولا على رغبة غالبية السكان في الغرب، غير أن نداءات الجمعية ـ كما يقول المزيان ـ ذهبت أدراج الرياح، على الرغم من أنها كانت مشفوعة بدراسات تثبت مصداقية وجدوى هذه المطالب، ويضيف أنه في شباط (فبراير) من عام 1989 نظمت الجمعية ندوة بعنوان ''تنمية التجارة الإسلامية'' بشراكة مع المركز الإسلامي لتنمية التجارة أتبعتها بدراسة حول إمكانية إنشاء بنك إسلامي في المغرب تم تقديمها لوالي بنك المغرب آنذاك الذي أدخل المشروع طي النسيان، إضافة إلى هذه الخطوة, يقول المزيان إن الجمعية نفسها قامت عام 1990 بدراسة مشروع إمكانية اعتماد المعاملات المالية الإسلامية في بنك الوفاء (التجاري وفا بنك حالياً)، وذلك من خلال اعتماد عمليات ''المشاركة والمرابحة والمضاربة''، لكن وزارة المالية جمدت المشروع كما يقول، ويضيف أن بنوكا خليجية أبدت استعدادها لتأسيس فروع لها في المغرب لترويج هذه المنتجات إلا أن مطالبها لم تلق آذانا صاغية في كل مرة. تكميلية لا بديلة عن تقييمه هذه الخطوة التي نجحت في توفير هذه المنتجات الثلاثة، يقول المزيان إنه من الواضح أنه أريد لهذه المنتجات أن تكون تكميلية لا بديلة, إذ إن وجود البديل يحتم في الواقع التخلي عن المبدل عنه. إلا أن الإبقاء على المنتجات المالية التقليدية المبنية على نسبة الفائدة جنبا إلى جنب مع المنتجات البديلة يجعل كثيرا من الشكوك تحوم حول شرعية هذه المنتجات, ولا سيما أن البنوك المعنية بترويجها لم تعلن حتى الساعة نيتها تنصيب هيئات رقابة شرعية تتولى الإشراف على تدبيرها كما أنها لم تلمح البتة لإمكانية التمييز، من الناحية المحاسبية، بين المعاملات الإسلامية والمعاملات الربوية. وخلاصة القول، يقول المزيان إن هذه التجربة، على علاتها، هي بداية طيبة على درب أسلمة المعاملات المالية وتخليصها من سلطان الفوائد. وأخيراً فإن المزيان يرى أن البنوك في المغرب في حاجة إلى تأهيل كوادرها لتقديم هذه المنتجات في تناسق تام مع ما تقتضيه من خصوصيات هي سر تعلق الزبائن بها (وهم كثر), وبالتالي فإن الحاجة إلى فهم متطلباتهم وتبدبد مخاوفهم شديدة ولعل من أشدها إلحاحا تلك المتعلقة بضرورة تعيين هيئة رقابة شرعية داخلية لطمأنتهم وشحذ مدخراتهم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية