Author

حياتنا في التاريخ

|
عند متابعتنا الأفلام نشاهد منها ما يتخذ طابع الجدية، و أخرى كوميدية و غيرها رومانسية و العديد من الاتجاهات المختلفة، و لكننا نحن من نحدد بعدها بم خرجنا منها؟، ليس على الأفلام دائماً أن تحمل لنا رسالة واحدة كما أراد منتجوها للعالم كله، كل شخص لديه رؤيته و جانبه الذي يرى فيه، و كل هذا مبني على أساس البنية العقلية في ذهنية المتلقي نفسه. لست من هواة متابعة الأفلام الكوميدية، لكني شاهدت بالصدفة فيلم Night at The Meseum " ليلة في المتحف التاريخي " و الذي كان من بطولة Ben Stiller في دور Larry Daley و الذي أخرجه Snawn Lery في عام 2006 م، الفيلم و إن اعتبروه منتجوه كوميدياً و لكني لم أجده كوميدياً تماماً إنما يتسم بطابع الطرح الكوميدي كثيراً، نظراً لوجود الخيال فيه، و الجدير بالذكر هنا أن Ben Stiller يسير في هذا الخط مع أفلامه و يبرع في هذا الدور دائماً. قصة الفيلم تدور حول " لاري " الذي يبحث عن وظيفة تؤمن له الاستقرار من أجل نيل حياة أسرية هادئة مع ابنه الذي يعيش مع والدته و زوجها الآخر، و بعد أن جرب عديداً من الوظائف أرسلته مديرته الأخيرة إلى وظيفة أخبرته مسبقاً عنها بأن جميع من جربوا هذا العمل لم يكملوا ليلة واحدة فيه، تقدم لها و كانت وظيفة حارس ليلي في متحف تاريخي قديم. حضر الخيال في هذا الفيلم باستعادة الآثار التاريخية حياتها بعد منتصف الليل، و كان سبب حياتها من جديد وجود شاهد قبر " آمون رها " في المتحف، فوجئ لاري بهذا كثيراً و لم يستطع التعامل في البداية مع هذا الأمر و لم يستطع حتى أن يصدق ما الذي كان يحدث، ما شدني في الفيلم كثيراً الطريقة التي استطاع فيها " لاري " أن يتعامل مع الفوضى التي كانت تعم المكان ليلاً بسبب استعادة الآثار حياتها، وقد كانت حاجته إلى العمل دافعاً له ليستمر فيه ليبحث عن حل أمثل لما يحدث، فقرأ التاريخ، أمضى وقتاً طويلاً في البحث في تاريخ الديناصورات و حروب الرومان والحرب الأهلية و الشعوب القديمة كي يفهمها و يفهم تاريخها، احتياجاتها، تقاليدها، و بهذا يعمل عليها. إذاً " لاري " عاش التاريخ، و بالتاريخ تعامل معه في المستقبل، تعامل مع كل أثر من الآثار التاريخية في المتحف بما كانت تعتقده في حياتها و تتعايش معه، فعاش معها هو ببساطة و سهولة، ميزة هذا الفيلم أنه أظهر مدى أهمية التاريخ و كيف نعيش في الحاضر حين نهمله، و كيف أن حاضرنا و حياتنا هي في الأساس مبنية على ما حدث في التاريخ، و أننا لن نفهم الحياة و لن نستطيع التعايش معها ما لم نفهم تاريخها.
إنشرها