Author

العالم يتجه شرقاً!

|
لدينا في الأثر حكمة عالية القيمة فحواها "اطلبوا العلم ولو في الصين، ولديهم في الصين مقولة كتبوها بمداد من ذهب، هي تنسب لزعيمهم دينغ سياو بينغ، رائد الإصلاح الاقتصادي الذي تولى القيادة بعد وفاة الزعيم الصيني الأشهر ماوتسي تونغ، حيث قال بينغ في التعليق على الفلسفة التي تقف وراء إصلاحاته الاقتصادية: "لا يهم أن تكون القطة بيضاء أو سوداء، المهم أن تكون قادرة على اصطياد الفئران". كلاهما قد علق بذهني سواء ما قيل في الأثر أو ما نسب للزعيم وحسبي أن الرابط بينهما هو الصين. وبمناسبة زيارة الرئيس الصيني للسعودية وسط الأسبوع الجاري دعونا في القطة ولونها .. فهنا تبنى الاستراتيجيات العاقلة، ومن هنا انطلقت الصين لتكون بلد التنمية والارتقاء، بلد الميزان التجاري المرتفع جداً على كل من يقابلها، بلد الانطلاقة الحقيقة نحو العلم والعالم. الصين ذلك البلد الذي كان تحت دعة الاحتلال الياباني، أسيراً مضطهداً، لم يتحرر منه إلا بعد أن دفع الثمن غالياً بل ومؤلماً، ولم يكتف بذلك بل نفض الغبار عن نفسه منتصف القرن الماضي، وعاش كل المتغيرات من ثورة ثقافية واجتماعية حتى بات يسير على الطريق الصحيح .. هذه المتغيرات الصينية طافت ببالي، لأنادي وبصوت مرتفع بأن علينا أن نتعلم من تجارب المتقدمين، ألا نختزل التقدم والرقي بثقافة واحدة ونغلقها علينا، ننظر كيف خطا العالم ونتعلم منه، نطور أنفسنا، ولا باس إن استخدمنا نظرية القط .. قد يبح صوتي .. لكن أحسب أن مثل ذلك سيصعب جداً ما دامت أهم قضايانا الاجتماعية تدور في فلك التوافه لأننا مازلنا نتحاور ونتناقض، بل نتقاتل أحياناً على فتات اجتماعي مثل هل نسمح للمرأة بأن تعمل في المحال التجارية.. أم.. لا .. وهل صالات السينما تتفق مع قيمنا وعاداتنا ورغباتنا .. وأهوائنا؟ القطة الصينية فتحت الآفاق. من الممكن أن نتطور، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم وتجاوز الآفات التفكيرية المعطلة للرقي، بإمكاننا أن نتطور حينما نطلب العلم الذي في الصين،والعلم الذي في كل بقعة على أرض المعمورة، نتدارسه, نتعلم منه كيف بات مميزاً رائعاً، كيف جعل من بلد حجم البطالة يقترب من ربع عدد السكان، وبات الآن في أضيق حدوده..، نطلب العلم ولو في الصين .. لنتدارس كيف هي المرأة لديهم ولدى غيرهم من المتقدمين المتطورين مشاركة في الرقي والعمل والاجتهاد والاختراع .. لماذا هي لم تمنع من المدرسة، ولماذا جعلت أماً مميزة لأولادها، ولنسأل أنفسنا هل التعليم من فعل ذلك، أم أن تجاوز البيروقراطيات المقلقة هو من فعل ذلك أيضا؟ من الممكن أن نتطور، متى ما أدركنا "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .. لن نسأل عن القطة بيضاء أم سوداء، وإن كان كثيرون منّا يفضلونها سيامية أو فارسية جميلة .. لا علاقة لها بالفئران، لكن علينا أن نستغل ما نحن عليه من ثروة وتطلع، وفوق ذلك توجه نحو العلا والسؤدد.. وللصين فينا مثل.
إنشرها