المسؤوليةالاجتماعية بين أقدام كرة القدم

المسؤوليةالاجتماعية بين أقدام كرة القدم

عبدالغني بن حماد الانصاري: هل نحن بحاجة إلى كرة قدم وصناعة نجوم لهذه الرياضة التي أصبحت هوسا وصل إلى حد الإدمان ؟ وهل تفوقنا في المجال الرياضي دليل عافية ومؤشر تقدم؟ ثم ماذا يضيف لاعب كرة القدم للوطن حتى لوكان في مستوى (مارادونا أو رولاندينو أو بيليه )؟ سؤال ظل يراوح مكانه زمنا طويلا ويأخذني في مدارات الحيرة وكلما تلفت حولي لأجد إجابة مقنعة أو مبررا مقبولا لصناعة نجوم الكرة وإهدار المبالغ الطائلة في شرائهم ووضعهم في أعلى السلم الاجتماعي بفارق أميال عن أساتذة الجامعات والمهندسين والباحثين ،عدت أجرجر اذيال الخيبة مملوءاً بالعجب يحملني طوفان الاستغراب كخشبة نخرة. إن دولة كالبرازيل مهووسة بكرة القدم حتى نخاع عظمها وهي سيدة كأس العالم وبها اكبر مفرخة للنجوم الرياضيين ومع ذلك ما تزال إلى يومنا هذا قابعة في المؤخرة اجتماعيا واقتصاديا وما تزال تصنف ضمن الدول المتخلفة والاقل نموا في العالم ، نعم إن تفوق البرازيل في الرياضية وامتلاكها لناصية الرياضة العالمية وكأسها العالية ووفرة نجومها لم يحركها قيد أنملة نحوالعالم الأول وما يزال الفقر وبيوت الصفيح هي الطابع العمراني للسواد الأعظم من هذا الشعب بينما نجد في الجانب الأخر صورة مختلفة فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا لم تفلح يوما في الفوز بكاس العالم ولم يكن ذلك ضمن اهتماماتها أو أولويات إنفاقها ولو أرادت لبزت العالم لأنها صاحبة القدح المعلى في الاقتصاد وفي الفكر والتكنولوجيا وهي أيضا القوة العسكرية التي لا يشق لها غبار وهي كذلك سيدة الفضاء وشبكة المعلومات الدولية ومهوى أفئدة الطامحين والمتطلعين إلى التطور والنجاح في جميع المعارف علمية وتقنية. أنا لست ضد الرياضية ولا ضد كرة القدم ولست حتى ضد الرياضيين أو حاسداً لمكانتهم المادية والاجتماعية ولكني ضد أن يجوع معلم الصف الابتدائي بعد أسبوع من تسلم راتبه الشهري أو أن يتسول الباحث والأستاذ الجامعي والطبيب أو المهندس لدى البنوك أو مؤسسات التمويل لأجل مركبة من موديل متأخر أو بناء مسكن متواضع بينما تقوم الشركات بدعم لاعبي كرة القدم وتأمين حياتهم وتوفير عيش كريم فلل وسيارات فارهة من آخر ما أنتجتها العبقرية الألمانية أو الانجليزية أو اليابانية وكل ذلك لأن لهم اقداماً قوية تهز الشباك ، عجبا إن هدفا واحدا ً من أقدام هؤلاء يساوى تاريخ الجامعة بأبحاثها ومن فيها من عقول ،انه التخلف في زي بهى ذلك الذى نقوم بفعله نحن سكان العالم الثالث لقد أحزنني خبر إحدى الشركات حين رصدت مبلغا مقداره مليار ريال لأجل الرياضة ورسم شعارها على الأحذية الرياضية والقمصان. كل هذه الأموال تنفق بيد باردة في حقول كرة القدم وكأن شيئا ً لم يكن فاين المسؤولية الاجتماعية ياترى ؟ إن مبلغا ضخما ً كهذا يمكن أن يساهم في تعليم أكثر من ثلاثة ألاف طالب في أرقى جامعات الطب والهندسة والتقنية في العالم وهم الذين سيشكلون إضافة حقيقة للوطن ويسهمون في إخراجنا من دوامة العالم الثالث كما يتمنى لنا ولاة الامر كما وان مثل هذا المبلغ أن يصرف على أبحاث تساعدنا في التغلب على مشكلة المياه في بلادنا وتوطين تكنولوجيا التحلية أو يصرف لا بحاث الجراحة التي بدأنا نخطو فيها خطوات مشهودة. إن بنوكنا وشركاتنا وأصحاب الأموال في بلادنا بحاجة ماسة لتزويدهم بفكر وحس اجتماعي وثقافة رد الجميل ,يتجاوز كرة القدم والإغداق على اللاعبين للتوجه بأموالهم نحو خدمة المجتمع وتطويره خاصة وان توجه ولاة امرنا اليوم منصب نحو بناء مجتمع متطور تقنيا ومعرفيا والتقنية والتطور لا يمكن أن يحدث بدعم أحذية كرة القدم وإنما بدعم الأبحاث ورفع مستوى المعيشة للمعلمين باختلاف قطاعاتهم. نعم إن كرة القدم توفر الجماهير المغرية لجعل الشركات تلجأ لدعمها وتنشر وتروج لنفسها ولكن يمكن أن تتوفر الدعاية لها عبر المسؤولية الاجتماعية إن دعمت المدارس فهناك الآلاف من الطلاب الذين يمكن أن يتم إهداؤهم أجهزة حاسب وحقائب ودفاتر تحمل شعار الشركة تخدم بذلك اهدافها الدعائية وتخدم الطلاب وتطور التعليم في بلادنا.
إنشرها

أضف تعليق