Author

تاريخ جديد من الخطاب السياسي العربي

|
لم تكن لحظة عادية تلك التي وصل فيها دور كلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية (قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة) التي عقدت في الكويت خلال الأيام الماضية. لقد قلبت تلك الكلمة تاريخ الخطابات السياسية العربية بصدقها وجديتها، ولم يكن مستغربا ردود أفعالها الإيجابية التي ظهرت أولا في التعليق الذي قاله الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة رئيس تلك القمة. كانت تلك الكلمة السياسية الصادقة تمثل تماما الشخصية الصادقة التي يملكها الملك عبد الله بن عبد العزيز دون  أي نقصان، فهذا هو خادم الحرمين الشريفين منذ أن عرفه الوطن ومنذ أول منصب قيادي يتسلمه وهو لا يقدم شيئا فوق صدق التعامل ووضوح المبدأ، وهذا ما يفسر مطالبته في أول كلمة منها بنتائج واضحة لهذه القمة الاقتصادية (إننا نأمل ومعنا شعوب الأمة العربية في نتائج واضحة لهذه القمة الاقتصادية تبشر بمستقبل من الأمن والرخاء للمواطن العربي والمسلم في كل مكان إن شاء الله). كان  خادم الحرمين الشريفين حفظه الله يعرف أن شعوب الأمة العربية تعقد عليه الأمل بعد الله سبحانه وتعالى وتنظر إليه كقائد عربي وإسلامي حمل على عاتقه إخراج الأمة العربية والإسلامية إلى مستوى أرقى وأصدق في معالجة الأزمات التي بدأت تتكالب على العرب والمسلمين نتيجة عدم توحيد صفوفهم وكلمتهم. قال خادم الحرمين الشريفين في تلك القمة خطابا سياسيا سينقل الخطاب السياسي العربي إلى مرحلة أكثر صدقا وتطورا، وسيسهم في خلق لغة خطاب سياسية جديدة بين الحكام العرب وشعوبهم، وقد تحدث في تلك القمة فكان على قدر الثقة التي أعطتها إياه الشعوب العربية والإسلامية. الخطاب كان سياسيا صادقا أتى في وقته المناسب حيث سمى الأشياء بأسمائها الحقيقية ولم يترك للتأويل قيد أنملة، شخّص المرض وذكر علاجه، ولم يتحدث أي حاكم عربي قبل خادم الحرمين الشريفين بهذه الجرأة والمصداقية والرغبة الجازمة في تأسيس وطن عربي متصالح ينعم بالرخاء بعيدا عن الفرقة والمزايدات الزائفة، إنها كلمة خرجت من القلب وما يخرج من القلب سيصل إلى قلوب الآخرين لا محالة ولم يكن مستغربا تهافت أغلب الحكام العرب للسلام على خادم الحرمين الشريفين بعد خروجه من مؤتمر القمة، كان مشهد التجمع العربي حول خادم الحرمين الشريفين بعد إلقاء كلمته يدل دلالة واضحة على مدى تأثيرها بشكل مباشر على الحكام العرب قبل الشعوب العربية التي استقبلت هذا المشهد بتفاؤل. ولا نبالغ إذا قلنا عن الخطاب إنه هو التفاؤل الذي لم نشعر بمثله منذ سنوات طويلة وأعاد إلينا الأمل الكبير بوحدة صف عربية مبنية على الصدق والعدل مع النفس قبل الآخرين. هذا هو خادم الحرمين الشريفين أينما يتحدث لا يداهن ولا يخشى في الحق لومة لائم.
إنشرها