default Author

"العزوبية" سبب أزمات الطاقة؟

|
الخبر الأول .. أعلنت شركة إس إم آر ريسيرش الأمريكية أخيراً أن سبب الزيادة الكبيرة في استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة هو زيادة عدد العزاب الذين يعيشون في بيوت وشقق بمفردهم. وأشار التقرير إلى أن استهلاك الأشخاص الذي يعيشون بمفردهم من الطاقة يفوق استهلاك الآخرين بمقدار 18.4 في المائة، وأن نسبة الزيادة في عدد الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم بلغت ثلاثة أضعاف الزيادة في عدد السكان منذ عام 1960. وأشار التقرير إلى أن البيوت التي يتجاوز عدد غرفها عشر غرف تستهلك طاقة أكثر من البيوت ذات سبع غرف بمقدار 31.3 في المائة، وأن مساحة البيوت الجديدة في الولايات المتحدة زادات بمقدار 34 في المائة منذ 1980. كما ذكر التقرير أن الأمريكيين الحاصلين على شهادات ماجستير أو أعلى من ذلك يستهلكون كميات أكبر من الطاقة من الأمريكيين ذوي الشهادات الأدنى، الأمر الذي ينفي الفكرة السائدة أن زيادة التعليم تؤدي إلى ترشيد استخدام الطاقة. التعليق استهلاك الطاقة لكل فرد في دول الخليج من الأعلى في العالم. وإذا عدّلنا الرقم بناء على إنتاجية الفرد أو الصادرات، لوجدنا أن الفرد الخليجي أعلى مستهلك للطاقة في العالم! صحيح أن الدول الصناعية هي الأكثر استهلاكا للطاقة في العالم، ولكن مصانعهم تصدر لكل دول العالم بما في ذلك دول الخليج. لذلك فإنه من الصعب مقارنة استهلاك الطاقة في بلد يصدّر، وبلد مستورد، أو بين بلد تمثل صادراته الصناعية ربع الناتج المحلي وآخر تمثل صادراته 1 في المائة من الناتج المحلي. وبما أن العزاب هم الأكثر استهلاكا للطاقة، فإن هذا يعني أن الفرد الأعزب في الخليج هو الأكثر استهلاكا للطاقة في العالم. وهنا يتضح أن هناك فائدة أخرى للزواج: توفير الطاقة. كما يتضح أن أحد تكاليف الطلاق هي زيادة استهلاك الطاقة! أما فيما يتعلق بمساحات البيوت وأثرها في استهلاك الطاقة في دول الخليج، فإنني أترك الأمر لتصور القارئ. إلا أن هناك خطأ كبيرا في توصيات التقرير لأن هناك فرقا كبيرا بين ترشيد الاستهلاك وزيادة الكفاءة في الاستهلاك. الفرق أن الأول يؤدي إلى تخفيض مستويات المعيشة، والثاني يؤدي إلى تحسينها. هذا الفرق مهم لأنه يوضح أن أغلب الانخفاض في الطلب الآن يقع ضمن الصنف الأول وليس الثاني، الأمر الذي يؤكد أن أسعار النفط سترتفع مرة أخرى مع انتعاش الاقتصاد العالمي وتلاشي الطاقة الإنتاجية الفائضة في الدول المنتجة للنفط. الخبر الثاني ذكرت الصحف الأمريكية أن باحثا في جامعة هارفارد متخصص في استهلاك الإنترنت من الطاقة استنتج أن استخدام الإنترنت يزيد من استهلاك الطاقة بشكل كبير، وأن عمليتي بحث في جوجل كافيتان لزيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بما يعادل الغازات المنبعثة من تسخين كوب من الشاي أو القهوة. ولكن الباحث رد على ذلك بأن أغلب ما ذكر عنه غير صحيح، إلا أن الوقت بين نشر الخبر ونفيه كان كافيا لملء مئات الصفحات من التعليقات على الإنترنت (التي زادت أيضا من استهلاك الطاقة)، وكان كافيا لإجبار شركة جوجل على التعليق على الموضوع. وأشارت الشركة إلى أن كمية الطاقة المستخدمة في عملية بحث واحدة على الإنترنت تستخدم ما يعادل عشر ثوان مما يستهلكه جسم الإنسان من الطاقة، وأن ما يستخدمه الكمبيوتر الشخصي خلال فترة البحث البسيطة يستهلك طاقة أكثر مما تستخدمه حواسيب شركة جوجل لإجراء البحث. وأشارت الشركة إلى أن الغازات المنبعثة من ألف عملية بحث في "جوجل" تساوي الغازات المنبعثة من عادم سيارة لمسافة كيلو متر واحد. وأشارت الشركة إلى التبرعات السخية للمشاريع البيئية، الأمر الذي ينفي عنها أنها ملوثة للبيئة. التعليق بما أن فئة العزاب، عموما، هي الأكثر استخداما للإنترنت، فإنهم هنا أيضا يزيدون من استهلاك الطاقة. ولا شك أنه بغض النظر عن الطاقة التي تستخدم في الإنترنت وعمليات البحث فإن الفوائد المحققة من استخدام الإنترنت تحقق وفورات ضخمة من الطاقة لأن البديل هو تنقل الأشخاص من مكان إلى مكان لتحصيل المعلومات، وهو الأمر الذي يتطلب استخدام المواصلات المختلفة من السيارات والقطارات والطائرات. إلا أنه في الوقت نفسه يجب ألا نتجاهل حقائق أخرى وهي أن تكنولوجيا المعلومات وإنتاج الحواسيب كثيفة الطاقة، بمعنى أن إنتاجها يستهلك كميات هائلة من الطاقة. وأشار تقرير في الماضي إلى أن إنتاج ثلاجة يمكن برمجتها كمبيوتريا يستهلك عشرة أضعاف الطاقة التي تستخدم لإنتاج الثلاجة نفسها دون كمبيوتر (للتذكير فقط: نحن هنا نتكلم عن الطاقة اللازمة لإنتاج هذه الأدوات وليس عن استهلاكها للطاقة). لهذا يتوقع الخبراء استمرار استهلاك الطاقة في النمو لأن كل شيء في حياتنا يتحول تدريجيا إلى استخدام الكومبيوتر، حيث توجد بيوت حاليا يمكن التحكم فيها بالكامل عن طريق الإنترنت: تصور أنك في السيارة، وقبل أن تصل إلى البيت بقليل تستطيع إغلاق الستائر وتشغيل المكيف والأنوار من ريموت صغير تحمله معك دائما. ولا بد من ذكر حقيقة أخرى وهي أن المقارنة السابقة بين تحصيل المعلومات من الإنترنت مقابل الحصول عليها عن طريق الانتقال إلى أماكن وجودها تتجاهل ملايين الناس الذين يبحثون عن معلومات بسبب وجود الإنترنت فقط، وليس لأنهم على استعداد للذهاب إلى المكتبة أو إلى مكان آخر لتحصيلها. أما ما ذكرته شركة جوجل عن تبرعاتها لدعم البيئة، فإنه يذكرني بشركة نفطية خليجية أعلنت منذ سنوات أنها تدعم البيئة لأنها تزرع خمسة آلاف كيلو متر من الملفوف سنويا في أرض خلف مبنى الشركة وتوزعها مجاناً. ملفوف.. في الخليج؟ من جاء بهذه الفكرة؟ خلاصة الأمر أن استهلاك الطاقة، بما في ذلك النفط، سيستمر في الزيادة لأسباب عدة، بما في ذلك الأسباب التي لا تذكر كثيرا مثل موضوع العزوبية أعلاه.
إنشرها