أخبار اقتصادية

"العملية ملغاة".. هل هي مؤشر عودة النظام البنكي للوراء؟

"العملية ملغاة".. هل هي مؤشر عودة النظام البنكي للوراء؟

الأمر لم يعد محتملا.. هكذا عبر مواطن عن حالة أجهزة الصراف الآلي في العاصمة الرياض، وهو أمر ينساق على هذه الأجهزة في بقية مدن المملكة، والوضع ينساق أيضا على أجهزة الدفع (نظام الدفع) في المحال التجارية، فالعملية متعثرة أو ملغاة في الغالب، وفي أحيان عديدة يكتشف العميل أن المبلغ محسوم من حسابه رغم احتفاظه بإيصال من جهاز الدفع بأن عملية سداده تعثرت أو "العملية ملغاة" وهي العبارة التي باتت تشكل قلقا واسعا لعملاء البنوك. "الاقتصادية" كانت قد نشرت في أيلول (سبتمبر) 2008، سلسلة تحقيقات عن هذا الوضع، لكن شيئا من التحسين أو معالجة الوضع لم يحدث، بل إن الأمر بات مقلقا إلى حد كبير، وقد يحدث انعكاسات سلبية في علاقات العملاء مع بنوكهم. كيف يحدث هذا الخلل؟ وعلى من تقع المسؤولية فيه؟ وما المخاطر التي يشكلها على علاقة العميل بالبنك؟ ومن يحمي حقوق العملاء في حال فقدان أموالهم في أجهزة الصراف أو في نظام المدفوعات؟ اعتبارا من اليوم تنشر "الاقتصادية" سلسلة تحقيقات للوقوف على هذه المشكلة. تشير أحدث البيانات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن السيولة (المعروض النقدي) ارتفع إلى 919.3 مليار ريال (245.1 مليار دولار) بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) مقارنة بمبلغ 771 مليار ريال قبل عام. وكان معدل النمو السنوي للمعروض النقدي 19.4 في المائة في أيلول (سبتمبر) و21.8 في المائة في آب (أغسطس). وأوضحت البيانات أيضا أن السيولة المتداولة خارج المصارف ارتفعت إلى 83.4 مليار ريال من 81.8 مليار ريال في تشرين الأول (أكتوبر). هذه الأرقام تعني أن هناك 83.4 مليار ريال متداولة خارج البنوك في السعودية، وهي المبالغ التي يتناقلها المواطنون والمقيمون في الاستهلاك. وبالنظر إلى توسع نطاق أجهزة الصراف الآلي وتحويل رواتب موظفي الدولة والقطاع الخاص على البنوك مباشرة، فهذا يعني أن جل هذه المبالغ سيمر عبر أجهزة الصراف أو نظام المدفوعات في نقاط البيع. من المسؤول؟ العميل في الغالب لا يعرف أين تقع مسؤولية أعطال أجهزة الصراف الآلي ونظام السداد الآلي في نقاط البيع أي الخلل الذي يصيب الأجهزة المرتبطة بنطام "سبان" SPAN. فالبعض يلقي باللائمة على البنوك وفريق يعتقد أن مؤسسة النقد هي المعنية بالنظام، وفريق يرى أن شبكة الاتصالات هي المتسبب في تعثر العمليات، خاصة عمليات السداد الآلي في نقاط التوزيع. وفي كل الأحوال لا أحد يملك الحقيقة، لكن من الثابت أن كل هذه الجهات تتحمل جزءا من المسؤولية فيما يحدث, وهو أمر يسيء لسمعة البنوك وربما يشكل خللا في علاقتها مع العملاء ويدفع بعض العملاء إلى التنقل بحساباتهم من بنك إلى آخر بحثا عن خدمة أفضل. في أيلول (سبتمبر) عندما نشرت "الاقتصادية" سلسلة التحقيقات عن نفس الإشكالية (والتي لم تحل حتى الآن)، تلقت الجريدة بيانا صحافيا من شركة الاتصالات السعودية، فصلت فيه مكونات أنظمة المدفوعات SPAN في سياق تجاوبها مع تحقيق "الاقتصادية"، وقال إن هناك أربعة عناصر تكون هذه الأنظمة وهي: جهاز نقطة البيع، التجهيزات الداخلية للاتصالات لدى العملاء، شبكة الاتصالات السعودية (الوسيط وشبكة آي سبان ISPAN)، ومنظومة المدفوعات السعودية والتي تتكون من خوادم الشبكة لدى مؤسسة النقد والبنوك المحلية. وقالت شركة الاتصالات في حينها إنه يصعب تحديد سبب وحيد لإخفاق العمليات، حيث يتشارك في الإخفاق كافة عناصر خدمة نقاط البيع، فيمكن إرجاع عدد ليس بالقليل من الإخفاقات إلى أجهزة نقاط البيع، حيث تتكرر الأعطال في تلك الأجهزة أو في برامجها التشغيلية مما يتسبب في عدم قدرتها على الاتصال بالشبكة. إضافة إلى أن التجهيزات الداخلية لدى المحال التجارية المستخدمة لنقاط البيع تتسبب في كثير من الإخفاقات، حيث يستخدم البعض أساليب تسليك داخلية بدائية أو يعمد البعض إلى ربط أكثر من جهاز على خط هاتفي واحد ما يسبب عدم القدرة على تشغيل أكثر من جهاز في وقت واحد ويتبين هذا كثيرا في أوقات الذروة. وأشارت الشركة إلى أنه كثيرا ما يكون الخط الهاتفي المرتبط بجهاز نقاط البيع مشغولاً باتصالات هاتفية أو فاكسية للعميل مما يسبب عدم قدرة الجهاز على الاتصال بالشبكة، موضحة أنه في كل الحالات السابقة تكون الرسالة أن هناك إخفاقا في الاتصال مع العلم بأن جهاز نقطة البيع لم يبدأ الاتصال بعد بشبكة الاتصالات. وذكرت شركة الاتصالات أنها في نهاية العام الماضي أدخلت خدمة ISPAN التي تعتمد بشكل كلي على بروتوكول الإنترنت (IP) مع الاستمرار في خدمة الوسيط، كما تسعى الشركة وبالتعاون مع البنوك إلى الاعتماد على الشبكة الجديدة نظرا للتوسعات الكبيرة في أعداد نقاط البيع الخاصة بهم. وكشفت " الاتصالات السعودية" في ردها على "الاقتصادية" أنها تعكف على استكمال تطوير خدمة نقاط البيع باستبدال خدمة الوسيط (الشبكة الحالية للخدمة) ونقل جميع طرفيات بيع العملاء التي تزيد على 50 ألف طرفية من النظام القديم (شبكة الوسيط) إلى النظام الجديد ISPAN والذي يعمل عليه حالياً نحو 30 ألف طرفية بدون أي بطء، مع توسعة قدرات النظام لاستيعاب النمو في حركة البيع المتوقعة من أجهزة نقاط البيع، تتيح الوصول إلى الشبكة السعودية للمدفوعات عبر الهاتف أو الجوال أو الخطوط الرقمية بتقنياتها المختلفة. وأفادت أنه بدا جليا منذ إدخال هذه الخدمة الانخفاض الكبير في الإخفاقات المتعلقة بشبكة الاتصالات لدى البنوك التي حولت للخدمة الجديدة، كما أن الشركة توفر خدمة الدعم الفني الخاصة للبنوك ومقاوليهم عبر مراكز الدعم الفني للشركة، مشيرة إلى أن الشركة بدأت في تجهيز أغلب المجمعات التجارية بخدمة ISPAN المستمرة Always – on التي لا يحتاج العملاء فيها إلى أي خطوط هاتفية لإتمام العملية، حيث إن أجهزة نقاط البيع ستكون موصولة مباشرة وعلى الدوام بمنظومة SPAN وسيكتمل تواجد هذه الخدمة في أكثر من 75 في المائة من المجمعات التجارية قبل نهاية عام 2009. وبينّت "الاتصالات السعودية" أنها تقدم خدماتها لجميع البنوك العاملة في المملكة لربط أجهزة نقاط البيع الخاصة بها بمنظومة "سبان". ماذا بعد؟ من المعلوم أن معظم دول العالم، خاصة تلك المتقدمة في التقنية البنكية، تعمل حثيثا لخفض الاعتماد على النقد، وهي تستند في ذلك إلى جوانب أمنية، فكلما انخفض مستوى النقد المتداول بين الأفراد، انخفض معدل الجريمة المرتبطة بالمال (أي السرقة تحديدا). لكن ما يحدث لدينا يسير بعكس هذا الاتجاه، فالفرد (مواطنا أو مقيما) يتجنب التعامل مع أجهزة الصراف أو الدفع الآلي في نقاط البيع قدر الإمكان، وبالتالي يلجأ البعض إلى سحب مصروف عدة أيام (قد يكون أسبوعا) في مرة واحدة ويحتفظ بالسيولة لديه خلال هذه الأيام للتبضع بها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية