نقابة الكروش

نقابة الكروش

نقابة الكروش

لم يعد تركيز الفرد منا في طعامه اليومي على العناصر الغذائية ذات السعرات الحرارية اللازمة لجسم صحي وعقل سليم. وقد نسينا أو تناسينا أمام بعض الأطعمة اللذيذة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أمرنا بتوزيع ما نتناوله ليكون ثلث للطعام وثلث للشراب وثالث للنفس، وجعلنا الثلاثة للأكل وزدنا ثلثين فوقها للشرب معتقدين أن النفس طريقه للرئة وليس المعدة دون التفكير في العواقب والمصائب التي تنتظرنا، والأدهى والأمر من ذلك أن اصناف الطعام التي نلتهمها دون هوادة اصبحت دون قيمة غذائية، بل تعدى الأمر ليكون ضرر بعضها أكبر من نفعه. #2# حكايتي ياسيداتي سادتي تبدأ من منزلي العامر بأصناف الطعام الذي لم ولن أبخل عليه وعلى ساكنيه بكل ما طاب ولذ وتحديدا من مطبخنا المتخم بأنواع الوجبات حيث تؤمن زوجتي المصونة والدرة المكنونة أن أقرب طريق لقلبي هو معدتي وقد وافق ذلك إيماني بالمثل القائل "كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس" مما زاد في معاناتي وأصبحت كرشي تعانق ركبتي على الدوام، وقد يزيد بها الهيام لتصل القدمين في حركة أصبحت مالوفة لدى الكثير من أصحاب الكروش الكبيرة من أمثالي. وبعد إهمال لسنوات بدأت في البحث عن وسيلة لتخفيف وزني عل وعسى أعود لأيام الرشاقة التي أصبحت حلمي الذي أشك في أنه يتحقق، ومما زاد الأمر سوءا أن وسائل الإعلام مشكورة قد صورت لي السمنة أنها ذلك الغول الذي يكاد يفتك بحياتي في أية لحظة دونما تقدير لعشرة السنين. فتارة القلب ومشكلاته وتارة السكر واخرى الظهر والمفاصل ومشكلاتها إلى جانب ضيق النفس والضغط وما خفي كان أعظم. وأصدقكم القول إن ركبي أصبحت تشكو إلى الله عجزها وعدم قدرتها على حمل كرشي وملحقاته. وزاد الطين بلة زيادة حوادثي المنزلية وفي أروقة العمل بل أصبحت ألهث من أدنى حركة ولم أعد ذلك الشخص النحيل ذا الحركة الانسيابية وأصبحت في حالة نفسية لا ترضي العدو ولا الصديق نتيجة التفكير المتزايد في الأمراض التي أحملها بين جنباتي أو تلك التي تنتظر طيحة الجمل, وكلما زاد تفكيري لم أجد من يواسيني في محنتي سوى ما لذ وطاب من أصناف الطعام مما يضطرني أن أصب جام غضبي على تلك المائدة مقرونا بعزم ونية أكيدين أنها المرة الأخيرة متوعدا نفسي المدللة والأمارة بالسوء بعقاب وأيام عجاف تاتي على الأخضر واليابس وتذيب تلك الكتل الشحمية التي يحسدني عليها الجاهل من النحفاء ظناً منه أنها نعمة وترف حرم منها .وبعد يوم من الوجبات الغنية بالدسم يتخللها الكثير من المكسرات والمقبلات والخضراوات الممزوجة بالفواكه ويعقبها أطباق الحلويات أخلد إلى سريري غير راضٍ عن حالي مصحوبا بضمير يؤنبني بشكل متواصل وبصوت عالٍ ولكني أسكته بعقد العزم الأكيد على البدء في حمية غذائية شديدة تؤتي أكلها في أيام قليلة. ونظرا لجهلي الكبير بما يتطلبه الرجيم أخذت بتقليل الطعام دون النظر في القيمة الغذائية للوجبات ودون انتظام في تناولها مع قليل من المشي لبضعة أمتار يعاني فيها الميزان الأمرين وأنا أكرر الوقوف عليه كل ساعة أراقب التقدم الذي وصلت إليه ولكن دون جدوى فالفرق نقصان بضعة جرامات وأحيانا بالزيادة. وفي مساء مشحون بالحيرة ومليء بالإحباط رن جرس الهاتف وإذا به أحد الأصدقاء يدعوني لوجبة عشاء وعد بأن تكون خفيفة وقد حصل ذلك فقليل من المفطحات وتوابعها لن تؤثر في رأيه ورأي المتواضعين كان لها الفضل أن جمعتني بزملاء الكرش حيث كانت فرصة كبيرة لمناقشة حالي عملا بالمبدأ القاتل عفوا القائل اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا وقد نصحوني بقولهم " كل في دنياك كأنك تموت غدا" و " الوجبة السمينة تنفع في الجسم النحيف" و " مفطح في اليد خير من رشاقة على الشجرة". فارقت رفاق الدرب واخوان المائدة وزملاء الكرشة بعد أن عوضت أيام الرجيم القاسي ( في نظري) في جلسة واحدة وكل فكري منصب على أن أناقش وضعي مع طبيب أو مختص بعد أن فشلت وصفة المجرب وأملي أن أقوم بتاسيس جمعية لأصحاب الوزن الزائد وأمراض السمنة ونقابة لأصحاب الكروش تعنى بأمرهم. مستشار الإعلام الصحي جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية في الحرس الوطني
إنشرها

أضف تعليق