Author

الإسلامُ وهوليوود

|
.. وهوليوود، كما هو مشهور عنها، عاصمة السينما الأمريكية، بل العالم. ولكن قبل أن أدخل في الموضوع، أود أن أشير إلى مقالـَيْ اللذّيْن صدرا هنا تحت عنوان، "ويكلمونك عن السينما"، واللذين أحدثا لغطاً واسعاً، ونوقش في مقالات، وفي برامج إذاعية وتلفزيونية، وجاءتني اتصالاتٌ ورسائل، فعلاً لا تُعد، لم أستطع التفاعل معها كلها.. وأعترفُ أن قطاعاً عريضاً منها جاء محتـجـّاً، والبعض غضب بشدةٍ وكأني نصّبتُ صنماً جديداً.. واتضح أن في الأمر لبسا كبيرا، إما بسبب العاطفة المندفعة من المحتجين، وإما من سوء التعبير من عندي. فأنا لم أنادِ بفتح دور السينما، ولم أنادِ بعرض الأفلام أياً كانت.. الذي ناديتُ به صناعة للفيلم الإسلامي، الذي يجب ألا يترك الساحةَ بالكامل، كما هو حاصلٌ فعلا، للأفلام الفاسدةِ والخليعةِ والمضادةِ للثقافةِ والحضارةِ الإسلاميّتـَيْن.. ورأيتُ، ومازلتُ، أن صناعة السينما مجرد أداةٍ، مجرد إناءٍ، والأداةُ يمكن أن تقتل بها، أو أن تحيي بها، والإناءُ يُترَعُ سُمّاً، أو يُملأُ تِرياقاً.. منطقٌ بسيط وقديم. وقلنا لو انتصرت الموجة المضادة للفضائيات، لما بقي في الفضاءِ المفتوح إلا رذائلُ المحطات، ولكن لما تم التعامل معها بالمنطق والواقعية، أُشْـهـِرَ السلاحُ المضادُ، فكان أن رصّعَتْ سماءَ الفضاء المفتوح محطاتٌ إسلامية تصدت للفضائياتِ اللاهية وسجّلتْ نجاحاتٍ مشهودة.. وقلنا إن تأثير الفيلم السينمائي، أو البرنامج الفضائي لا ينافسه في التأثير والانتشار منافسٌ.. فهل نترك كل ما فيه من إمكاناتٍ لا تضاهى، ولا تنافس، للجبهةِ الأخرى، ونبقى حسيرين في مساحاتٍ ضيقة، بينما يلعب الآخرون في الكون الكبير.. لعباً أكثره غثاء؟ نعود للموضوع.. هوليوود والإسلام. نذكّر بأمر تعرفونه جميعا بأن هوليوود مملكة يهودية، ولا ننسى أنه في الخامس من نيسان (أبريل) عام 1996م شكا أعظمُ ممثلٍ ظهر في هوليوود وحاصد الأوسكارات وممثل الفيلم الأشهر "العراب" "مارلون براندو" في مقابلة مع "لاري كنج" المذيع الذائع الاسم في محطة سي إن إن الأمريكية، قائلاً: "إن هوليوود تُدار من قبل اليهود، وهي مملوكة من قبل اليهود، وإن اليهودَ يفترون ويشهّرون بالديانات والأعراق الأخرى بالأفلام التي ينتجونها، ويحرصون ألا يمسّ أي شيء سمعة اليهودي، مستخدماً لصفة اليهودي كلمة Kike الدائرة في الوسط الكاليفورني". وربما منكم مَن قرأ ما حصل للممثل والمنتج والمخرج الاسترالي صاحب فيلم "آلام المسيح" "ميل جبسون"، عندما انتقدَ بشدةٍ اليهودَ، فاضطر تحت نير القوة اليهودية أن يعتذرَ بإذلال، كما فعل "براندو" من قبله. وعلى فكرة.. "آلامُ المسيح" فعل فعله في كل العالم المسيحي، وأعاد قصة المسيح خارج القصة الإنجيلية السائدة، ووضّح موقف اليهود البشع والخائن مع الرومان ضد الناصري، وأخرج الصورة الواقعية من الكتب القديمة، وتكلم الأبطالُ ومنهم مؤدي دور المسيح باللغة الآرامية الشائعة في فلسطين (وهذا يؤذي اليهود جدا لأنه يعطي انطباعا صارخا بحق العرب في فلسطين من العهود القديمة) .. وربما قد تعلم أن ملايين المسيحيين تحولوا إلى كنيسةٍ كانت صغيرة ومعزولة لا تؤمن بقدسية الصليب، ولا تقيمه شعارا، ولا بألوهية المسيح.. وفعل الفيلم ما لم تستطع أن تفعله كل محاولات تلك الكنيسةِ خلال عشرات السنين.. حتى بعد الغضبِ اليهوديّ العارم. فالفضاءُ مفتوحٌ رغم أي قوةٍ بشريةٍ على الأرض.. وهذا ما ننادي به لصناعة الفيلم الإسلامي النقي.. وسنكسب ملايين المسلمين الجدد، بل هذا حصل فعلاً ومن هوليوود أيضا، فرغم الظلام الكاسح المضاد للإسلام في هوليوود إلا أن بعض الأفلام الشهيرة، التي مثل فيها أهم وأشهر ممثلي هوليوود، دفعَتْ مشاهدين من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبعض أقطار آسيا وإفريقيا لدراسة الإسلام من جديد، وبعضهم اعتنق دينَ الحقِّ.. الإسلام. ستتعجب لو قلت لك قصة فيلم أنتج في عام 1991م، بعنوان "روبن هوود- أمير اللصوص Robin hood- The prince of thieves" أخرجه المخرج المعروف "كيفن رونالدز" وقام ببطولته أهم رمزين من نائلي كبريات الجوائز، والأروج شهرة في هوليوود، وهما الممثلان:" كيفن كوستنر" الذي اشتهر بإخراج وتمثيل فيلم حائزٍ على الأوسكار بعنوان "الرقص مع الذئاب"، والممثل الأمريكي الأسود الأول "توماس فريمان"، الذي شارك المخرج والممثل الأسطورة "كلنت إيستوود" في فيلم الأوسكارات "بطلة المليون دولار". أدى "كوستنر" دورَ روبن هوود البطل الأسطوري الشهير الذي يقف ضد شريف نوتنجهام في إنجلترا، وبدا "روبن هوود" بطلا شريفا، ولكن مندفعا يغلبه غضبٌ وحمَق، وقام فريمان بدور "عظيم ِAzim" وهو المرافق المُسلم، وكان الرمز الأول أن الإسلام يحترم الإنسان أيا كان لونه.. وحين كان روبن هوود وثلته تطفو عليهم البدائية، كان "عظيم" مثقفاً عظيماً، ومتعلماً، وراقياً، وحكيماً، ووفياً، وبطلاً، وشجاعاً، ومزوَّداً بتقنيةٍ متقدمةٍ مقارنة بمن معه في زمنهم.. ولما يسأله أحد: كيف؟ كان يجيب بالعربية: "إنه الله..". ونتابع ما بقي، وهو أكثر تشويقاً، الإثنين القادم..
إنشرها