Author

أخلاقيات المديرالمعاصر في المنظمات التجارية

|
إن ديننا الحنيف يدعو إلى الأخلاق السامية في حسن التعامل مع الناس كافة، ومع من ولّاهم الله الأمر بشكل أكبر وأشمل، خاصة في المنظمات التجارية والصناعية التي تكثر فيها العمليات والتعامل والمصالح وعديد من احتياجات الناس، التي تستوجب أن يتميز المدير المسؤول بمهارات عديدة منها: الاتصال، الانصات، الاستماع، المتابعة، التوجيه، والتحقق والتبين من المعلومات الواردة من وإلى، نظرا لوجود المصالح بين البشر منها ماهو مشروع ومنها غير ذلك، وهذه القواعد معروفة في العرف الإداري بالمهارات القيادية. إن المدير الممارس في ظل العولمة يجب عليه أن يراعي الله في السر والعلن وأن يحافظ على الامانة الممنوحة له وأن يشكر فضائل الله إذ جعلت له المكانة العالية بأن يكون رئيسا على مجموعة أو مسؤولا عن أفراد أو إدارة أو قطاع أو منظمة يوجد فيها عديد من الموظفين المتميزين منهم والمتقاعسين عن أداء المهام العملية، وخاصة في ظل العولمة وانفتاح الأسواق العالمية والمنافسة الشديدة في معظم القطاعات العملية وحب المال والسيادة والمصالح التي طغت على الأخلاق والحياة المادية الوقتية التي أصبح كثير منهم لايعرف سوى لغة الأرقام ومضايقات الناس وأخذ الحقوق والارتقاء على حساب الآخرين دون معرفة أن الله - جل شأنه - مطلع على خبايا الأمور، وأن مصير كل شيء بيده سبحانه، ونسوا حسن الخلق والمكانة العالية لمن تحلى بها في التعامل الصادق مع نفسه ومع مرؤوسية والناس جميعا، والبعد كل البعد عن المصالح الوقتية التي لاتخدم الإنسان إلا في الوقت القصير ولنا في رسول الهدى الأسوة الحسنة وقد حث ديننا الحنيف على أخذ المراتب والدرجات العلا في الجنان لمن حسن خلقه، وربط رسول الله - صلوات ربي وسلامه عليه - بمنزلة عالية معه لمن حسن خلقه كما قال الله تعالى: (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تعلمون). إن هدف رسالة الرسول الكريم الأخلاق إذ قال (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقد جاء أناس إليه - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله تعالى قال: أحسنهم خلقا وفي رواية: ما خير ما أعطى الله الإنسان قال (حسن الخلق). وكان للسلف رأي في توضيح معنى حسن الخلق فقد قال الحسن: (حسن الخلق هو بسط الوجه ,وبذل الندى وكف الأذى) وهذه هي أخلاق المسلم والتي من المهم أن تنعكس على المدير المسؤول وجميع الموظفين كبيرا كان أو صغيرا. إن الأخلاق أحد معطيات الثقافة العامة للمدير الناجح المثقف والذي بموجبه يستطيع التعامل مع الآخرين من مسؤولين ومرؤوسين بكل اقتدار وحكمة ولا يمكن للمدير أن يكون رفيع الأخلاق مالم يدرك موجزاً عن مبادئ الدين الإسلامي الحنيف لكي يستطيع في المقابل التكيف مع مصالح البشر أجمعين والبعد عن حب الذات، خاصة ونحن في مجتمع يشكل البناء الاجتماعي الإسلامي المعاصر المصدر الأساسي له. إن النظام الأخلاقي في الإسلام يعتمد على جعل الإنسان جزءاً من هذا الوجود فالغاية السامية العظمى من وجود الإنسان في الكون العظيم هي رضا الله وعبادته سبحانه, قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (إن الله لاينظر إلى صوركم ولا إلى ألوانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) وهذا تجسيد العدالة في الإسلام في كل التعاملات بين الرئيس والمرؤوس وإعطاء كل ذي حق حقه فلا يوجد اعتبار في تقويم الموظف للون أو الجنسية أو القرابة او الصداقة أو المصالح الخاصة يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى. إن أكرمكم عند الله أتقاكم). إن مسؤولية المدير القائد هي التركيز علي مراعاة الموظفين وبذل كل ما يمكن بذله لرفعهم وتقديرهم ليصل العطاء والولاء إلى أعلى مستوياته وهذا بالتالي يصب في مصلحة العمل والعاملين وطرق أداء المهام ويعجبني ويشدني قول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، حينما ولي الخلافة بعد رسول الله - صلى الله علية وسلم - حين قال: (إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني، وإن أخطأت فأقيموني، القوي فيكم ضعيف حتى أخذ الحق منه والضعيف فيكم قوي حتى أخذ الحق له) ولا ريب أن عظم الإحساس بالمسؤولية عن كل كبيرة وصغيرة في مجتمع المدير هو مسؤولية عظيمة ولكن من الذي يشعر ويدرك ويبصر عظم الأهداف وسموها. (إن الالتزام من قبل المدير هو أساس النظام الأخلاقي ويعني أن يلتزم مع نفسه والمسؤولين والموظفين في العمل بروح وحب العمل وتحقيق ما تصبو إليه المنظمات والأفراد وأن يكون الصدق في الظاهر والباطن وعدم الازدواجية والمزاجية في التقدير والتقييم، وليعلم المدير العزيز (أن الله تعالى طيب لايقبل إلا طيبا). إن مصادر أخلاقيات المدير الناجح عديدة، ومنها الأسرة وهي التي تنقل السلوك الذي ورثه من أسرته إلى المنظمة التي يعمل فيها, والمصدر الثاني الذات وتعني كثيراً، فإن كان حب الذات لديه عالياً فيعني أنه يرغب في كسب كل شيء لصالحه وهذه عكس النظرية الإدارية والتي مفادها WIN- WIN وهي أنا أربح وأنت تربح لذلك نرى عدم الاتفاق مع الآخرين والمصدرالثالث القيادة فأكثر المديرين يصلحون أن يكونون مديرين ولا يصلح أن يكونوا قوّادًا لذا فنحن في المجتمع العربي بحاجة ماسة إلى قيادات وليس إلى مديرين.
إنشرها