Author

ما مقاس حذائك يا فخامة الرئيس؟

|
في موروثنا الشعبي هناك سنوات تعرف بأحداثها مثل (سنة السّْبِلَةْ), وهي سنة حدثت فيها حرب ضارية، (سنة الرحمة), وهي سنة انتشر فيها مرض قضى على أعداد كبيرة من الناس. وهذه السنة (2008) قد يطلق عليها اسم (سنة الكندرة) أو سنة (القندرة) أو سنة (الجزمة) أو سنة (الجوتي) وجميعها أسماء تطلق على الحذاء، وقد يتم تعريفها بعد قرن من الآن بأنها السنة التي قذف فيها وجه أكبر رئيس دولة في العالم بحذاءين مقاسهما (44)، جميعنا يتذكر ذلك العراقي (رث الثياب), الذي كان يصرخ بأعلى صوته وهو يسحب بإحدى يديه صورة كبيرة الحجم للرئيس العراقي المغدور صدام حسين, وفي اليد الأخرى حذاء في حجم الحذاء الذي رمى به وجه فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش, لقد نقل لنا جميع المحطات الفضائية ذلك المنظر المفرط في الكوميديا السوداء, وهي الكوميديا التي تجعلك تضحك من صميم قلبك, وعيناك تدمعان بحزن على الموقف الذي كان سببا في ضحكك. كان ذلك الرجل (رث الثياب) يضرب وجه صدام حسين وهو يشتم قائده المغدور بسخط وغضب شديدين, وحين رمى (منتظر الزيدي) بحذائه في وجه فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الذي تفاداه (أي الحذاء) ببراعة تفوق براعة عبد الله الدعيع حارس مرمى نادي الهلال, تذكرت ذلك الرجل (رث الثياب) الذي يبدو عليه الفقر المدقع واضحا على لباسه وشكله, وتبدو المشاعر المتناقضة (الفرح والغضب) في نبرات صوته وتقاسيم وجهه, وأعتقد يقيناً أن لا أحد يستطيع أن يجمع بين تناقضات المشاعر الإنسانية كالفرح والغضب والحقد والتسامح في نبرات الصوت وتعابير الوجه كالمواطن العراقي, وأؤكد ذلك بحكم علاقتنا التاريخية بالعراقيين, حتى في الغناء العراقي تجد الشجن في أرقى مستوياته متمثلاً في الموال العراقي حين تسمعه يتملكك شعور بالحزن والفرح في آن واحد, أي أنه يدخلك في عالمه فتتماهى معه. نعود إلى موضوعنا فأقول: حين رمى منتظر الزيدي بحذائه الأول تراءى لي ذلك المنظر المذكور أعلاه, وحين قام برمي الحذاء الثاني تذكرت المشهد الآخر لأحد العراقيين وهو يجري خلف تمثال صدام حسين الذي تم إسقاطه وسحبه على الأرض كان في يد ذلك العراقي حذاء أصغر حجماً ومقاسا من الحذاء الذي قذف في وجه فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش, منظران مختلفان مرّا على خاطري ما دفعني للمقارنة بين ما حدث لفخامة الرئيس المقذوف جورج دبليو بوش وبين ما حدث للرئيس العراقي المغدور صادم حسين فخرجت بالملاحظات التالية: فخامة الرئيس الأمريكي المقذوف جورج دبليو بوش قذف بالحذاءين بسبب منحه الحرية لشعب العراق الطيب ـ على حد زعم فخامته. والرئيس العراقي المغدور صدام حسين ضرب وجهه ورأسه بحذاءين بسبب حجبه الحريات عن شعبه, أي أن المانح للحرية والحاجب للحرية ضربا بالقندرة. فخامة الرئيس الأمريكي (المقذوف) جورج دبليو بوش قُذف بحذاءين مقاسهما واحد (مقاس 44) كما صرح فخامته بذلك وبعضلة لسانه. والرئيس العراقي المغدور صدام حسين ضُرب على وجهه ورأسه بحذاءين مختلفي المقاسات الأول حجمه 2/1 42 والثاني مقاس4/3 22, وهذا يدل على أن فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أرفع مقاما من الرئيس العراقي صدام حسين بنحو سنتيمترين. فخامة الرئيس الأمريكي (المقذوف) جورج دبليو بوش قُذف وجهه بالحذاءين من قبل شخص واحد من خاصة الشعب (القاذف يعمل في السلطة الرابعة) تعبيرا عن سخط وغضب خاصة الشعب على فخامة الرئيس جورج دبليو بوش. والرئيس العراقي (المغدور) صدام حسين ضُرب وجهه ورأسه بحذاءين من شخصين من عامة الشعب تعبيراً عن سخط وغضب عامة الشعب على الرئيس صدام حسين, أي أن كل الشعب العراقي خاصته وعامته غاضب وساخط على الرئيسين الأمريكي والعراقي، (المقذوف) جورج دبليو بوش و(المغدور) صدام حسين. فخامة الرئيس الأمريكي (المقذوف) جورج دبليو بوش قذف وجهه بالحذاءين قبل تركه الحكم بأيام معدودة, أي أنه أول رئيس دولة في العالم يقذف بحذاءين قبل انتهاء ولايته بأيام. والرئيس العراقي (المغدور) صدام حسن ضُرب وجهه ورأسه بحذاءين بعد تركه الحكم بأيام معدودة, أي أنه أول رئيس دولة في العالم يضرب بحذاءين بعد انتهاء حكمه بأيام. فخامة الرئيس الأمريكي (المقذوف) جورج دبليو بوش قذف بحذاءين جديدين ومقاسهما واحد كما أسلفت وبهما (خيوط) أي أربطة حذاء (راجع اللقطة التلفزيونية) ومن صناعة خارجية متواضعة (صناعة تركية), وهذا يدل على تواضع مستوى معيشة راعي القذفة السيد (منتظر الزيدي) كون الحذاءين ليسا صناعة أمريكية فاخرة. والرئيس العراقي (المغدور) صدام حسين ضرب بحذاءين قديمين باليين ومقاسهما مختلف كما أسلفت سابقاً ولا يوجد فيهما خيوط (أي ربطة حذاء) ومن صناعة عراقية 100 في المائة, بدليل حالة وشكل أصحاب الحذاءين الدال على فقرهما المدقع. المفارقة الغريبة أن فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش تخللت حياته حربان (العراق وأفغانستان) وانتهت رئاسته بحذاءين, وكذلك الرئيس العراقي صدام تخللت حياته حربان (إيران والكويت) وانتهت رئاسته بحذاءين. سؤال مهم يتبادر إلى ذهني! إذا كان الحذاء الأول الذي قذفه (منتظر الزيدي) باتجاه جبهة فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش مقصوداً به فخامة الرئيس, فمن يثبت أو يؤكد أن الحذاء الثاني كان يقصد به الرئيس بوش نفسه, ربما كان (منتظر الزيدي) يقصد به شخصاً آخر يقف بجانب الرئيس الأمريكي! لماذا تصر الصحافة العربية والعالمية على أن الحذاءين كانا موجهين إلى وجه بوش, وأمر آخر أستغرب منه جداً هو بعد رمي (منتظر الزيدي) بحذاءيه في وجه فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الذي لم يصيباه, أستغرب أنه لم يخرج أحد على شاشة الفضائيات المعروفة (بخالف تُعرف) مثل منظّري قناة الجزيرة أمثال (قطوان) أو (عطوان) ليصرح بأن (منتظر الزيدي) ما هو إلا عميل لإسرائيل وأمريكا لأنه لم يصب بحذاءيه خشم بوش ويحطمه، وأن فعلته هذه القصد منها إحراج العالمين الإسلامي والعربي لوصمهما بالرجعية والتخلف، وأن الواجب على الأمتين الإسلامية والعربية ألا تصدق أن هذه الألاعيب الصهيونية الأمريكية مثلما صدقوا جريمة هدم برجي التجارة العالمي الذي قامت به إسرائيل وذهب ضحية ذلك ثلاثة آلاف نفس دفعة واحدة, واتهم به أسامة بن لادن المسكين البريء ورفاقه رغم اعتراف بن لادن بجريمته التي أطلق عليها اسم (غزوة مانهاتن الكبرى) ووعد بتكرارها إذا سنحت له الظروف. وأمر ثالث أكثر غرابة: شخص يقوم بحربين مدمرتين لدولتين (أفغانستان والعراق) ويتسبب في العراق وحدها في قتل أكثر من مليون نسمة وتشريد أكثر من خمسة ملايين نسمة ينتهي عهده بحذاءين فقط يرميان في وجهه, وليتهما أصاباه, بينما يعامل رامي الحذاءين كمجرم حرب ليحكم عليه بسبع سنوات سجن وربما أكثر بعد القبض عليه وتحطيم أسنانه ودغدغة عظامه وتكسير أضلاعه! والأغرب من الأغربين السابقين, لماذا تم تقطيع و(تنتيف) الحذاءين أداة الجريمة؟ أنا لا أصدق ما يدعيه المغرضون الكارهون للقيادة الأمريكية أن سبب تقطيع الحذاء هو البحث عن مواد كيماوية تستخدم في أسلحة الدمار الشامل حتى تؤكد أمريكا صحة غزوها للعراق وتدميره. ولا أصدق ما قاله المحبون للأمة العربية إن (تنتيف الحذاء) تمََّ حتى لا يستخدم مرة أخرى وفي وجه رئيس دولة أخرى، لأنه عيب أن يستخدم حذاء لمرتين متتاليتين وفي وجه رئيس آخر, ويجب أن يكون الحذاء الجديد موديل 2009 لأن لكل مسؤول في هذا العالم مقامه ومقاسه, وهذا من أصول الكرم العربي أو الغضب العربي (سيَّان) . لنطلق العنان لخيالنا قليلاً: تخيل لو أن حذاء (منتظر الزيدي) الأول أصاب هدفه، ولطم مناخير فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش لطمة خلطت الماء بالزيت أو الدم بالمخاط, أكيد أن ردود الفعل لدى جميع شعوب العالم ستكون أكثر حدة ووضوحاً، وستقوم المظاهرات الصاخبة, إحداهما مع الحذاء الذي دمَرَّ وجه بوش, والأخرى ضد بوش الذي دمَرَّ وجه العراق. تخيل لو أن الحذاء الثاني أصاب جبهة بوش واقتلع إحدى عينيه أكيد أن رد الفعل لدى صحافتنا العربية المبجلة سيكون في مستوى الحدث وستشترك جميع عناوينها وفي الصفحة الأولى وبالبنط العريض بيت الشعر المشهور: شخص إذا ضرب الحذاء بوجهه صرخ الحذاء بأي ذنب أُضرب مع الاعتذار للشاعر بسبب تصرفنا في بيت الشعر. تخيل لو أن (منتظر الزيدي) قام بفعلته زمن صدام حسين, أي رمى الحذاء في وجه بوش, وبوش واقف بجانب صدام حسين, أعتقد أن (منتظر الزيدي) لن يتمكن من رمي الحذاء الثاني لأن رصاصة أحد حراس صدام حسين ستكون الأسبق, ولو تمكن (منتظر) من رمي الحذاء الثاني وقبض عليه ماذا سيحدث؟ أنا لن أسأل عن مصيره, لأن مصيره ومصير أخويه وأمه وأبيه وقبيلته التي تؤويه وبيت جيرانه والذي يليه, إضافة إلى أصحاب الهواتف التي ستكون في جيبه أو جيب بناته وبنيه، المهم جميع ما ذكر أعلاه نحن نعرف مصيرهم, ولكن نحن فقط نرغب في معرفة مصير أصحاب المحال الموجودة في الحارة التي يقع فيها منزل (منتظر الزيدي), الذين لا صلة لهم بالموضوع لا من بعيد ولا من قريب مثل الخباز وبياع (الباتشة) أي المقادم والخراز وبائع المسكوف والقندرجي ومصلح البسكليتات والدوافير, ما مصيرهم؟ لنختصر ونقول (رحمة الله عليهم جميعاً), وهذا التصرف الذي سيقوم به أعوان صدام حسين يدفعنا إلى التصديق بنظرية وأقوال فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش والذي فيها بأن ما فعله (منتظر الزيدي) ناتج عن تمتع المجتمع العراقي بالحرية رغم ما نال (منتظر الزيدي) من لكمات وصفعات وبكوس وتحطيم لأسنانه وتهشيم لعظامه التي يحملها جسمه العنيد (والله العالم ماذا سيحدث له لاحقاً إذا كان لا يزال على قيد الحياة) . تخيَّل لو أن (منتظر الزيدي) استطاع بعد إطلاق سراحه (إذا أطلق), وكما كان يتمنى في المقابلة التي أجرتها معه إحدى القنوات الفضائية اللبنانية قبل (حادثة الحذاء) أن يصبح رئيساً لوزراء العراق, ماذا سيكون مصير من قاموا بتكفيخه وصفعه وتهشيم عظامه؟ هل سيعفو عنهم ويسامحهم؟ (أنا أشك في ذلك) فـ (بوطبيع ما يخلي طبعه), والسؤال الذي يطرح نفسه (بعد ذهاب صدام حسين كم صدام خلقت أمريكا في داخل العراق؟) . تخيَّل لو أن حذاء (منتظر الزيدي) عُرض للبيع كم سيبلغ سعره, خصوصا بعد أن عرض أحد الأثرياء العرب أكثر من خمسة ملايين دولار ثمنا له, وهذا السعر يفوق السعر الذي دفع لمنديل الزميلة الراحلة أم كلثوم, والسؤال الأهم من المهم كم سيبلغ سعره لو أنه أصاب الهدف؟ هنا السؤال. تخيل لو أن فخامة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بعد غزوه العراق قام بتنفيذ وعوده في إعادة البنية التحتية من كهرباء وماء ومجار وطرق (خسارة الولايات المتحدة بسبب مواصلة أخطائها في العراق تجاوزت 500 مليار دولار) أي أكثر من نصف تريليون دولار, هذا المبلغ لو صرف على الإعمار لأقيم أمام كل سوق شعبية ومدرسة تمثال لبوش ولأصبح عدد تماثيل بوش أضعاف تماثيل صدام حسين ولأطلق على بوش صفة المهيب الركن بوش, والسؤال: لو أن بوش فعل ذلك هل كان سيرمى بالحذاء؟ تخيل ماذا سيحدث للصحافيين مستقبلاً في المؤتمرات الصحافية المقبلة التي ستقام لرؤساء الدول المكروهين في عالمنا العربي, أكيد أن أذهان المخترعين الأمريكيين ستتفتق عن اختراع فريد وعجيب في حجم شريحة الجوال أو الموبايل يلصق في حذاء المشاركين في ذلك المؤتمر, بحيث إن أي شخص يقوم برمي حذائه يعود إليه الحذاء ليرتطم في خشته ولا يعود يعملها مرة ثانية (فاز بها منتظر الزيدي). في الختام يقال إن أحرج سؤال وجه لفخامة الرئيس الأمريكي الجديد (بوحسين) وأقصد به أوباما حسين بعد حادثة حذاء منتظر الزيدي الذي قذفه في وجه فخامة الرئيس (بودبليو) جورج دبليو بوش, الذي طرحه أحد الصحافيين الأمريكان من أصول عراقية كان: ما مقاس جوتيك يا فخامة الرئيس؟
إنشرها