Author

من أمل المستقبل .. هيئة الغذاء والدواء

|
إن ما يعانيه المواطن والمقيم من نقص في جودة الغذاء وتوافر أنواع الدواء يرجع إلى عدم قدرة الجهات الرقابية في وزارة التجارة (سابقا) ووزارة الصحة والأمانات، القيام بمسؤولياتهم كاملة. ولقد أدركت الدولة ذلك وقامت اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري باقتراح إنشاء هيئة للرقابة للغذاء والدواء، وصدر نظام الهيئة بقرار مجلس الوزراء رقم (31) وتاريخ 24/1/1428هـ معلنا بداية عصر جديد لهيئة فتية مسؤولة عن سلامة الغذاء والدواء والأجهزة الطبية في المملكة. وترتبط الهيئة مباشرة برئيس مجلس الوزراء وعين ولي العهد رئيسا لمجلس إدارة الهيئة، مما أعطاها دعما فعليا لتأسيسها على أسس حديثة لتواكب تطلع المواطن إلى مستقبل أفضل في مادتين أساسيتين في حياته. إن من مسؤوليات الهيئة ضمان سلامة الغذاء الذي نفتقده والدواء للإنسان والحيوان وسلامة المستحضرات الحيوية والكيميائية وسلامة الأجهزة الطبية ودقتها، وكذلك سلامة المنتجات الإلكترونية من التأثير في الصحة العامة، وكذلك القيام بالتنظيم والمراقبة والإشراف على ذلك، ووضع المواصفات القياسية الإلزامية لها سواء كانت مستوردة أو مصنعة محليا أو معروضة للبيع أو الاستخدام، ويقع على عاتقها مراقبتها وفحصها في مختبراتها أو مختبرات الجهات الأخرى بما فيها المختبرات الخاصة المرخصة لذلك، وعليها أيضا توعية المستهلك. ومن مسؤولياتها وضع الأسس السليمة للتصنيع الغذائي والاشتراطات الصحية الواجب توافرها في المرافق والمصانع والعاملين فيها مثل مصانع المياه والأدوية والأجهزة الطبية ومستلزماتها ومصانع المبيدات. ولا مجال لذكر جميع مهمات الهيئة، ولكنها مسؤوليات عديدة وتحتاج إلى فترة زمنية لتحققها. ولقد نصت المادة الـ 20 من نظامها أن تنقل جميع المهمات التنظيمية والتنفيذية والرقابية وغير ذلك من المسؤوليات الخاصة بسلامة الغذاء والدواء للإنسان والحيوان، وسلامة المستحضرات الحيوية والصحية والنباتات الطبية، ومستحضرات التجميل والمبيدات وسلامة المنتجات الإلكترونية، ودقة معايير الأجهزة الطبية والتشخيصية وسلامتها، وغيرها من الأمور التي تدخل ضمن مهمات الهيئة التي تضطلع بها الجهات الحكومية الأخرى. وحيث إن هذه مهمات عديدة لذلك حددت المادة الحادية والعشرون أن يحدد مجلس إدارة الهيئة مراحل نقل المهمات المذكورة في المادة السابقة إليها. كما سمح لها النظام بالاستعانة بجهات حكومية أو خاصة لأداء مهامها، لذلك ستتقدم الهيئة في تنفيذ مهامها حسب قدراتها من بنية أساسية وموارد بشرية. لا شك أن المرحلة الأولى مهمة في تاريخ الهيئة، وبما أنني لا أتعامل مع تجارة أو تصنيع الأغذية أو الدواء أو الأجهزة الطبية، إلا أنني مهتم جدا، مثل غيري من المواطنين، بمتابعة نشاط هذه الهيئة ونجاحها. ولقد حضرت بعض ورش عملها في الرياض وجدة مع الغرفة التجارية وذلك تمشيا مع سياستها للتواصل حول تطوير أعمال الهيئة. وكما يقول المثل ليالي العيد تبان من عصاريها، فمن قابلنا من خبراء الهيئة، يجعل كل مواطن يثق ويفتخر بالنوعية الوطنية الموجودة فيها، وأقترح على الهيئة أن تنقل ما لديها في برنامج على التلفزيون السعودي، ليطمئن كل مواطن على غذائه وصحته ولو بعد حين، لذلك رأيت أن هذه الهيئة هي من أمل المستقبل، أملنا في الحصول على الغذاء السليم. حيث لا تستطيع الهيئة أن تغطي جميع مسؤولياتها في وقت واحد، لذلك اختارت شعار "بالأهم نهتم"، وهذا الشعار سيعطيها التحكم التدريجي بتدرج قدراتها وأجهزتها الفنية وكوادرها البشرية. إن دعم ولي العهد ووزير المالية، سيكون سببا أساسيا في نجاح وتميز الهيئة، وسررت بتخصيص مبلغ 396 مليون ريال للهيئة في موازنة عام 1430هـ، وهذا ضعف ميزانية العام السابق، وتحتاج الهيئة لهذا الدعم وأكثر منه في السنوات المقبلة، إذا أردنا منها أن تحقق أهدافها. ولقد بدأنا نلمس بعض أعمال الهيئة مثل كشفها عن الحليب الصيني الملوث وكذلك الشامبو الملوث، ولقد سحبت الهيئة عينات لعدد 84 نوعا من الشامبو من الأسواق لتحليلها داخل المملكة وخارجها، حيث أكدت الاختبارات تلوث ثمانية أنواع من الشامبو بمادة الديوكسان المسرطنة. كما حذرت الهيئة من بعض أنواع معجون الأسنان وألعاب الأطفال وبعض مستحضرات تبييض البشرة التي تحتوي على "الزئبق" وعلى علامتين تجاريتين لحلمات الرضاعات واسعة الانتشار التي تسبب أضرارا صحية للرضع، وكشفت عن 45 مستحضرا عشبيا تحتوى على مواد مضرة بالصحة وقد تؤدي للتسمم وذات ادعاءات مضللة. إن ما يهمنا هو نقل المهام المختلفة تدريجيا من الجهات الحكومية المعنية إلى الهيئة، على أن يكون هناك زمن محدد لكل مرحلة حسب قدرات الهيئة، وألا تسبب الجهات الأخرى أي تأخير لأعمال الهيئة. كما أن عليها التعاون فورا مع الهيئة في سحب وإتلاف أي منتج ضار وإعلام المنافذ الجمركية بعدم الفسح. كما يهمنا أن يكون للهيئة الخيار في بناء بنية خاصة بها وعدم تحميلها ما لدى الجهات السابقة من مبان وأجهزة فنية وموظفين برواتب عالية لأقدميتهم رغم أن كفاءاتهم لا تتناسب مع متطلبات الهيئة الفنية. كما ينبغي أن تسارع الجهات المعنية في اعتماد كادر وظيفي وسلم رواتب ومكافآت بعيدا عن سلم وزارة الخدمة المدنية، هذا إذا أردنا للهيئة أن تحتفظ وتجذب نوعية منتجة من الموظفين القادرين على القيام بمتطلبات المراحل المقبلة وكذلك تجنب تسرب خبرائها إلى الدول المجاورة أو القطاع الخاص. ونتطلع إلى أن تسارع الهيئة في حث القطاع الخاص على إنشاء مختبرات خاصة نوعية تتعاون مع الهيئة في إكمال رسالتها دون الاعتماد على مختبراتها فقط والمختبرات الدولية. إن هيئة الغذاء والدواء أعطتنا أملا في أن نرتقي في جودة الغذاء والدواء للمواطن والمقيم، ومسؤولياتها كبيرة ونتمنى أن يستمر دعم الدولة المادي لها مع إزالة أي معوقات تقابلها من جهات حكومية أخرى، وإن غدا لناظره قريب.
إنشرها