31 مليار دولار تتبخر في 2008 بعد تصريحات عثماني والأزمة المالية

31 مليار دولار تتبخر في 2008 بعد تصريحات عثماني والأزمة المالية

فقدت سوق الصكوك العالمية ما يصل إلى نحو 31 مليار دولار كمبيعات كان منتظر تحققها لولا أزمة الائتمان العالمية، والجدل الشرعي الذي أحدثته تصريحات محمد تقي عثماني، رئيس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة، الذي صرح أن نحو 85 في المائة من الصكوك الصادرة كانت غير ملتزمة بالأحكام الشرعية بسبب وجود اتفاقيات إعادة الشراء. فقد تراجعت عمليات إصدار السندات الإسلامية الجديدة خلال عام 2008 بنسبة 56 في المائة لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات، مع انخفاض سوقها الرئيسة في الخليج وماليزيا، وفقاً لما أفادت به هيئة تعمل في هذه الصناعة، الأمر الذي يلقي بظلال من الشك على مرونة هذا القطاع في مواجهة الانكماش العالمي. ووصلت مبيعات السندات الإسلامية إلى درجة الجفاف تقريباً في الأشهر الأخيرة لأن تراجع آفاق الاقتصاد العالمي يدفع البنوك إلى إغلاق باب الإقراض ويدفع المستهلكين إلى شد أحزمتهم. فقد بلغ إجمالي مبيعات السندات الإسلامية الجديدة 15.77 مليار دولار في العام الماضي مقابل 46.65 مليار في عام 2007، وفقاً لما أفادت به خدمة معلومات التمويل الإسلامي التي تتابع البيانات الخاصة بصناعة التمويل الإسلامي IFIS. وقالت خدمة معلومات التمويل الإسلامي في بيان لها إن إجمالي إصدارات الصكوك في العام الماضي كان هو الأدنى منذ تسجيل مبلغ 10.76 مليار دولار في عام 2005. وقد بلغت القيمة الإجمالية لمبيعات الصكوك التي أصدرتها الشركات في العام الماضي 9.72 مليار دولار أو ما يعادل 62 في المائة من إجمالي مبيعات الصكوك، كما قالت الخدمة المذكورة. وقد بلغ إجمالي إصدارات الصكوك شبه السيادية 3.83 مليار دولار والإصدارات السيادية 2.23 مليار دولار. وأضافت خدمة معلومات التمويل الإسلامي أن ماليزيا التي تعد واحدة من أكبر أسواق السندات الإسلامية في العالم شهدت إصدار سندات بقيمة 5.86 مليار دولار في العام الماضي، مقارنة مع 26.53 مليار دولار في عام 2007. يذكر أن الصكوك مصممة على نحو يجعلها تلتزم بالأحكام الشرعية القاضية بتحريم التعامل في الربا. وبدلاً من أن تأتي العوائد من الفائدة، فإنها تأتي من الموجودات المادية التي تقوم عليها التعاملات، مثل العقار. وهناك قضية أكبر حتى من ذلك تتعلق بالتنوع، وهي تنشأ من التنوع الضعيف للموجودات، وذلك بالنظر إلى النطاق الضيق لأنواع التعاملات، وطول مدة سريان الصكوك في السوق الحالية. فالصكوك المتوافرة حالياً لها تواريخ استحقاق تقع في ثلاث وخمس وعشر سنوات، ولكن لا توجد هناك سندات قصيرة الأجل، وهذا من شأنه أن يقيد إلى حد كبير استخدام هذه الصكوك في أسواق المال. ورغم أن البنوك الإسلامية تعد في الوقت الحاضر من أكبر المؤسسات المشترية للمنتجات الإسلامية (ذات الآجال الطويلة)، إلا أنها يمكن أن تنتفع إلى أكبر حد ممكن من الصكوك قصيرة الأجل. وهنا يقول لـ "الاقتصادية" أندرياس جوبست، الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي: "في الوقت نفسه يظل القسم الأكبر من الأسواق الرأسمالية الإسلامية مجموعة من الشركات المحلية المتناثرة هنا وهناك على مساحة واسعة ولكن ذات تنسيق ضعيف فيما بينها، وتابع :"فضلاً عن ذلك، كثير من الصكوك مركزة بصورة مكثفة في صناعات مفردة، مثل العقارات والبنية التحتية، وهذا من شأنه إعاقة التنوع في المحافظ الاستثمارية للمستثمرين المسلمين (بخلاف المستثمرين الغربيين، الذين يستطيعون اللجوء إلى المنتجات الاستثمارية التقليدية للتعويض عن هذا النقص)". وبحسب صندوق النقد الدولي فهناك بعض الأمل في أن إطلاق صناديق صكوك مختلفة في المستقبل القريب ينطوي عليها إمكانية فتح مغاليق السيولة، ولكن ربما يعمل هذا فقط على خلق طلب جديد دون التخفيف بشكل كاف من القيود على العرض. كذلك من الصعب في الوقت الحاضر إنشاء صناديق للصكوك تكون على قدر كاف من التنوع، بحسب ما يراه جوبست. ويعتبر بعض المسؤولين عن هذه الصناعة أن نظام التمويل الإسلامي ملاذ آمن وسط التباطؤ الاقتصادي الآخذ بالتعمق، حيث يقولون إن المبادئ التي تقوم على التحفظ والحذر في هذا القطاع من شأنها أن تحمي المستثمرين من أسوأ تداعيات هذا التباطؤ. وتوقع بنك بي إن بي باريبا BNP Paribas الفرنسي أن ينتعش إصدار الصكوك في هذا العام ويمكن أن يتجاوز مستويات عام 2007 بعد تراجعه في عام 2008.
إنشرها

أضف تعليق