Author

انتخابات لجنة المحامين في الغرفة التجارية في الرياض وهموم المحامي وحقوقه

|
ستجرى انتخابات لجنة المحامين في الغرفة التجارية في الرياض في الأسبوع المقبل لاختيار أعضائها، وهذا يتطلب من كل محام من المُرشحين لعضويتها أن يتقدم ببرنامج انتخابي موجز يُعبر فيه عما سيقوم به خلال الدورة المقبلة من أعمال لتحقيق مصلحة مهنة المحاماة ومصالح زملائه المحامين. والحقيقة أن هناك عديدا من المواضيع التي من المتوقع أن يطرحها المرشحون، والتي تشكل هموماً مشتركة لجميع المحامين في المملكة، يأتي على رأسها المطالبة بتعديل لائحة نظام المحاماة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/38) وتاريخ 28/7/1422هـ، حيث كان لبعض الكتاب من المحامين وغيرهم مرئيات خاصة على بعض نصوصها؛ إذ رأى فريق منهم أن النظام يميل إلى تغليب الجانب الجزائي والتأديبي للمحامي على جانب رعاية حقوقه ومصالحه، وأنه لم يتناول عديدا من الحقوق الأساسية للمحامي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مسألة حصانة المحامي ضد الإجراءات التي يُمكن أن تتخذ ضده من قبل سلطات الضبط والتحقيق، ومنها مسألة تدرج المحامين من محام تحت التمرين إلى محام أمام محاكم الدرجة الأولى، إلى محام أمام المحاكم العامة ثم أمام محكمة التمييز والمحكمة العليا، وهناك أيضاً مسألة تدريب المحامين الجدد من خلال تنظيم جماعي تقوم به لجنة المحامين ويُسهم فيه ويشرف عليه المحامون أصحاب مكاتب المحاماة. أرى أن علاقة المحامي بغيره أثناء ممارسته مهنته تتطلب تنظيماً واضحاً؛ فعلاقته بموكله من ناحية، وعلاقته بالسلطات الأمنية المُمثلة بأجهزة الشرطة، وعلاقته بأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام أثناء حضور التحقيق مع موكله المتهم، وعلاقته بأصحاب الفضيلة القضاة أثناء حضور جلسات المحاكمة والترافع، وعلاقته المباشرة واليومية بمختلف الأجهزة والجهات الحكومية، كل ذلك لا يجوز أن يترك للاجتهاد الشخصي وللعلاقات الشخصية؛ إذ إنه من المفترض أن تكون هناك علاقة تعاون وتكامل بينه وبين تلك الجهات, فهو يسعى إلى تحقيق العدالة بإيضاح بعض الملابسات التي تحيط بالقضية وتسهيل مباشرة إجراءات الدعوى. والحقيقة إنه إذا كانت هذه بعض هموم المحامي، إلا أنه من المعلوم أن نظام المحاماة السعودي يُقرر له عدد من الحقوق بشكل واضح ومفصل في الباب الثاني بعنوان "واجبات المحامين وحقوقهم" (المواد من 11 ـ 28 )، منها حقه في أن يحمل لقب المحامي متى توافرت فيه الشروط النظامية, وحقه في إعادة القيد في حال شطبه, وحقه في التمتع بالحصانة المهنية, وفي إبداء المشورة في المسائل القانونية؛ وهناك حقوق تتعلق بالوكالة وتمثيل الخصوم في الدعوى, وتشمل الحق في قبول أو عدم قبول الوكالة في الدعوى, والحق في التنحي عنها, والحق في الحضور عن زوجته وأصهاره, والحق في إنابة أحد زملائه في الحضور بدلاً عنه؛ ومنها ما يتعلق بحقه في الدفاع عن موكله وهي الحق في اختيار الطريقة المناسبة للدفاع عن موكله, وفي الإطلاع على أوراق ومستندات الدعوى, وفي حضور إجراءات التحقيق, وجلسات المرافعة أمام القضاء, والحق في زيارة موكله الموقوف، وأخيراً هناك حقوق للمحامي ذات صلة بتقاضيه أتعابه عما بذله من جهد في الدعوى, وهي حقه في تقاضي الأتعاب المتفق عليها بينه وبين موكله, وحقه في حبس الأوراق والمستندات التي بعهدته لحين استيفاء أتعابه. وعلى الرغم من تقرير تلك الحقوق إلا أن اللائحة التنفيذية للنظام قيدتها بقيود تحد من نطاقها، منها على سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بحصانة المحامي أثناء مباشرته مهنته، إذ منحه النظام حصانة مهنية أثناء مزاولته لعمله لكي يباشر عمله بكل حرية ودون تردد أو خوف، فقررت له المادة (13) الحق في "أن يسلك الطريق التي يراها ناجحة في الدفاع عن موكله، ولا تجوز مساءلته عما يورده في مرافعته كتابياً أو مشافهة مما يستلزمه حق الدفاع". ولكن اللائحة لم تترك عدم المساءلة على إطلاقها وإنما قيدتها بقيود معينة نصت عليها الفقرة (4) إذ أجازت رفع الدعوى الخاصة أو العامة على المحامي، فتتم مؤاخذته إذا تعرض للأمور الشخصية الخاصة بخصم موكله، أو محاميه، وما يصدر منه من سب أو شتم يمس الشرف والكرامة. ومنها ما ورد بالمادة (11/2) التي أقرت للمحامي الموكل بدعوى الحق في إنابة أحد زملائه عنه، ولكنها وضعت قيوداً على هذا الحق، إذ اشترطت أن يذكر ذلك بصك الوكالة صراحة، وأن يكون التوكيل الثاني بموجب صك من الجهة المختصة. ثم أقر النظام للمحامي الحق في متابعة إجراءات التحقيق، وذلك لما فيه من دعم لمعنويات المتهم والتحقيق من ردعه، و توجيه المحقق نحو سلوك الطريق الصحيح في التحقيق، ولكفالة هذا الحق فقد ألزم الجهات ذات الصلة (المحاكم وديوان المظالم واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها، والدوائر الرسمية، وسلطات التحقيق) أن تقدم للمحامي التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه، كما سمح له بالاطلاع على الأوراق الخاصة بالدعوى الموكل فيها وحضور التحقيق، ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ مشروع. ولكن المادة (19/1) من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة قيدت هذا الحق بعدد من القيود تتمثل في: ضرورة تقديم طلب من المحامي بذلك، وأن يقتصر الاطلاع على الأوراق الخاصة بالقضية التي وكل فيها دون غيرها، وأن يتم الاطلاع على الأوراق في المكتب التي هي موجودة فيه، وبإشراف المسؤول عنها، وألا يتم تمكين المحامي من تصوير الأوراق، بل يسمح له فقط بكتابة ما يشاء بخط اليد، وأن يوقع المحامي بالاطلاع بإقرار خطي منه . والحقيقة إن هذه القيود ـ كما يرى فريق من المحامين ـ تحد من فعالية هذا الحق وتقلل من قيمته، خاصة أن اللائحة منعت المحامي من تصوير أوراق التحقيق، وفي هذا تضييق عليه في دراسة جوانب التحقيق للتوصل إلى أوجه الدفاع عن موكله، لذا فإنني أرى أن القيود التي أوردتها اللائحة التنفيذية تؤثر بشكل سلبي في حق المحامي في الاطلاع على أوراق التحقيق، كما تؤثر سلباً في حق المتهم في الدفاع وهو من أهم الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية وكفلها نظام الإجراءات الجزائية.
إنشرها