تحدي الاقتصاد السعودي هذا العام: تنفيذ مشاريع الميزانية دون التسبّب في رفع التضخم

تحدي الاقتصاد السعودي هذا العام: تنفيذ مشاريع الميزانية دون التسبّب في رفع التضخم

تحدي الاقتصاد السعودي هذا العام: تنفيذ مشاريع الميزانية دون التسبّب في رفع التضخم

تحدي الاقتصاد السعودي هذا العام: تنفيذ مشاريع الميزانية دون التسبّب في رفع التضخم

تحدي الاقتصاد السعودي هذا العام: تنفيذ مشاريع الميزانية دون التسبّب في رفع التضخم

اعتبر محمد أبا الخيل وزير المالية السعودي الأسبق, أن التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد الوطني هذا العام 2009، هو إدارة تنفيذ المشاريع والبرامج التي تضمنتها الميزانية العامة للدولة دون التسبب في رفع نسبة التضخم الذي تراجع متأثرا بالأزمة العالمية. والمعلوم أن ميزانية السعودية للعام الجاري قدرت الإنفاق عند 475 مليار ريال، فيما وضعت الإيرادات عند 410 مليارات ريال، أي بعجز تقديري 65 مليار ريال، ولا يعلن عادة سعر النفط الذي بُنيت عليه الميزانية، لكن معظم التحليلات التي صدرت عقب الميزانية قدرت سعر النفط الذي تتوقعه الرياض عند 40 دولارا للبرميل. "الاقتصادية" أجرت حوارا (مقتضبا) مع الشيخ أبا الخيل لإصدار (الاقتصاد العالمي 2009)، حول توقعاته للاقتصاد الوطني خلال هذا العام، وتقديراته حول استمرار الأزمة المالية العالمية في إلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي. وفي حين يستند أبا الخيل إلى بيانات البنوك المحلية وتقديراته الاقتصادية في أن البنوك السعودية ليست منكشفة إلى درجة مقلقة على الرهون الأمريكية (وهي نقطة انطلاق الأزمة العالمية)، يميل إلى أن تداعيات الأزمة ستطول القطاع المالي السعودي, وتحديدا من نافذة التمويل. ويقول في هذا الجانب: الشركات الأجنبية التي كانت تخطط للاستثمار عن طريق الاشتراك في مقاولات مشاريع إنشائية أو الاستثمار في مشاريع استثمارية أخرى مثل البتروكيماويات فإنها إما توقفت وإما أجلت مشاريعها لأن الحصول على التمويل اللازم في بلدانها الخارجية أصبح صعباً". ويشير أبا الخيل إلى جانب مهم في القطاع المصرفي السعودي وهو حاجة البنوك السعودية إلى تأسيس قاعدة رأسمالية تمكنها من التمويل للمشاريع الكبيرة، وهو يعني الحاجة إلى زيادة رساميلها، لكنه يلفت في الوقت ذاته النظر إلى جانب مهم، وهو أن البنوك الأجنبية الشريكة في المصارف المحلية ربما لا تستطيع المشاركة في زيادة رأس- المال في حال إقراره - بالنظر إلى الظروف الصعبة التي تواجهها البنوك الأجنبية في هذه المرحلة. إلى تفاصيل الحوار الذي تركز على الأزمة المالية العالمية وتوقعات الضيف للاقتصاد السعودي هذا العام. ما السبب الرئيس في حدوث الأزمة المالية العالمية وتفاقمها على مستوى العالم من وجهة نظركم؟ كتب كثير من الأخبار والتحليلات عن أسباب هذه الأزمة ومداها بشكل جعل الأمر واضحاً في جميع أنحاء العالم, وخلاصته أن الأزمة نشأت من التوسع غير العقلاني من قبل المؤسسات المالية بما في ذلك شركات الإقراض العقاري في الولايات المتحدة في منح القروض العقارية والاستثمار في إصدار السندات القائمة عليها والمشتقة منها والاقتراض بقدر مبالغ فيه من أجل الاستثمار في هذه السندات وما يتصل بها. وعندما بدأ التخلف عن السداد نتيجة الإسراف في منح قروض ضعيفة بدأت السندات التي بنيت عليها تنهار، وقد أدى ذلك إلى تحقق خسائر أدت إلى أضعاف ملاءة هذه المؤسسات البنكية وشح في السيولة لديها فتوقفت عن الإقراض والاستثمار في مجالات أخرى، كما انخفض الإقراض بين البنوك وهو مصدر رئيسي للسيولة في البنوك، وقد شمل هذا التوقف بنوكاً داخل الولايات المتحدة وخارجها، بما في ذلك الدول النامية فتأثرت هي الأخرى في عملياتها داخل بلدانها كما تأثرت حركة التجارة العالمية التي تعتمد على التمويل البنكي وهكذا اتسعت الكارثة. مجمل التحليلات يتفق على أن ضعف الرقابة في الأسواق الأمريكية قاد إلى هذه الأزمة.. هل تتفقون مع تلك التوقعات؟ من المؤسف أن أجهزة الرقابة في الولايات المتحدة بشكل رئيس وإنجلترا ودول أخرى لم تتدخل في الوقت المناسب قبل حصول الأزمة. وكذلك القادة السياسيون وجدوا في توسع القروض السكنية وحصول أعداد كبيرة من مواطنيهم على مساكن خاصة بهم بمثابة نجاح سياسي يعزى لهم ويعزز مكانتهم كما لم يتحرك رؤساء البنوك المركزية وأجهزة الرقابة ربما بالسبب نفسه، أما كبار رجال البنوك فقد كان إغراء الأرباح التي يعلنونها كل ربع سنة والمكافآت التي يحصلون عليها أقوى من اعتبارات المخاطر. وقد ظهرت في سبيل تبرير ذلك آراء تقول إن نظام السوق الحر يمكنه أن يتوسع دون خوف لأنه ينطوي على قابلية تصحيح نفسه بنفسه وأن المخاطر ستتوقف عندما تصل إلى حدها المقبول ولكن ذلك لم يحصل. وهناك ملاحظة جانبية قد يكون تأثيرها غير مباشر, فقد كان الأمريكيون مزهوين أكثر من اللازم بانهيار أفكار الاقتصاد الموجه بكافة درجاته وربما أدى ذلك إلى جعلهم يعدون اندفاع تطبيقات اقتصاد السوق باعتباره مثلاً عملياً لنجاحه وتفوقه. #2# هل ترون أن ثمة تأثيرات جلية قد تطول القطاع المالي السعودي بسبب الأزمة؟ لم أسمع أن البنوك السعودية قد تأثرت تأثراً ملحوظاً بما حصل ربما لأن القروض العقارية الأمريكية محل المشكلة وما صدر عليها من منتجات استثمارية كانت معقدة وتحتاج إلى تواجد في الأسواق نفسها ومعرفة بأساليب المتاجرة فيها بحيث لا تستطيع البنوك المحلية وما يماثلها الدخول في غمارها، كما أن لدى البنوك السعودية أعمالاً كافية وربما فائضة عن إمكانيتها تغنيها عن أخذ مجازفات خارجية. لكن ماذا إذا كانت هناك استثمارات للبنوك السعودية في الرهون الأمريكية؟ إذا وجد شيء من هذه الاستثمارات لدى بنوكنا الوطنية فسيكون محدوداً أو غير مباشر مما يسهل معه على البنوك تغطيته ضمن ما تقوم به البنوك في العادة من تغطية ديونها المشكوك فيها أو المتوقفة لأي سبب، وقد ظهرت التقارير ربع السنوية في هذه السنة وهي تدل على ذلك. لكن من جهة أخرى فإن تأثر التعاملات الائتمانية التي كانت بين البنوك المحلية والبنوك الأجنبية (بسبب الأزمة) أدى إلى انخفاض السيولة في العملات الأجنبية الرئيسية وقد عوضت ذلك مؤسسة النقد، كما أعلن في وقته بتمويلات حسنت, السيولة, وفي الوقت الحاضر فإن وضعهم أصبح طبيعياً وعادت تكلفة الإقراض فيما بين البنوك إلى وضعها الطبيعي. #3# بشكل أكثر دقة.. ماذا عن القطاع المالي وتحديدا جانب التمويل في المملكة في ظل تداعيات الأزمة العالمية؟ فيما يتعلق بالقطاع المالي السعودي كما جاء في سؤالكم فإن الشركات الأجنبية التي كانت تخطط للاستثمار عن طريق الاشتراك في مقاولات مشاريع إنشائية أو الاستثمار في مشاريع استثمارية أخرى مثل البتروكيماويات فإنها إما توقفت وإما أجلت مشاريعها لأن الحصول على التمويل اللازم في بلدانها الخارجية أصبح صعباً, ولكني لا أعتقد أن ذلك سيكون نهائياً أو يستغرق وقتاً طويلاً للعودة للوضع الطبيعي لأن مشكلة السيولة في بنوك الدول الغربية الكبرى بدأت في الانحسار نتيجة الدعم الحكومي. هل ترون أن زيادة رساميل البنوك السعودية في الفترة الأخيرة وبالتالي رفع ملاءتها المالية، ستجنبها التأثيرات المحتملة لتداعيات الأزمة العالمية ونقص السيولة في العالم؟ سبق أن كتبت في جريدتكم عن هذا الموضوع ولدي قناعة تامة بأن رؤوس أموال بنوكنا الوطنية أقل مما يلزم للفرص الكثيرة التي تتوافر في السوقين المحلية والإقليمية نتيجة لبرامج التنمية الواسعة التي تنفذ حالياً، والتي تحتاج إلى قاعدة رأسمالية لدى البنوك تمكنها من تقديم القروض الضخمة التي يتطلبها تنفيذ المشاريع العامة والخاصة وقد سمعت أن بعض البنوك قد توقفت عن الاشتراك في تقديم بعض القروض الكبيرة لأنها استنفدت إمكاناتها الرأسمالية. هناك جانب فرعي أود أن أضيفه إلى ما كتبت في السابق وهو أنه قد تجد البنوك الأجنبية المشاركة في بنوكنا الوطنية صعوبة في توفير حصتها في زيادة رأس المال إذا ما تقررت حسب نسبة مساهمتها نتيجة ظروفها الصعبة الحالية ولكن هذه مشكلة قد تكون مؤقتة وقد يمكن إيجاد حلول مناسبة لها. والخلاصة أن الأزمة المالية التي حصلت في أمريكا وأوروبا أخيرا تشير بقوة إلى أهمية القاعدة الرأسمالية للبنوك وعلينا أن نعتبر منها. #4# جانب رئيس في القطاع المالي.. وهو سوق الأسهم، ما تفسيركم لما تعيشه الآن من عدم استقرار؟ الركود الحالي في سوق الأسهم السعودية لا أدري إذا كان مجرد تأثر غير مباشر بالمشكلة المالية العالمية أم مجرد دورة من دورات المضاربة المعتادة. لكن كيف يمكن لسوق الأسهم أن تستند إلى معطيات الاقتصاد المحلي (على سبيل المثال الاستمرار في رفع الإنفاق الحكومي عام 2009) وتجنب التأثيرات السلبية للاقتصاد العالمي؟ المهم أن يحكم المستثمرون في سوق الأسهم على قيمة الأسهم من خلال نتائج أعمال الشركات التي لها أسهم متداولة في السوق, أما إذا كان التداول يتم على أسس مضاربية قصيرة الأمد فإن مستوى الإنفاق الحكومي لا يؤثر. وكما نرى فإن الانخفاض غير المبرر لبعض الأسهم أدى إلى التأثير سلباً في اتجاه بعض الشركات لتوسعة عملياتها عن طريق زيادة رأسمالها بإصدار أسهم جديدة أو تحويل شركات أخرى لتكون شركات مساهمة والتوسع تبعاً لذلك. ما أبرز التحديات التي تعتقدون أنها ستواجه الاقتصاد السعودي بشكل عام, والقطاع المالي على وجه التحديد عام 2009م؟ بالنسبة للعام الجديد 2009م فإن التحدي الرئيسي الذي يستحق الأولوية هو تخفيض عدد العمال الضيوف لترتفع نسبة المواطنين الذين يمكنهم الاستفادة من برنامج الإنفاق الحكومي الضخم فالإنفاق العام لا يصل للقطاع الأكبر من الناس إلا إذا وفر فرص عمل وربح للمواطنين. وهناك تحد آخر في السنة الجديدة هو إدارة تنفيذ المشاريع والبرامج التي تضمنتها الميزانية دون التسبب في رفع نسبة التضخم الذي انخفض نتيجة الأزمة العالمية ولكن من الصعب التكهن بما سيحصل.
إنشرها

أضف تعليق