Author

المزيد من الأحكام العقارية من المدونة " منع التعرض للحيازة "

|
من الأحكام الواردة في نظام المرافعات الشرعية ما يتعلق بالقواعد المتعلقة بطلب منع التعرض للحيازات وطلب استردادها, وفي الحقيقة إنها من أهم الإضافات الواردة في النظام, لما تتضمنه من تحقيق للعدالة بين الطرفين وحفظ للمراكز القانونية لكليهما , كما أنها تكرس مبدأ الشرعية وضرورة اللجوء إلى القضاء, ومنع أخذ الحقوق إلا بموجب شرعي أو نظامي من خلال الجهات المعنية, والمحكمة في هذه الدعاوى- وتنظر وفق القضاء المستعجل- لا تنظر في أصل الحق وإنما تنظر فقط فيما يطالب به المدعى من منع التعرض للحيازة أو استردادها . ومن التطبيقات على هذا: الحكم رقم 35 وتاريخ 7/7/1423هـ والصادر من المحكمة العامة بيعرى – في عسير -, والمصدق من محكمة التمييز بالقرار رقم 940/3/1 وتاريخ 4/9/1423هـ,( مدونة الأحكام القضائية الصادرة عن وزارة العدل الإصدار الثالث صـ215 ), حيث ورد في دعوى المدعي أنه قد وضع يده على أرض وقام بتحجيرها, وأن المدعى عليه قام بمنعه من العمل في أرضه, وأنه ألحق به الضرر وطلب الحكم عليه بعدم التعرض, وقد أقر المدعى عليه بقيامه بمنع المدعي من الأرض بدعوى وجود أرضه بقربها, ولم يبين للقاضي ما يوجب المنع, ثم إن القاضي وقف على موضع النزاع , وأصدر حكمه بإلزام المدعى عليه بعدم التعرض للمدعي في تصرفه في الأرض , كما حكم بتعزير المدعى عليه بالسجن 15 يوما والجلد 39 جلدة بعد صلاة الجمعة أمام الجامع , وقد سبب لحكمه بعدد من الأسباب, ومنها: أنه لا وجه للمدعى عليه بمنع المدعي من التصرف, كما أنه سبب بمحضر معاينته للأرض والتي ظهر منها عدم صحة ما يدعيه المدعى عليه من أن له أرضا بقرب أرض المدعي كونها سلسلة جبلية على طبيعتها, كما استدل بحديث: "مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته ", وعلل بأن ما حصل من المدعى عليه من اعتداء وتجاوز أشد من مجرد المطل , وسبب كذلك: بكثرة هذه الظاهرة في تلك المنطقة , كما استند إلى أن التعليمات تجيز للقاضي إذا ظهر له في الحق الخاص أن أحد الخصمين أو كليهما يستحق التعزير فإنه يعزره ولا حاجة لدعوى المدعي العام. وتعليقا على هذا الحكم أشير إلى ما يلي : فصل القاضي في القضية ومنع المدعى عليه من التعرض لحيازة المدعي مع أن المدعي لا يملك صكا على ملكه وإنما فقط وضع يده وبدأ بإحياء الأرض, ومن هذا يظهر أنه لا يلزم أن يكون طالب منع التعرض مالكا, فالمقصود هو إنهاء النزاع بين الطرفين, ثم إن القاضي ختم حكمه ببيان أن هذا الحكم لا يفيد التملك ولا يغني عن حجة الاستحكام ولا يصلح في الاعتماد عليه في الإفراغ, وهذا متمم لما حكم به حيث إن بعض الخصوم قد يستغل مثل هذه الصكوك في التدليس على الغير على أنهم يملكون الأرض , ويمكن الاستئناس بما ورد في الفقرة 258/1 من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات لهذا الإجراء, ويلاحظ أن القاضي لم يجر على الدعوى مقتضى المادة 258 والتي تنص على أنه إذا حصلت خصومة على عقار ليس له حجة استحكام فعلى المحكمة أن تجري عليها إجراءات حجة الاستحكام أثناء نظر الدعوى, وقد يكون فضيلته يرى أن المادة في المخاصمة في الأرض والدعوى التي لديه ليس فيها خصومة أو أنه عمل بالفقرة الثانية من اللائحة والتي تجيز إنهاء الدعوى دون إجراءات الحجة في حال تطلب الأمر ذلك وهو الظاهر هنا, حيث إن الدعوى من الدعاوى المستعجلة حسب النظام والتي يلزم الفصل فيها بسرعة – وهو ما قامت به المحكمة حيث قيدت الدعوى في 1/7 وحكمت فيها المحكمة في 4/7 مع ملاحظة أن القاضي قد وقف على موضع النزاع -. ويلاحظ هنا أن المحكمة لم تضمن الحكم بالنفاذ المعجل كما هو نص المادة 199, كما لم تطبق على الحكم مقتضى المادة 198 بحيث تأمر بتنفيذه مع خضوعه للتمييز.
إنشرها