المدن الاقتصادية رهان مستقبلي للتنمية المستدامة السعودية

المدن الاقتصادية رهان مستقبلي للتنمية المستدامة السعودية

لا شك في أن إطلاق مشاريع المدن الاقتصادية في المملكة يعتبر واحدا من أهم الآليات العملية لتنفيذ أهداف الخطط والاستراتيجيات فيما يتعلق بالاستثمار، وذلك عبر أربعة محاور رئيسية هي: أولاً- تحقيق تنمية إقليمية متوازنة: حيث تهدف المدن الاقتصادية إلى الحد من الهجرة إلى المدن الرئيسية التي أدت إلى عدد من الإشكالات التخطيطية والعمرانية والاختلالات السكانية في تلك المدن، وإلى تسريع عجلة النمو الاقتصادي في المناطق الأقل نمواً، حيث تشير دراسة شاملة أعدتها شركة مكينزي العالمية بأنه من المتوقع أن يتضاعف ناتج الفرد داخل المدن الاقتصادية نحو ثلاثة أضعاف بحلول عام 2020 مقارنةً بناتج الفرد حالياً في المملكة. ثانياً- التنوع الاقتصادي: بما أن هذه المدن الاقتصادية ستنشئ صناعات وخدمات تنافسية جديدة في المملكة، فإن هذا سيؤدي إلى تقليل اعتماد اقتصاد المملكة على إيرادات النفط ، والعمل على تأسيس صناعات رئيسية في المدن الاقتصادية، تستطيع المملكة أن تصبح رائدة فيها على مستوى العالم. ثالثاً- توفير الوظائف في مختلف القطاعات: حيث أظهرت الدراسات أن كل وظيفة مقدمة في القطاعات الصناعية في المدن الاقتصادية، تؤدي إلى توفير خمس إلى سبع وظائف في صناعات خدمية مرتبطة بها، إضافةً إلى وظائف أخرى في المدينة، ونقوم الآن بالتنسيق مع المطورين بوضع خطة استراتيجية لتطوير الموارد البشرية الوطنية. رابعاً- تحديث البنية التحتية ونقل المعرفة: سوف يؤدي إطلاق المدن الاقتصادية إلى استقطاب الشركات العالمية في مختلف القطاعات مما سيسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا من هذه الشركات إلى القطاع الخاص السعودي، كما ستساهم المدن الاقتصادية في دعم شبكات البنية التحتية الوطنية مثل (المطارات، الموانئ، الطرق السريعة وخدمات الاتصالات) مما سيرفع من تنافسية المملكة إقليمياً وعالمياً. من جهتها تستهدي الهيئة العامة للاستثمار بأربعة مبادئ أساسية تنتهجها للإطلاق الناجح والفعال للمدن الاقتصادية وهي: المبدأ الأول: التأسيس بناء على ميزة التنافسية العالمية حيث يتم إنشاء كل مدينة اقتصادية حول تجمعات أو صناعات ذات مستوى تنافسي على مستوى العالم، وستكون في الأغلب صناعات مرتبطة بمجال الطاقة أو تنمية المعارف أو النقل والخدمات اللوجستية. المبدأ الثاني: توفير شبكة حديثة من تقنية المعلومات للاستفادة من تطبيقات التكنولوجيا الحديثة ذات الأثر الكبير على تنافسية هذه المدن والقطاعات الموجودة فيها على مستوى العالم. وقد تمت إقامة شراكة إستراتيجية بين الهيئة وشركة سيسكو سيستمر من جهة وبين هذه الشركة ومطوري عدد من المدن الاقتصادية من أجل تفعيل هذا المبدأ على أرض الواقع. المبدأ الثالث: التنفيذ عبر القطاع الخاص: يتم تنفيذ وتطوير مشاريع المدن من خلال المطورين من القطاع الخاص، حيث يتحمل المطور جميع تكاليف شراء الأرض وتأسيس كافة المرافق والبنية التحتية، وهذا سيؤدي إلى إنشاء المدن بشكل أسرع مما لو كانت تطور من قبل القطاع العام. أما المبدأ الرابع فهو: توفير بيئة استثمارية تنافسية: وستقوم الهيئة العامة للاستثمار بخدمة جميع المستثمرين في هذه المدن الاقتصادية والترخيص لهم من خلال مراكز خدمة شاملة تنفذ جميع الإجراءات الحكومية في أوقات قياسية مبنية على مقاييس عالمية، وتقوم الهيئة الآن بحصر الإجراءات الحكومية وتطويرها بتعاون تام مع جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة. ولعل كل ذلك يشكل في مجمله مسارا واتجاها في التفكير الاقتصادي طويل المدى ، والذي يراهن على التنمية المستدامة، والتي هي العمق الحقيقي لفكرة ومبدأ التنافسية المسؤولة التي تستهدف مصالح وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، والقطاعات الصناعية والتجارية الخاصة، والمجتمع المحلي، في الوقت نفسه. تجدر الإشارة إلى أن نجاح النموذج يكمن في تبني المعايير وتطبيقها وكيفية إدارتها.
إنشرها

أضف تعليق